بعد أن نجحت القوات المسلحة في تحريرها للمناطق المحتلة من قبل مليشيات إثيوبية مدعومة في الطريق نحو منطقة الفشقة المحتلة منذ خمسة وعشرين عاماً، واستعادة السودان تلك الأراضي التي كانت قد اغتصبتها المليشيات الاثيوبية وتقوم بزراعتها مستفيدة من خيراتها، بل كانت تشن العديد من الهجمات على المزارعين السودانيين لاجبارهم على ترك أراضيهم ومن ثم الاستيلاء عليها .
ويبدو أن تلك الانتصارات وذلك التحول الكبير الذي طرأ على خارطة المنطقة بعودتها لوضعها الطبيعي، حاولت الحكومة الاثيوبية ان تبيّض وجهها امام شعبها سيما إزاء قبيلة الأمهرا التي ظلت تسيطر على تلك الأراضي الخصبة وتغتصب خيراتها ردحاً من الزمان.
فقد نقلت الأنباء وفق ( سودان تربيون) أن حالة من الهدوء الحذر تسود الشريط الحدودي بين السودان واثيوبيا في حين واصلت القوات الاثيوبية حشد مزيد من الجند والعتاد على طول المناطق المحاذية للسودان من جهة إقليم الامهرا.
وأفادت مصادر عسكرية موثوقة “لسودان تربيون” أن الطيران الاثيوبي نفذ طلعات جوية ومناورات عسكرية في مناطق” حدي” و”وار ماجو” و”ودي نور” في اقليم الامهرا المحاذي لولاية القضارف بطول 168 كيلومتراً.
وقالت إن حالة من الترقب الحذر تسود المنطقة مع استمرار التعزيزات العسكرية الاثيوبية بعد انتشار وعودة القوات التي كانت متمركزة شرق منطقة “ود كولي” عقب مشاركتها في حرب التقراي التي اندلعت مطلع الشهر الماضي.
وتضم تلك القوات قوميات الامهرا والقجام والولاغيت حيث أعيد نشرها في أعقاب تمركز الجيش السوداني مؤخراً.
بينما وصل رئيس حركة العدل والمساواة السودانية جبريل إبراهيم أول أمس الجمعة الى الخطوط الأمامية التي يتمركز فيها الجيش السوداني بمناطق “ود عاروض” و”ابوطيور” و”ود كولي” وقام بمخاطبة الجنود في الميدان، وفي الأثناء استمرت عمليات التعبئة والاستنفار واسناد القوات المسلحة السودانية لمعركة استرداد الفشقة حيث انتظمت نفرة كبرى منطقة القلابات الشرقية قدم فيها المواطنون الدعم المادي والقوافل للواء السادس مشاة بدوكة.
وتشير الأنباء إلى أن الأئمة بدأوا في حث المواطنين على دعم القوات المسلحة وفي هذا الاطار دعا إمام وخطيب المسجد العتيق بدوكة الشيخ محمد حامد المصلين إلى الانخراط في صفوف الجهاد والشهادة دفاعاً عن الوطن مشيداً بتضحيات ومجاهدات القوات المسلحة وثباتها في معارك استرداد الفشقة والعمل على ارجاعها إلى حضن الوطن بعد غياب تجاوز العقدين من الزمان .
نذر مواجهة أم استعراض قوة
يرى بعض المراقبين أن الحشود الإثيوبية واجراء مناورات عسكرية على الحدود تمثل نذر مواجهة بين البلدين بيد ان أكثر المتابعين لتداعيات الأحداث وتقاطعاتها المختلفة يرى أن دولة اثيوبيا ليست مستعدة حالياً لخوض حرب مع السودان أو أي دولة من دول الجوار وهي خارجة من مواجهات عسكرية دامية مع قوات قومية التقراي الاثيوبية وما خلفته من تكلفة مالية باهظة وخسائر كبيرة في الأرواح، فضلاً عن أن اثيوبيا تدرك ان مواجهة السودان ليست كمواجهة مليشيات محدودة العدة والعتاد والتدريب ، كما أنها تخشى في حال تورطها مع السودان في مواجهة عسكرية أن تقوم مصر بدعم السودان والتي تعتبرها اثيوبيا خصماً لها خاصة في اطار صراعها الدبلوماسي والسياسي معها مؤخراً ، ربما تخشى أيضاً أن تستغل مصر الصراع العسكري مع السودان باستخدام الورقة الأخيرة في نزاعها مع إثيوبيا حول سد النهضة بضرب السد في خضم الصراع الملتهب ، كما ألمح الرئيس الأمريكي ترامب قبل عدة اشهر عندما أشار إلى امكانية توجيه مصر ضربة جوية لهدم سد النهضة بعدما أظهرت اثيوبيا تعنتاً في المفاوضات التي رعتها امريكا مع الدول الثلاث السودان ومصر واثيوبيا ، كما تخشى إثيوبيا كذلك أن يقوم السودان بدعم قوات التقراي ضدها في حال الدخول في مواجهة مباشرة مع السودان .
لكل تلك الاسباب من المرجح أن لا تلجأ اثيوبيا إلى الحل العسكري الشامل مع السودان ، لكن ربما ستلجأ إلى تقديم دعم لوجستي كبير يشمل السلاح والمال والرجال لقوات الأمهرا والمليشيات الأخرى لاعاقة إكمال مهمة الجيش السوداني في تحرير اراضيه المغتصبة .
المصدر: الانتباهة أون لاين