عضوية نادي الفساد السياسي

مرة بعد أخرى يطل علينا دكتور عبدالله حمدوك رئيس وزراء السلطة المؤقتة ليذكرنا بالوضع المزري الذي لحق بالوطن والمواطن نتيجة سوء فشل إدارة حكومتة الانتقالية ولعل أبرز مظاهر ذلك السوء التدهور المريع الذي طال جميع مناحي الحياة وما تبع ذلك من الاخفاقات الأمنية والفشل في تحقيق أبسط احتياجات المواطن الصحية والتعليمية والمعيشية ناهيك عن الحرص على طمس هوية الوطن والتقاعس عن تنفيذ شعارات ثورة الشباب ( حرية سلام وعدالة ) بيد أن الدكتور حمدوك نفسه يجادل مبررا بان السبب الذي أقعد حكومته عاجزة عن فعل شيء يفيد البلاد والعباد مرده إلى المشاكل والأزمات التي خلفها نظام الانقاذ البائد .

ولكن السواد الأعظم من السودانيين الذين أرهقتهم المصاعب المعيشية ولم يحصلوا على أبسط الخدمات منذ انطلاق الفترة الانتقالية ليسوا على قلب رجل واحد بشأن تلك الأسباب التي أدت لفشل حكومة الفترة الانتقالية وأحالتها من نعمة إلى نقمة مشيرين إلى أن الدكتور حمدوك ورهطه في السلطة الانتقالية لم يحرصوا على بذل جهود مقنعة لأجل تحقيق إنجازات تفيد الوطن وتسعد المواطن وبدلا من ذلك انصب جل اهتمامهم على شيء واحد وهو تصفية الحسابات مع غيرهم من السياسيين ومن ثم البحث عن تبرئة لأنفسهم من تبعات الوضع المزري السائد الذي أرهق المواطن ماديا وبدنيا وأحيانا نفسيا علاوة على الفشل في ايجاد حلول مقنعة لجملة من القضايا المهمة خاصة الاقتصادية والخدمية وفي مقدمتها المشاكل العويصة التي تتهدد مشروع الجزيرة وتدهور الجنيه مقابل الدولار ويضاف الى ذلك الأزمات المتفاقمة التي طالت خدمات الكهرباء والماء والمواصلات وهلم جرا .

ومهما يكن من أمر فان المشاكل والأزمات ذات العلاقة بحكم ( الكيزان ) لا ينبغي أن تشكل عائقا لانطلاقة الفترة الانتقالية نحو أهدافها الوطنية علما بأن ما يقال في هذا الخصوص من عناصر السلطة الانتقالية والمتعاطفين معهم لا يعدو كونه ( كلام ساكت ) ولا يسترعي انتباه المواطن المهموم بالوقوف في الصفوف باحثا عن قوت أسرته ولا تقنع أي كائن من كان بالعدول عن التظاهرات المطالبة باسقاط حمدوك وحكومته .

واستنادا لمنطق الأرقام فان المشاكل والأزمات الناجمة عن الانقاذ التي اتخذ منها حمدوك شماعة عندما قال بانها شكلت عائقا لحكومة الفترة الانتقالية لا وجود لها البتة على ميزان المقارنة قبل وبعد اندلاع ثورة الشباب التي أزاحت سلطة الإنقاذ بجدارة من سدة الحكم ولنأخذ مثالا على ذلك الانهيار المريع الذي أصاب الجنيه السوداني مقابل الدولار الأمريكي اذ قفز من 67 جنيها الى 310 جنيها وكذلك الدولار الجمركي الذي كان قبل الثورة 18 جنيها ثم أصبح الآن 10000 جنيها وأما أسعار المواد الاستهلاكية فحدث ولا حرج ولنأخذ مثالا على ذلك سعر لتر الوقود الذي كان يباع بسعر 7 جنيهات في حين بلغ الان 128 جنيها وقطعة الرغيف التي كانت تباع بجنيه واحد قفز سعرها إلى 20 جنيها ورطل اللبن الذي كان بسعر 13 جنيها بلغ سعرها الان 100 جنيه وطال الغلاء ملوة البصل التي زاد سعرها من 20 إلى 500 جنيه .

ويفيد التذكير بان حمدوك الذي يرأس حكومة الفترة الانتقالية التي تتشكل من وزراء ولدتهم أمهات سودانية لكن جلهم اثروا الحصول على جنسيات دول أجنبية تعهد لدى عودته إلى الوطن قادما من أثيوبيا في بداية تسلمه رئاسة الحكومة الانتقالية ببناء دولة قوية خلال الفترة الانتقالية تقوم على تضافر جهود أبناء الوطن وتوحيد الصف والانطلاق عبر مشروع وطني لا يقصي أحدا اعتمادا على نهج براغماتي ( pragmatism ) .. وبالنظر إلى ما تحقق على أرض الواقع لا يعدو كونه كلاما شططا .

وحقيقة عندما نرى السلطة المؤقتة ومناصب العمل التنفيذي وغير التنفيذي كلها تحت سيطرة الشخصيات المحسوبة على الدكتور حمدوك فإن ذلك يدل على أن مشروع وطن لا يقصي أحدا لا وجود له على أرض الواقع ويضاف الى ذلك أن الفترة الانتقالية تمضي على هدى نهج البراغماتية التي بشر بها الدكتور حمدوك نفسه وصار الوطن ساحة يعج بالأزمات المعيشية والممارسات السلبية وتزيد الطين بلة بإرسال لفيف من السياسيين والنشطاء الى السجون وبعضهم اعتمادا على نهج وشاية الأقرباء والجيران بحسب ترغب والي نهر النيل . غير ان البراغماتية تعد الانجاز الوحيد المهم لحكومة الفترة الانتقالية التي جاءت بها الانتفاضة وحين تبقى شعارات الثورة ( حرية سلام وعدالة ) مهملة التطبيق فإن ذلك هو أقصر الطرق لحصول السودان على عضوية نادي الفساد السياسي .

المصدر: الانتباهة أون لاين

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.