مذكرة لبايدن عن السودان.. (حتى لا ينسى) ..!!

بعد أيام من استلام الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، مقاليد الحكومة رسمياً في واشنطن، سارعت مجموعات تضم منظمات وشخصيات دولية وأمريكية وسودانية، إلى وضع مذكرة أمام الرجل، تحوي جملة مطالب تجاه السودان «الجريح»، وركزت المطالب دعم الحكومة الانتقالية وتعيين سفير للولايات المتحدة الأمريكية ومبعوث رئاسي خاص للسودان، إضافة إلى مساعدة الحكومة في تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام كاملا، ودعم العدالة الانتقالية وعودة اللاجئين والنازحين داخليًا، وتعزيز المؤسسات والمجتمع المدني، ودعم السودان في الاستعداد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وضمت المذكرة أكثر من 125شخصية، بعضها ذات تأثير كبير في السياسة الداخلية الأمريكية، بينهم أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين السابقين والمبعوث الأمريكي السابق للسودان «اندرو ناتسيوس» ورئيس بعثة الأمم المتحدة الاسبق في السودان «موكيش كابيلا».
ويعتقد البعض ان مثل هذه المذكرات، ليست ذات جدوى، من واقع ان أمريكا دولة مؤسسات، يمضي فيها القرار وفقا لخطة متسلسلة تقوم على معطيات محددة، لكنها فيما يبدو ضرورية لتذكير الإدارة الجديدة بوضعية السودان، من واقع ان إدارة بايدن ستنشغل ربما لأشهر مقبلة بملفات أكثر  اهمية من السودان، مما سينعكس الأمر على الخرطوم التي تقف مكتوفة الأيدي حيال أزمة اقتصادية طاحنة تحتاج إلى إنقاذ سريع، وبالتالي فان مثل هذه المذكرات ستلفت رؤية متخذ القرار الأمريكي إلى ملف السودان وقد تعجل به، خاصة وان الإدارة السابقة تركت بعض الملفات عالقة وبحاجة إلى مراجعة، وهو  ما حاولت المذكرة الإشارة اليه عندما ذكرت بايدن أنّ السودانيين أنجزوا ثورة سلمية أذهلت العالم وأطاحوا بدكتاتورية البشير بكلفة باهظة وبمشاركة متميزة من الشباب والنساء وانهم يستحقون كل دعم ومساندة خاصة في ظرف ينشط فيه أنصار النظام السابق من أعضاء المؤتمر الوطني المحلول وغيرهم بشكل كبير في جميع أنحاء السودان ساعية إلى تقويض الحكومة الانتقالية  من أجل الحرية والسلام والعدالة، وطالبت المذكرة بايدن بتجنب تضييع فرصة الاستثمار الجيد والكافي في دعم وتعزيز الديموقراطية في السودان لتصبح أنموذجا للالتزام الأمريكي تجاه افريقيا بأسرها وانه من الضروري أن تعرض التجربة السودانية الملهمة في القمة العالمية للديمقراطية المخطط لها.

وان كان البعض يرى أنّ واشنطن لن تقدم للسودان أكثر مما قدمت وعلى الحكومة الانتقالية التفكير بطريقة مختلفة لإنقاذ الاقتصاد، ومعالجة الأوضاع الداخلية سيما السياسية منها، للاندماج في النظام العالمي، وتنشيط الموارد الذاتية وتوظيفها، يقول  د.الرشيد محمد إبراهيم استاذ العلاقات الدولية لـ(الإنتباهة) إن دعم بايدن للسودان يتوقف على الأهمية الاستراتيجية تجاه السودان، واضاف: «في اعتقادي لا توجد أهمية للسودان بالنسبة لامريكا لأن البعض مرات يحمّل الأشياء أكثر مما تحتمل، لان الشعب اذا لم يقف مع نفسه، اذا وقف معه العالم كله فلن يخرج من أزماته»، وتساءل الرشيد ماهو شكل الوقوف المطلوب من بايدن تجاه السودان، وزاد: «أكرر لا يمكن ان يطوّرك الآخرون، ما لم تطور نفسك عبر الانتاج لانه ما في دولة تساعد دولة في قضايا معاش محلي بتفاصيل دقيقة»، ولفت الرشيد إلى ان نماذج أمريكا مع العالم الثالث معروفة للجميع لكونه لا توجد شراكة استراتيجية مع اية دولة في العالم الثالث بخلاف دولة إسرائيل، وزاد: «النموذج العراقي الذي انهار كان ماثلا»، بينما يرى د.عادل سليمان ناشط ومختص في السياسة الدولية، أنّ الرئيس الأمريكي الجديد يتعامل وفقا لسياسة مؤسسات دولة كل خطواتها محسوبة بناء على معايير المصالح المشتركة، وينوه عادل في حديث لـ(الإنتباهة) إلى أنّ ما قامت به الإدارة الأمريكية في المرحلة الماضية امر معقول بالنسبة للسودان، اذا استطاعت الحكومة الانتقالية الاستفادة منه، في عمليات بناء اقتصاد داخلي يقوم على الإنتاج وإحياء المشاريع الكبيرة والدخول في السياق العالمي الاقتصادي بعيدا عن الاعتماد على المعونات والدعم غير المضمون، ويضيف عادل: «لكن ما هو واضح حتى الآن ان سياسة الحكومة تغفل التطوير الداخلي وتركز اهتمامها على الدعم والتلويح بكرت الثورة السودانية لكونها أنموذج وعلى العالم دعمها».

ثمة قراءة مختلفة عن هذا الإطار تعتقد ان بايدن يمكنه تقديم الكثير للسودان، في إطار فترة حكمه الأولى، ويقول أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام المهدي بالخرطوم، الدكتور أبوبكر الباشا،في حديث لوكالة سبوتنك، إن السياسة الخارجية للولايات المتحدة، من حيث المبدأ دائما تتسم بقدر من الثبات كما هو معروف خاصة في الملفات غير الاستراتيجية، ولكن سبق لبايدن أن عاب على الرئيس دونالد ترمب، ابتزازه لدولة فقيرة كالسودان وفرض مبالغ مالية كبيرة عليها لأجل تعويض عائلات الضحايا الأمريكيين (ضحايا تفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام والمدمرة يو إس إس كول)، وأوضح الباشا أن «سياسة الديمقراطيين كانت موالية إلى حد ما لكيانات الإسلاميين عموما، ولكن تغير الأمر بعد سقوط تجربتهم في السودان وبدء خطوات التحول الديمقراطي وتحقيق خطوات مهمة في السلام، لذا أتوقع أن تمضي الإدارة الأمريكية الجديدة في دعم السودان لأسباب سياسية وأمنية، تتصل بالمصالح الأمريكية في المنطقة والصراع على النفوذ وفي كل ذلك لابد من استقرار السودان لأن تبني استراتيجية الفوضى الخلاقة التي نادى بها الديمقراطيون سابقا ودعموا بموجبها الربيع العربي أثبتت فشلها».

المصدر: الانتباهة أون لاين

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.