عــــقـــب تفاقم أزمته.. ميناء بورتسودان ..البحـــث عــــن منافذ بديلة

وسط رفض واسع من قبل مصدرين ومستوردين، راجت أخبار عن ترحيب ميناء مصوع  الإثيوبي وميناء العين السخنة المصري بأن يكونا بديلاً لميناء بورتسودان الذي يواجه ازمة تكدس البواخر لحركة الصادرات والواردات، فالبرغم من تأكيدات وزارة النقل والموانئ البحرية بانسياب حركة المناولة والتفريغ، الا ان ازمة التكدس بالميناء لم تبرح مكانها، وواجهت الموانئ البحرية مشكلات كبيرة خلال الفترة الماضية تشعبت ما بين المشكلات الفنية والإدارية والتقاطعات الكبيرة للاهمال الذي تعرضت له خلال الفترة الماضية، وتبدو أزمة الهيئة مركبة ما بين الخلافات الإدارية والقانونية إلى جانب مشكلات الشحن والتفريغ وانعدام المواعين الحافظة للمواد المصدرة، لا سيما بعد أن أصدرت اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية عدداً من القرارات في ما يخص ميناء بورتسودان، شملت تمويل صيانة الآليات والمعدات المعطلة وشراء معدات جديدة وبناء وتشييد كل الأرصفة لمرابط الميناء وتنفيذ النافذة الموحدة لكل المعاملات بالميناء، وصياغة القوانين والتشريعات واللوائح وإجراء عمليات الإصلاح الإداري وقانونية هيئة الموانئ البحرية، الا انه لاحت في الأفق مشكلة جديدة تعلقت بصدور قرار بإيقاف الصادر والوارد من وإلى الميناء.

وفي تعليقه على خطوة الشركات السودانية التي طالبت بفتح الموانئ في كل من جمهورية مصر العربية واريتريا، قال مدير الموانئ البحرية كابتن أونور آدم سلطان إن ميناء مصوع ذو مساحة صغيرة جداً وليس اقتصادياً، عكس ميناء بورتسودان الذي هو أساس الاقتصاد القومي ويرفد الخزانة العامة بالموارد المالية.

وشن في ذات الأثناء في حديثه مع (الإنتباهة) هجوماً عنيفاً على الجهات التي تسعى لتشويه سمعة الميناء على حد قوله، ووصفهم بأنهم عناصر من النظام البائد تسعى لعرقلة الاقتصاد وتدميره من خلال إطلاقها الشائعات الكاذبة حول الميناء.

مؤكداً عمل (7) كرينات من جملة (8) كرينات بموارد ذاتية ، مما أدى لارتفاع المناولة ما بين (1200 ــ 1500) حاوية في اليوم بدلاً من (700) حاوية في السابق.
وأكد أونور استمرار عجلة الإنتاج رغم الظروف السياسية وجائحة كورونا، وأردف قائلاً: (تشهد محطة الحاويات في الميناء الجنوبي استقراراً غير مسبوق في مناولة الحاويات خاصة الصادر.(
ناقوس الخطر

ويعاني ميناء بورتسودان من نقص في الآليات أدى إلى تدني معدلات سحب وتخليص الحاويات، وازدياد فترة بقاء الحاويات المتداولة الصادرة والواردة، بجانب زيادة زمن انتظار السفن الناتج عن نقص الآليات والترحيل إلى مناطق الكشف الجمركي، بالإضافة إلى ان مشكلة ترحيل الواردات إلى داخل البلاد جعلت شركات تحجم عن ميناء بورتسودان واللجوء الى خطوط اخرى، وهي خطوة جعلت الامين العام للغرفة القومية للمستوردين الصادق جلال الدين يشن هجوماً على الحكومة الاقتصادية، متهماً إياها بالتقاعس وعدم الاهتمام بملف الميناء، معلناً رفضه بشدة اي توجه للبحث عن موانئ بديلة، وحمل الحكومة الاقتصادية نتيجة تجاهلها حل مسألة الميناء، وأضاف قائلاً: (ما يحدث الآن بسبب سوء الإدارة، وكل هذه الاموال الطائلة يتحملها المواطن)، وشدد على ضرورة إيحاد حلول للخروج من النفق المظلم. وناشد جلال كافة عضوية الغرفة عدم التفكير في أية حلول بديلة في هذه الفترة، وقال: (لن سمح بذلك، ونحن كغرفة قومية للمستوردين ضد هذا الاتجاه وضد مسألة البحث عن موانئ بديلة في دول أجنبية للاستيراد من خلالها بدلاً من ميناء بورتسودان)، معتبراً ذلك غير مقبول، وقال الجلال في حديثه لـ (الانتباهة) أمس: (بالرغم من أن من يتحدثون عن هذا الاتجاه نعلم أنهم متضررون ضرراً كبيراً من سوء ادارة  الميناء، وإن الميناء لا توجد به اية إشكالية سوى تعطل بعض الآليات وبعض منها يعمل)، جازماً بأن مسألة الصيانة غير مستحيلة في ظل وجود كوادر مؤهلة جداً وقادرة على حل الإشكالات الموجودة في الميناء، وقال ان العاملين بالميناء يواجهون مشكلات كثيرة، ولا بد من الجلوس معهم وحل كافة اشكالاتهم سواء كانت مرتبات او غيرها.

وأضاف قائلاً: (ورغم هذا الوضع الحالي لو تم تشغيل الميناء بثلاث ورديات لمدة (٢٤) ساعة بالتأكيد يستطيع أن يرفع مستوى التفريغ الى ثلاثة اضعاف) .

