السودان.. تشكيل حكومي مأزوم وانهيار اقتصادي وشيك

تتجه انظار الشارع السوداني نحو التشكيل الجديد للحكومة الانتقالية المتوقع إعلانه الخميس، في ظل انقسامات كبيرة تشهدها الساحة السياسية السودانية، وتحديات أمنية جدية وأوضاع اقتصادية متردية للغاية أججت مخاوف بحدوث انهيار وشيك بعد أن هوت العملة السودانية بنحو 70% نحو 3 أسابيع.

وعلى الرغم من تأكيد المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير – الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية- استكمال قائمة مرشحيه لشغل الحقائب السبعة عشر المخصصة له، إلا أن هنالك اتهامات بالإقصاء وخلافات كبيرة حول القائمة وطريقة اختيارها، ما دعا تجمع القوى المدنية للانسحاب مؤخرا لينضم إلى الحزب الشيوعي الذي انسحب في وقت سابق.

وكان حزب الأمة القومي قد أثار أيضا شكوكا حول مشاركته، لكن التجاني أبو سن مساعد الأمين العام لحزب الأمة أكد لموقع سكاي نيوز عربية أن حزبهم قدم مرشحيه لشغل 4 من حقائب قوى الحرية والتغيير، وقال إنهم واثقون من الانتهاء من تشكيل الحكومة في الوقت المحدد.

وأشار أبو سن إلى أن لحزب الامة برنامج معلن سيتم الالتزام به في إطار الجهود الرامية لإنجاح الفترة الانتقالية.

رفض المحاصصات

بسبب نهج المحاصصات الحزبية المتبع في تشكيل الحكومة الجديدة، تدور مخاوف كبيرة في الشارع السوداني من عدم قدرتها على مواجهة التحديات الحقيقية التي تواجهها البلاد والتي تهدد مجمل عملية التحول الديمقراطي التي انخرطت فيها البلاد في أعقاب سقوط نظام البشير في ابريل 2019 والذي ترك إرثا ثقيلا تتجلى أبرز ملامحه في الأزمات الامنية والاقتصادية الكبيرة التي تواجه البلاد.

وفي هذا السياق، يقول عبد مختار استاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية لموقع “سكاي نيوز عربية” إن من الصعب توقع نجاح الحكومة الجديدة في ظل عدم الاتعاظ من أخطاء الفترة الماضية والوقوع مرة أخرى في فخ الركض وراء الكراسي دون مراعاة المصلحة الوطنية.

ويتوقع مختار أن يرى الشارع السوداني حكومة متشاكسة بسبب طبيعة مكوناتها واختلافاتها الآيديولوجية والسياسية. ويرى مختار أن الظرف الحالي الذي تمر به البلاد كان يحتم التوصل إلى توافقات منطقية ومهنية تبتعد تماما عن المحاصصات والتكالب على تقاسم السلطة، لأن طبيعة المرحلة تتطلب تشكيل حكومة كفاءات مستقله.

ويعيب مختار على الحكومة الجديدة المتوقعة وسابقتها عدم وضع برنامج محدد للأولويات والسياسات، ويضيف “من الغريب أن نتحدث بعد كل هذا الوقت الذي أعقب سقوط النظام البائد عن برامج كان ينبغي وضعها قبل فترة زمنية كافية”.

التحدي الاقتصادي

يرى محمد شيخون القيادي في قوى الحرية والتغيير وعضو اللجنة الاقتصادية أن الاختبار الحقيقي للحكومة المقبلة سيتمثل في مدى قدرتها على تنفيذ برنامج اقتصادي يستند إلى المبادئ المتفق عليها في البرنامج الذي قدمته اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير والذي لم تلتزم به الحكومة السابقة.

ويقول شيخون لموقع “سكاي نيوز عربية” إن البرنامج يركز على البدائل الوطنية والاعتماد على الذات وعدم الرضوخ لضغوط المؤسسات المالية الدولية التي تثقل كاهل المستهلك البسيط والمضي قدما في اتجاه تطبيق سياسة مالية تتضمن امتصاص الكتلة النقدية الزائدة والتي تشكل عبئا اقتصاديا كبيرا وذلك من خلال تغيير العملة ووضع سياسة نقدية محددة لتحسين سعر الصرف، وبالتالي خفض معدلات التضخم الذي يتخطى المعدلات المعلنة والبالغة 270 في المئة ليصل في بعض المناطق إلى ما يقارب 500 في المئة.

ومن بين الجوانب الأخرى المهمة التي تضمنها البرنامج منع التجنيب ودخول الدولة كطرف رئيسي في تصدير السلع الأساسية وعلى راسها الذهب والمنتجات الزراعية والحيوانية.

ووفقا لشيخون فإن عدم التزام الحكومة بهذا البرنامج كان سببا رئيسيا في تفاقم الأزمة الحالية لذلك إذا سارت الحكومة المرتقبة في نفس النهج السابق فإن الازمة المعيشية والاقتصادية ستتفاقم أكثر.

سكاي نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.