ربما وضعت الحالة التي عاشها المزارعون بالقطاع المروي خاصة في مشروع الجزيرة الموسم الشتوي الماضي الذي بلغت مساحته أكثر من (415)ألف فدان قمح، في حالة توجس من قبل الدخول في الموسم الشتوي الحالي الذي لم يخل من تصريحات مبكرة للمسؤولين يجب أن تصبح مستنداً لحصادهم نهاية الموسم حول جاهزيتهم لتمويل الموسم الزراعي، خاصة الري الذي التزم بري مساحة تفوق مساحة الموسم السابق بأكثر من 50%.
وهذه الهواجس ترجمها المزارعون في لقاء إدارة البنك الزراعي حول انطلاقة تمويل الموسم الشتوي قبل أسبوعين، والذي أعلنت من خلاله إدارة البنك رصدها (50) مليار جنيه لتمويل الموسم الشتوي بكل المشروعات الزراعية على مستوى البلاد.
وكان من أبرز ما طرحه المزارعون قضية التأمين الزراعي الذي لم يعد منقذاً للكثير من المزارعين الذين تضرروا بسبب العطش أو الحريق بحسب طرحهم، ليصبح التأمين الزراعي واحدة من القضايا التي طرحت ضمن طاولة المشكلات التي واجهت مزارعي القمح بمشروع الجزيرة، داعين لتجاوز أخطاء الماضي التي تمثلت في عطش بعض الرقع الزراعية، الامر الذي خرجت بسببه مساحات مقدرة فاقت عشرين ألف فدان، من بينها أكثر من (12) ألف فدان في منطقة ري عبد الماجد وحدها، بالإضافة للمشكلات الأخرى التي واجهت عمليات الزراعة والحصاد أهمها شح وانعدام الوقود في بعض الأحيان، مما أدى للجوء البعض للحصول عليه من السوق الأسود، وذلك لعمليات الحصاد وترحيل المحصول من وإلى مراكز تجمعه في ما يعرف بـ (الشون)، وزادت من ذلك أزمة الخيش التي عالجها المزارعون باللجوء للسوق والبنك الزراعي بإدخال جوالات البلاستيك لأول مرة في عمليات تعبئة المحصول، مما ترتب عليه حدوث فاقد كبير فى المحصول بسبب عوامل الرياح ونوعية الحاصدات العاملة وامتناع البعض عن توريد إنتاجهم للمحفظة، بعد أن قضى بعضهم أياماً في العراء ينتظرون حصاد محصولهم وترحيله بسبب الإهمال والقصور الحكومي، مما قلص الكميات التي كان من المتوقع توريدها للبنك والمقدرة بأكثر من ستة ملايين جوال إلى ثلاثة ملايين جوال.
ولم يخف فضل الله عبد الله عبد الرزاق المزارع بقسم الهدى تفتيش سرحان، تضجره من سياسة البنك الزراعي التي اعتبرها مكرسة لذات سياسات الماضي بوضعها قائمة للشرف تستهدف من خلالها بعض الأفراد المقتدرين الذين يقومون بدفع مديونايتهم قمحاً. وذهب فضل الله إلى أن بعضاً من هذه الفئة يشترون القمح من المزارعين بأقل من سعر الإدارة، وبعضهم يقوم بتوريد القمح خصماً على مديونياته للآليات والتراكتورات التي استدانها من البنك، ورأى أن البنك يفترض أن يمول الفقير وليس كبار المزارعين، كاشفاً عن رهن بعض المزارعين عقاراتهم كي يحصلوا على كميات من السماد وبيعها في السوق، مشيراً للارتفاع الكبير في سعر الخيش في السوق الى (370) جنيهاً للجوال بالرغم من أن البنك الزراعي يعتبر المورد الأكبر لذلك. ولفت إلى أن ضعاف النفوس وسط المزارعین استغلوا الوضع الاقتصادي والأزمة الحالية لبيع الوقود.
ونبه لوجود أزمة حقيقية في الري وبطء في عمليات تطهير الترع ووجود كبارٍ مكسرة في بعض الترع مثل ترعة (مبروكة). واعتبر النعمان عباس جاد الله المزارع بقسم الحوش تفتيش الرميتاب، أن واحداً من أكبر هواجس الموسم الزراعي عدم تحديد السعر التركيزي، بالإضافة للرسوم العالية التي قررتها إدارة المشروع بـ (1500) جنيه للفدان التي جوبهت برفض واسع من قطاعات المزارعین. ولفت النعمان لعدم اكتمال التحضیر فی بعض الحواشات لوجود نقص فی حصة الجازولين. وأشار للبطء في عمليات الري وتطهير القنوات، متوقعاً ألا تصل المساحات الزراعية هذا الموسم إلى (300) ألف فدان رغم تعهد وزير الري بري (800) ألف فدان.
عودة الحرس القديم
بالرغم مما أثير من حديث حول إنهاء وظائف العاملين بمشروع الجزيرة عقب قانون 2005م الذي أضحى حمالة أوجه لكل الفشل الإداري بالمشروع، والذي فقد بسببه الكثير من الكوادر المؤهلة وخاصة في مشرفي الغيط والإرشاد الزراعي، إلا أن هناك بعض وظائف الذين أعلن عن إعادة أصحابها والذي أثير بأن زيادة رسوم الفدان لمقابلة عودة بعض العاملين، وبحسب المزارع النعمان عباس عثمان جاد الله فإن هناك عدم حاجة لبعض الوظائف، كما أنه لا توجد مكاتب لاستقبال هذا العدد الكبیر الذي لم یكن بحاجة لهم جميعاً، وإنما تنحصر الحاجة الفعلية في عدد محدود يكون لصيقاً بالزراعة بصورة مباشرة لضبط الغيط وإجراء المحددات الفنیة والقيام بالدور الإرشادي لمعالجة القصور الذي يحدث بين الحين والآخر.
كيانات متعددة
وشهدت الأيام الماضية العديد من الاحتجاجات في أوساط المزارعين من بينها النزاع القديم المتجدد حول قانون 2005م تعديل 2014م والذي أشار د. عمر مرزوق محافظ المشروع إلى سريانه ما لم يتم تغييره أو إجراء تعديل عليه من تجمع المزارعين الذي يضم بعض القيادات السابقة وأبدى اعتراضه للوالي عبر وقفة احتجاجية اخيراً كان أبرز نقاطها إلغاء الزيادات العالية على الرسوم والإبقاء على روابط المنتجين والعمل بقانون 2014م، وإن كانت الكيانات الزراعية تتنازع حول أيهما أحق بتبني رؤى وقضايا المزارعين، إلا أن الخلافات برزت بصورة واضحة داخل مكونات الحرية والتغيير وسط المزارعين حول لجنة التسيير وتشكيل مجلس الإدارة وتمدد صديق عبد الهادي رئيس مجلس الإدارة وتبنيه بعض القضايا التي لا تخدم الزراعة ولا قضية الإنتاج، والمأمول فيها من مجلس الإدارة وإدارة المشروع إعادة المدخلات عبر المشروع بدلاً من البنك الزراعي، وتوفير الوقود وضمان توزيعه بعدالة، والوقوف على عملية وصوله للمنتجين، وحل مشكلات بقية المدخلات الزراعية بما في ذلك الخيش نهاية الموسم الذي سيكون بعد شهرين من الآن.
المصدر: الانتباهة أون لاين