لا أزال أذكر كيف نصب الشيوعيون سرادق للعزاء بعد بضع ساعات من استشهاد طالب الجامعة الأهلية قبل نحو سبع سنوات ، وأخذوا يستقبلون المعزين وكأنهم هم أهل الميت بالرغم من أن الطالب لا علاقة له بهم سواءً من الناحية الفكرية أو بصلة الدم ..المدهش والمثير مما دعاني للتذكير بتلك الواقعة المضحكة أن أبا الشهيد كان جالساً في ركن قصي من صيوان العزاء لا يحفل به أحد ، واضعاً كفه على خده (ممحن) وينظر باستغراب إلى أولئك الغرباء الذين سطوا على العزاء وفرضوا أنفسهم عليه، (شيلاً) للفاتحة وتصريحاً للفضائيات والإعلام وهو صامت وكأن على رأسه الطير!
ذلك دأبهم طوال عمرهم في تسييس وإختطاف كل ما يقع تحت أيديهم وفي إقصاء للآخرين كما حدث في ميدان الإعتصام الذي تنمر شبابهم فيه على من جاؤوا يؤازرونهم بل من مكثوا في سجون الإنقاذ أكثر منهم ، فأبعد د.الجزولي الحبيس اليوم في سجونهم دون جريرة وخطيب ميدان الإعتصام د.مهران ماهر وضرب مبارك الفاضل ومنع الإمام الصادق المهدي من مجرد الحضور إلى ميدان الإعتصام!
لن استفيض في ذكر الأمثلة لكني أقول إنه دأبهم في الميكافيلية والإنتهازية التي خربوا بها العمل السياسي في السودان منذ ما قبل الاستقلال! أقول ذلك بين يدي استشهاد قتيل الكلاكلة بهاء نوري الذي ركبوا صهوته ليستغلوه أبشع استغلال ويوظفوه لخدمة أجندتهم السياسية بعد فشل موكب التاسع عشر من ديسمبر الماضي.. أنها فرصة لا تعوض بثمن جاءتهم تجرجر أذيالها بعد أن يئسوا ، فأحيت فيهم أملاً جديداً بركوب الشارع من جديد بعد أن ركلهم بالأقدام.
ذات ما فعلوه بشهيد الجامعة الأهلية يكررونه اليوم مع واقعة الشهيد بهاء نوري!
لا خلاف في أن الإدانة المدوية لقوات الدعم السريع ينبغي أن تحد من سلطة تلك القوات ، لكني أقول إن حادث استشهاد نوري تزامن مع الحرب التي أنفجرت في شرقنا الحبيب وكان ينبغي أن لا يشغلنا استشهاد نوري عن التفاعل مع ما يحدث في شرقنا الحبيب من حرب يخشى أن تتصاعد وتشكل خطراً على أمننا القومي ، بمعنى أنه ينبغي أن يتم التفاعل مع الحادثين .. حرب الحدود الشرقية واستشهاد بهاء نوري ، وكل حادث ينبغي أن يمضي بمساره لتحقيق مطلوباته.
بدلاً من أن يتفاعل الحزب الشيوعي وقوى اليسار وبنو علمان مع القضية التي تهدد أمننا القومي أختاروا ذات الأسلوب القذر بالإصطياد في الماء العكر وأنشغلوا بالمتاجرة بدم شهيد الكلاكلة لتحقيق أجندتهم الرخيصة.
لا خلاف أن المسؤولية تقع على عاتق الدعم السريع الذي أقر بالحادث المأساوي فبالله عليكم ماهي الأسباب التي تجعل الحزب الشيوعي وواجهاته مثل تجمع المهنيين وبعض لجان المقاومة التي يسيطر عليها تركب الموجة لتطلب أشياءً لا علاقة لها باستشهاد بهاء نوري أو بجريرة الدعم السريع؟!
ذات الأسلوب الذي أختطفوا به الثورة وأحالوها إلى حراك سياسي بعد أن كانت حراكاً مطلبياً إندلع في عطبرة والقضارف والدمازين!
هل سمعتم قرائي بأن تجمع المهنيين (الشيوعي) أمهل المكون العسكري اسبوعين للكشف عن خطة لإصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية؟؟
وماذا إذا لم ينفذ المكون العسكري طلباتكم أيها الشيوعيون ، وكم هو عددكم لتهددوا وتتوعدوا من بيدهم السلاح ، ثم هل هذا وقت التهديد والوعيد وقواتنا المسلحة تقاتل في حدودنا الشرقية لتحرير الأرض المغتصبة؟!
بدلاً من أن يحشد شبابه للتوجه لميادين القتال في حدودنا الشرقية يهدد الحزب الشيوعي القوات المسلحة ويتوعد ..ذات ما ظل يفعل وهو يحرض شبابه ليهتفوا ويفتُوا في عضد القوات المسلحة : (معليش معليش ما عندنا جيش)!
بدلاً من أن يقصروا مطالبهم على مطلوبات تتعلق بالدعم السريع يضغط الشيوعيون على الأجهزة الأمنية والعسكرية مستغلين حالة الغضب الناشئة مما حدث لبهاء نوري ليركبوا ظهر ذلك الحراك ، ليس لإصلاح الدعم السريع ، إنما لإصلاح الجيش الذي لن يهدأ لهم بال ما لم (يتفرتق طوبة طوبة) كما قال أحد رويبضاتهم ذات يوم!
المصدر : الانتباهة