لا أحد ينكر وجود كورونا في السودان،ولا حتي المواطنين وأصحاب المهن في الأسواق-ينكرون وجود هذا الوباء،ولكن عندما سمعت نبأ إغلاق الأسواق العمومية بولاية الجزيرة،ظننت أن هنالك نوعا جديدا مطوّرا أو محوّرا من هذا (الفيروس)اللعين، غير الذي ضرب السودان مؤخراً،وحديثي هذا ليس استهتارا مني بالمرض،ولا تقليلا من شأن ودور وزارة الصحة ولجنة الطوارئ الصحية بولاية الجزيرة ، فيما تتخذه من إجراءات مناسبة لمحاصرة و مكافحة هذا المرض،فالمرض خطير ولكن الأخطر منه الجوع..(الجوع كافر)وقاتله الله،ربما ينجو الإنسان من هذا المرض ، ولكن بكل تأكيد لن ينجو من الجوع،نسبة احتمالية النجاة من الموت بهذا المرض كبيرة،ولكن نسبة النجاة من الموت بسبب الجوع صفراً.والموت قطعا لا مفر أيا كان(أينما تكونوايدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة..).
ولهذا السبب لم تلجأ الدولة إلى الإغلاق و الحظر مجددا، واظنها بعدما ندمت و(سفت التراب)علی الحظر وإغلاق البلاد السابق وما ترتب عليه من آثار سلبية تلاحق الدولة إلي الآن ، وأخيرا فضلت الدولة خيار التعايش مع هذا المرض ،كما فعلت الكثير من بلدان العالم ، وهو الخيار الأصح و أفضل الخيارات المتاحة، ولأن لا يعرف تاريخ فترة انتهاء هذا المرض ، وربما يلبث ويستمر عاما أو عامين ، وربما أكثر من ذلك ، وطالما أن هذا المرض فترة نهايته وزواله في رحم الغيب ، كيف لدول العالم تستطيع أن تعيش في دوامة الحظر؟وكيف لدول العالم تستطيع أن تضمن سلامة اقتصاداتها من الانهيار والآثار السلبية في حالة الحظر المستمر؟.
التعايش مع المرض مع مراعاة الاحترازات و الضوابط الصحية الصارمة هي الحل الأمثل ، لاستمرار عجلة الحياة في ظل جائحة كورونا.حتي وزير الصحة الاتحادي أسامة أحمد عبد الرحيم ذكر قبل فترة في مؤتمر صحفي له أن وزارته لم تلجأ إلى الحظر و الإغلاق،نسبة للآثار السلبية التي تركها الحظر السابق ، وما سببه من آثار إقتصادية للدولة ، وكذلك ألقى بظلاله علی كل شرائح المجتمع، وبالأخص الضعيفة منها، وخلق وسبب أزمات اقتصادية خانقة جدا طوقت عنق المواطن الغلبان ولم ينفك منها إلى الآن.
ولكن استغربت أيما استغراب-وغيري كثر-الذين الجمتهم الدهشة من قرار والي الجزيرة القاضي بإغلاق الأسواق العمومية في الولاية ، وأتساءل:هل الوالي يدري بحال مواطني ولايته،والوضع الإقتصادي العام في السودان؟ومصدر استغرابي هل والي ولاية الجزيرة عبد الله إدريس يعلم أن هذه الأسواق تقتات منها عائلات وأسر، ورب الأسرة فيها يعمل ويعيش أسرته رزق اليوم باليوم، بل أصبح عمل ورزق اليوم بأكمله لا يغطي الحد الأدنى من مستلزمات وحوائج الأسرة الواحدة ، ويلجأ إلى الاستدانة؟
ثانيا:هل تستطيع ولاية الجزيرة الصرف علی كل العاملين في الأسواق في حالة الإغلاق؟
وثالثة الاثافي من أين استند والي ولاية الجزيرة أو لجنة الطوارئ الصحية بالولاية، علی قرار قفل الأسواق،إذا كان وزير الصحة الاتحادي أو لجنة الطوارئ الصحية المركزية لم تصدر توصيات بإغلاق أسواق ولاية الجزيرة ، فمن أين أت الوالي بهذا القرار؟وإذا قارنا الإصابات في الجزيرة لا تساوي(عُشر) الإصابات في ولاية الخرطوم التي لا تزال أبوابها مفتوحة مع العالم أجمع.
القرار اتخذ من غير دراسة وهنالك الكثير من الملاحظات عليه، أولا لم يراع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للشرائح الضعيفة التي رزقها مربوط بالأسواق، وثانيا لم تذهب ولاية الجزيرة علی نسق ولاية الخرطوم ، بالتعايش مع المرض،كما تعايشت معه بقية ولايات السودان والعالم أجمع.
المصدر: صحيفة السوداني