عائلة فلسطينية تسكن مقبرة منذ 40 عاماً

منذ أكثر من 40 عاماً تعيش المسنة أم عبدالله الغربي (60 عاماً) رفقة أبنائها وأحفادها داخل مقبرة الشيخ شعبان، الواقعة وسط مدينة غزة، وفي أكثر الأماكن حيوية.

جدار واحد هو الفاصل بين الحياة الاعتيادية للمواطنين الفلسطينيين في مدينة غزة وبين حياة الأموات والقبور داخل هذه المقبرة، وأسرة فلسطينية تعيش داخل المقبرة، وتتخذ من هذا المكان بيتاً لها، ومن زوارها مصدر رزق، ومن شواهد القبور منشراً لملابسها المغسولة.

مأساة هذه الأسرة تفوق الخيال، حيث بدأت قصتها تنسج خيوطها بعد نزوح والدهم من بلدتهم الأصلية المجدل، وصولاً لغزة كباقي آلاف اللاجئين الفلسطينيين، ولم يجد مكاناً يلجأ إليه إلا المقبرة، وبدأ الاستقرار بداخلها بغرفة واحدة فاثنتان فثلاث، وكبرت الأسرة من زوجين إلى 17 فرداً.

وداخل هذه الغرفة المبنية من الصفيح (ألواح الحديد – الزينكو) توجد شبه حياة لمواطنين عاديين ولدوا وتعايشوا وتكاثروا داخل المقبرة، ولكن بدلاً من أن يفتتح أطفالهم حياتهم بذكريات جميلة وألعاب وأماكن ترفيهية، وجدوا نفسهم داخل منزل لا يصلح للعيش، وبين شواهد القبور يبحثون عن رزقهم ورزق عائلاتهم من زائري المقبرة لقراءة الفاتحة على أرواح أقاربهم.

ولم تفلح المؤسسات والدوائر الرسمية كالأوقاف والبلدية في إخراج هذه الأسرة من داخل المقبرة، لعدم وجود بديل للأسرة بعد طردهم من المقبرة.

أم عبدالله، هي رب الأسرة بعد وفاة زوجها قبل عدة أشهر، ودفنه اضطرارياً أمام باب منزلهم، تجلس كل يوم أمام باب منزلها بجانب قبر زوجها وبين القبور وشواهدها، تحاول الحصول على دفء شمس الصباح، بعدما تلسع ألواح الحديد جسدها وأجساد أحفادها من البرد القارس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.