صحيفة ألمانية: الخرطوم ضحية لابتزاز واشنطن

تحت عنوان”ابتزاز من الولايات المتحدة”، رأى تقرير صحيفة فرايتاج الألمانية أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد استغلّ ضعف السودان وأجبر البلد الإفريقي على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لذا كان بمثابة كبش فداء لمصالح القوة العظمى. وسردت الصحيفة علاقة أمريكا بالسودان على النحو التالي:
منذ أن وصل الرئيس المخلوع عمر البشير إلى السلطة في انقلاب عام 1989، تم عزل السودان حرفيًا عن بقية العالم، حيث تعرّض البلد الإفريقي أولًا للحظر الاقتصادي، ثم تمّ تصنيفه على أنه بلد مُموّل للإرهاب ومن ثمّ إدانة البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

وأضافت الصحيفة قائلة: “لطالما تحدّث نجوم هوليوود وشبكة ضخمة من جماعات الضغط في الولايات المتحدة ضد أي تخفيف محتمل للإجراءات العقابية. وكان يُنظر إلى البشير على أنه النموذج الأولي للحاكم الأفريقي الذي كان راعياً لجرائم الإسلاميين.” وعندما سقط العام الماضي كان العالم أكثر اهتمامًا بالسودان أكثر من المعتاد.

وتبيّن أنّ الإطاحة بالبشير جاءت بثمن باهظ عندما قُتل عدة مئات في اشتباكات مع الجيش. وبرغم أنّ الاقتصاد كان على حافة الهاوية، ساد شعور في الشارع السوداني بأنّ الأمر يستحق المخاطرة الاقتصادية بشرط أن يُمنح السودانيين فرصة الديمقراطية والكرامة.

وتابع التقرير: “عندما أدركت الولايات المتحدة – التي يُفترض أنها المنقذ في أوقات الأزمات – نجاح الثورة السودانية، لم تُقرّر إعادة تأهيل البلاد على الفور، بل رأت أنه إذا أرادت الخرطوم شطبها من قائمة المتعاطفين مع الإرهاب، وإعادة دمجها في النظام المالي والتجاري الدولي، فسيكون هذا مقابل سعر تحدده واشنطن”.

وفي منتصف أكتوبر، أعلن دونالد ترامب عن دفع السودان تعويض 335 مليون دولار لهجمات إرهابية كان النظام القديم مسؤولاً عنها. وفي الوقت نفسه، شعرت الحكومة الانتقالية، التي كانت هشة للغاية بسبب البؤس الاقتصادي، بأنها مضطرة للاعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات الثنائية.

ومثل هذه الخطوة لم تحظَ بشعبية كبيرة لدى الشعب السوداني. ولذلك، تجد الحركة الديمقراطية السودانية صعوبة في تحمل هذا الخضوع الفاضح لبلد يجثو على ركبتيه ويكافح من أجل الحفاظ على حريته.

وأوضحت الصحيفة أنّ الحكومة السودانية تم تخييرها: “إما المخاطرة بالانهيار الاقتصادي وبالتالي تجدد قوة أنصار البشير أو قبول كل شروط الولايات المتحدة”.

وغرّد دونالد ترامب على تويتر قائلًا إنّ السودان “وافق على دفع 335 مليون دولار”، وتم الإعلان عن صفقة إقامة علاقات مع إسرائيل والتي أثارت غضبًا عارمًا في الخرطوم، وفي الواقع، لن تكون هناك علاقات تجارية سياسية أو ديناميكية واسعة النطاق مع إسرائيل، لكن بدلاً من ذلك، يتعلق الأمر بخلق ديناميكية في العالم العربي، بحيث تقنع أطراف فعالة أكثر أهمية بالسعي للاتصال بنيامين نتنياهو، على سبيل المثال المملكة العربية السعودية.

كبش فداء نموذجي
واستطردت الصحيفة: ”هذا يعني أن السودان ليس سوى كبش فداء، وتطبيعه الحديث مع إسرائيل حالة نموذجية يتستر وراءها الادعاء الأخلاقي بتطبيق قانون حقوق الإنسان، فلا يتعلق الأمر بتغيير النظام ولا بحماية الأشخاص الذين يعانون من الطغاة، بل يتعلق باجبار البلد على لعب دور الضحية لتعزيز مصالح أخرى”.

وتركز المصالح الأمريكية على استغلال الدول الفقيرة مثل السودان، والتي لها أهمية استراتيجية قليلة من أجل الصورة الذاتية، بالإضافة إلى الرغبة في تحويل الانتباه عن حلفاء الغرب مثل المملكة العربية السعودية، التي لم تكن قط في موضع الاتهام لدعم الإرهاب أو قمع المعارضة الداخلية، وهنا يجب التساؤل: من الذي حاول تحميل الرياض مسؤولية ترحيل أسامة بن لادن إلى دول أخرى لإحداث الفوضى هناك؟ أو من حملها مسئولية تصدير الإسلام الراديكالي؟… والإجابة على هذين السوالين بسيط للغاية: وهو أن سياسة السخط والعقوبات مقصورة فقط على المهمشين مثل السودان.

المصدر: الانتباهة أون لاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.