حذر اقتصاديون من مغبة تنفيذ تعويم الجنيه ورهنوا الخطوة بوجود احتياطي كبير من العملات الصعبة لدى بنك السودان، في ظل تواصل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلاد، مؤكدين أن المشهد الاقتصادي الحالي ينذر بكارثة حقيقية للارتفاع الكبير في معدلات التضخم التي وصلت إلى 350% وارتفاع معدلات الفقر التي تجاوزت الـ 60% والبطالة التي قاقت 40% وغيرها من المشاكل التي تعجز الحكومة عن حلها.
السفير البريطاني عرفان صديق قبل مغادرته قدم عدداً من المقترحات للاصلاح الاقتصادي مثل تعويم العملة هو الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد. وترفض حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك تعويم الجنيه، رغمًا عن تنفيذها حزمة إصلاحات اقتصادية مثل رفع الدعم عن الوقود والكهرباء وتخفيض قيمة العملة الوطنية، وهي إصلاحات يراقبها صندوق النقد الدولي.
ومن جانبه قال عضو اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير كمال كرار إن تجريب المجرب تحيط به الندامة وأن تعويم الجنيه السوداني أو رفع الدعم هي سياسة اقتصادية فاشلة منذ السبعينيات، وأية نظرية جربتها الحكومة الانتقالية خلقت أزمة وضائقة معيشية للمواطن البسيط، موضحاً أن سياسات البنك وصندوق النقد الدوليين غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع لأنها سياسات ضرر للفقراء لصالح الأغنياء متهماً الحكومة بالتعامل مع السوق الأسود بشراء العملة الأجنبية. وقال إن الحكومة بدأت في تنفيذ تعويم الجنيه دون الإعلان عنه مما أسهم في الارتفاع الكبير للسلع الاستهلاكية. وأضاف أن الجنيه السوداني رمز السيادة لذلك لا بد من تعظيمه وليس إذلاله، وقال إن الحكومة الحالية أجرمت في حق الثورة أولاً ثم الوطن ثانياً، وساقوا الاقتصاد إلى وجهات تعدم الثورة وربط الاقتصاد بمصالح دول ولم ينظروا له بنظرة وطنية وحل المشكلات الحقيقية التي أدت إلى خروج المواطن للإطاحة بالنظام البائد، وأن تعويم الجنيه سوف يقضي على ما تبقى من الاقتصاد السوداني .
ومن جهته وصف الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة المغتربين د. محمد الناير الخطوة بالانتحارية وقال إذا أقبلت الدولة على تنفيذ خطوة تعويم الجنيه سوف يكون قراراً كارثياً ومشكلة تزيد من تعقيدات المشهد الاقتصادي المأزوم. وأضاف لا يمكن تنفيذها ما لم تتحكم الحكومة على احتياطي نقدي من العملات الأجنبية (دولار, يورو, استرليني, ين، اليوان الصيني) تتراوح ما بين 4 إلى 5 مليارات دولار أو احتياطي من الذهب، لافتاً إلى أنها سوف تقفز بأسعار الدولار في السوق إلى 400 جنيه أو 500 جنيه لافتاً إلى تلميحات المسؤولين في لقاءات إعلامية بطرح فكرة تعويم الجنيه، وأنها خطوة لا تؤثر على المواطن إذا تم تطبيقها، ولكن إنها مشكلة كبيرة تزيد من معاناة المواطنين لافتاً إلى أنها إحدى روشتات البنك الدولي.
وفي ذات السياق حذر الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي من عواقب وخيمة لتعويم الجنية السوداني وقال إن ما دعا إليه السفير البرطاني بأن الحل للأزمة الاقتصادية الحالية تعويم الجنيه، هي آخر روشتة ومخطط لتفتيت السودان (القشة التي تقصم ظهر البعير). وفي الفترة الماضية وصلت نسبة التضخم إلى 350% نتيجة للقرارات الخاطئة التي انتهجتها الحكومة جراء رفع الدعم، لافتاً إلى أن السودان يأتي في المرتبة الثالثة دولياً من حيث ارتفاع التضخم. وقال إن نفس الوزراء الذين أوصلوا التضخم في زمبابوي إلى 450% هم القائمون على أمر الاقتصاد حالياً وينفذون روشة البنك وصندوق النقد الدوليين. وقال إن تعويم الجنيه يحتاج إلى حصيلة نقد أجنبي كافية من العملات في البنك المركزي لمنع صعود العملات الأجنبية الأخرى. وفي ظل الظروف الحالية لا يمكن للبنك المركزي بناء احتياطي من النقد الأجنبي. وقال إن الذين يقدمون الحلول للخروج من الأزمة الاقتصادية ليسو خبراء اقتصاديين بل هم دبلوماسيون ينفذون المخططات المرسومة لانهيار السودان، بمساعدة عملاء محليين ينفذون الروشتة التي ترفضها الحاضنة السياسية (تجمع المهنيين)، لكنهم أقوى منها وما يقومون به جريمة في حق الشعب السوداني.
المصدر: صحيفة الصيحة