ونبه إلى أن المستوردين يدقون ناقوس الخطر حال اتجاه الحكومة للاستيراد عبر موانئ بديلة، وقال: (لا بد أن تتنبه الدولة الى أنها تسعى في هذا الاتجاه لضياع البلاد، وعملية الاستيراد عبر ميناء بورتسودان مهمة جداً بحيث أنها تسطيع ان تدفع عملية الصادر)، واضاف أن الميناء حال تم العمل به بالصورة المطلوبة فإنه يحقق عوائد كبيرة جداً، وبالتالي سيكون قادراً على تطوير أدائه، مما يجعله في مصاف الموانئ العالمية.

ولفت جلال الى أن مشكلات الميناء جعلت المستورد يخسر من جانبين، ارتفاع التكاليف وايضاً من جانب معدل دوران البضاعة، لافتاً الى أن الخاسر الوحيد هو المواطن المغلوب على أمره، لجهة انه يتحمل كل هذه التكاليف التي تنعكس في تضاعف وغلاء الأسعار  .
واستدرك قائلاً: (لماذا يتحمل المواطن كل هذه الضربات من ارتفاع سعر الدولار وتدهور قيمة الجنيه السوداني؟)، وانتقد بشدة سوء الاداء.

كارثة في الميناء
اكد الخبير الاقتصادي بقوى الحرية والتغيير محمد نور كركساوي، أن هنالك كارثة تحدث في ميناء بورتسودان منذ بداية الثورة، وقال في حديثه لـ (الإنتباهة): (لقد جلسنا في لجنة معاش الناس مع وزير المالية السابق ابراهيم احمد البدوي، وتم تكوين لجنة برئاسة د. هبة الوزير المكلف الحالية التي قامت بزيارة ميناء بورتسودان مع وفد من وزارة البنى التحتية والنقل، حيث افادوا بأن عدداً كبيراً من الكرينات ــ اي الرافعات ــ بالمنياء معطلة، مع أعطال فنية أخرى تسببت في تكدس البضائع، والحاجة وقتها كانت لحوالى (٨٥) مليون دولار، اما التحديث على المدى المتوسط فيحتاج إلى حوالى (٢٥٠) مليون دولار، الى ان تكونت لجنة الطوارئ العليا التي قامت بدورها بحل مشكلات الميناء العاجلة، ولكن لا ندري ماذا حدث بعد ذلك من تطورات، خاصة أن منطقة شرق السودان بها تجاذبات عرقية حادة أثرت في الاستقرار في هذا الجزء من البلاد، اضافة الى أن هنالك أطماعاً محلية وإقليمية من مصلحتها العمل على تعطيل ميناء بورتسودان)، وأضاف قائلاً: (حال نظرنا إلى مشروع الميناء فإننا نجد انه مورد اقتصادي قومي يمكنه حل أزمة البلاد الاقتصادية التي يمر بها الآن)، مشدداً على ضرورة النظر للميناء من ناحية موقعه الجغرافي، فهو يمتد من حدود دولة إريتريا جنوباً إلى حدود دولة مصر شمالاً، ويطل على ساحل البحر الأحمر، مما يعني انه من الممكن  قيام عدة موانئ متخصصة بسعات كبيرة لجلب ناقلات البترول والبضائع العالمية الضخمة بإعداد كبيرة، علاوة على قيام مدن سياحية وصناعية متخصصة في مدخلات الأجهزة الإلكترونية المطلوبة عالمياً.

وجزم كركساوي بأن هذه المشروعات ذات عائد مادي ضخم بالعملات الحرة، ولا يكلف إنشاؤها شيئاً سوى عقود طويلة المدى بما يسمى BOT, أو PPT.

بين نارين
وجزم عضو مجلس إدارتي الغرفة التجارية والمصدرين محمد سليمان، بأن الوضع الحالي للمصدرين بين نارين، فإنه ينذر بفشل الموسم ونقل الصادر لموانئ بديلة، واعتبر القرار في حد ذاته غير مرحب به وغير موفق وفي غاية الصعوبة، واستنجد بالحكومة لضرورة التدخل العاجل لحل المشكلة التي أكد أنها بيدها، لجهة ان الميناء مرفق خدمي، كاشفاً في حديثة لـ (الإنتباهة) أمس عن وجود إشكالات بين شركات الملاحة وهيئة الموانئ، وأضاف قائلاً: (هذه معضلة كبيرة لعدم وجود توافق بينهما لتقديم الخدمات)، مؤكداً أن الموقف ليس سهلاً ولا بد من التجرد من المواقف الشخصية والتفكير في مصلحة البلاد، واصفاً الميناء بأنه رئة الاقتصاد الذي يعتمد على الصادرات والواردات لجلب العملة الصعبة.

واماط اللثام عن شركات الملاحة قائلاً انها تمارس عليها ضغوطات يومياً من الشركات الام للانسحاب من الميناء، مؤكداً أنها حقيقة لا يستطيع احد إنكارها، وأردف قائلاً: (في هذه الحال فإن المصدرين ليس لهم خيار سواء  الموانئ البديلة)، وقال: (ليس تفاخر ولكن فقط للمحافظة على عملية التصدير وجلب العملة الصعبة)، وأضاف أن الصادرات السودانية مرتبطة بمواسم محددة، وبالتالي اي اتجاه آخر يهدد بفشل الموسم.

المصدر: الانتباهة أون لاين

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.