أول ظهور علني ليهود السودان

لأول مرة المسلمون والمسيحيون واليهود والهندوس السودانيون تحت سقف واحد

الفعالية شهدت تلاوة من القرآن والإنجيل والتوراة وكتاب الهندوس (جيتا)

الحاخام اليهودي ديفيد روزون: نحن نحتفل بتعارفنا لنصنع مستقبل شعبينا

اليهودي السوداني أيمن قنديل: نتوقع تمثيلاً يهودياً في الحكومة لأننا كنا مهمشين في السابق
اليهودية السودانية ياوديت صالح: السودان عيني وإسرائيل عيني الأخرى

رئيس مجلس الكنائس وليم دينق: التجمع بالخرطوم حمل طابعاً عالمياً بمشاركة كل الأديان

دكتور كومار: نتمنى أن نرى سودانياً بالبرلمان من أصول هندية

التجمعات في السودان الرسمية وغير الرسمية منذ عقود، ظلت تحمل المظهر الاسلامي والمسيحي خاصة في الفعاليات السياسية والاجتماعية دون مشاركة اليهود او الهندوس السودانيين الذين يعيشون وراء الكواليس يعانون من اقصاء وتهميش رغم المواطنة السودانية التى يحملونها مع بقية القبائل والعشائر السودانية الاخرى، وتحت سقف واحد انعقد بفندق كورنثيا بالخرطوم (التجمع الاخوي الأول للتسامح والتعايش الاجتماعي لجميع الديانات اليهودية والمسيحية والمسلمة والهندوسية واللادينيين بالسودان) الذي تم برعاية البرلماني السابق ابو القاسم برطم، وسط مقاطعة من وزارة الشؤون الدينية والاوقاف والوزير نصر الدين مفرح، حيث ارجعت الوزارة عدم المشاركة في التجمع لانها لم تكن تخطط او تشارك في الفعالية، رغم اعترافها بلتقى الدعوة للحضور، محتفظة في نفس الوقت بحقها في الموافقة او الاعتذار عن المشاركة في الفعالية، لكن مجلس السيادة الانتقالي شارك رغم الغياب الحكومي بتمثيل عضو المجلس رجاء نيكولا عبد المسيح، وحضور البعثات الدبلوماسية المعتمدة بالخرطوم وابرزها عميدة السلك الدبلوماسي بالانابة سفيرة دولة النرويج (زريس لوكن غيزيل) والأمين العام لمركز التحصين الفكري الزبير محمد علي، وفي ما يلى تفاصيل الليلة المثيرة التى جمعت جميع السودانيين بمختلف اديانهم المختلفة:

صلوات دينية

الفعالية بدأت بتلاوة آيات من القرآن الكريم قدمها الشيخ (شوقار يحيى شوقار) وتبعتها فقرة تلاوة من الانجيل قدمها القس (انجلو الزاكي) وآيات من التلمود قدمتها اليهودية السودانية (ياوديت جي صالح محمد عثمان) اعقبتها قراءة من كتاب الهندوس (الجيتا) قدمها السوداني من اصول هندية (انيل كومار شوتلال).

غياب الحاخام

ولم يحضر الحاخام اليهودي ديفيد روزون الاحتفالية في الخرطوم كما كان معلناً، لكنه شارك بمقطع مسجل على الوسائط، ويعد الحاخام ديفيد مستشاراً في مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود لحوار الاديان بالنمسا، كما انه التقى بالعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز في لقاء شهير مع ممثلي الطوائف الدينية في العالم في فبراير من العام الماضي، وكلمة الحاخام في التجمع لم تتعد عدة دقائق حيا خلالها الحضور وتمنى نجاح الملتقى بقوله: (يشرفني أن أخاطبكم، ونحن نحتفل بتعارفنا، لنصنع مستقبل شعبينا)، وتبعت ذلك كلمة للاسقف النرويجية انبغورغ ميدتوم التى قالت: (إننا أصحاب الأديان نعمل معاً من أجل التسامح والاحترام والسلام والمحبة والعدالة)، وكلمة من القيادي الاسلامي رئيس دائرة الافتاء بهيئة علماء السودان السابق الشيخ عبد الرحمن حسن احمد حامد التى قال فيها: (ان الحوار مع الآخر يجب أن ينطلق من قوة المنطق وليس منطق القوة)، بجانب كلمة لراعى اللقاء ابو القاسم برطم، وكلمة للقمص فليو ثاوس فرج القبطي، وتخلل البرنامج انشاد ومدائح نبوية قدمها المنشد علاء الدين موسى ومنذر عبد الكريم من مسيد الشيخ ود العجوز.

كلمة مجلس السيادة

واكدت عضو مجلس السيادة الانتقالي رجاء نيكولا عبد المسيح، أن استرداد كرامة الإنسان تقوم على قاعدة التلاقي فیما بین الأدیان بصفة خاصة، وأن تقدم كل الأدیان يعد أنموذجاً یحتذى للحوار والتسامح الديني، وعلی أتباع كل الدیانات أن يوصلوا رسالةً واحدةً ومعبرة تكون حافزاً ونصیراً للسلام، وحاملةً لمعاني المحبة والأخوة السامیة لكل العالم، وقالت ان الحقیقة الواقعة ان جمیع الأدیان في جوهرها تدعو للسلام والمحبة والخیر والتعاون والتعاضد والتضامن والمساواة والعدل، وأن لیس للعنف والعداوة والبغضاء أساس في جوهر معتقداتنا الدینیة كلها، وإن وُجِدت هذه النقائص فيها، إنما وُجدت فقط عندما تم تشویه هذه المفاهيم لدى البعض، وسوء تفسیرها وسوء فهمها عند آخرین، مضيفة إن اللقاء الأخوي ينعقد في ظرفٍ دقیقٍ تمرُ به بلادنُا السودان والمنطقة، بعد ثورةٍ عظیمةٍ اتخذت شعاراً لها (الحریة والسلام والعدالة)، ونحن أحوج ما نكون لمثل هذه اللقاءات التي تعمل على ترسیخ الأخوة والسلام والتسامح والمحبة، لیس فقط بین أبناء الوطن الواحد، بل بین أبناء البشریة جمعاء.
وناشدت عضو مجلس السيادة الدول والمنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات التعلیمیة، تبني قیَّم الخیر والعدالة وزرعها وبثها بین الناس حتى تثمر، تقدیراً لقیمة الكرامة الإنسانیة، ومن أجل الخیر العام وحب الإنسانیة، وأمنت رجاء نيكولا على أن أھم حق من حقوق الإنسان الذي لا ینبغي تجاهله في مسيرة الأخوة الإنسانیة التامة والسلام العادل هو حق الحریَّة الدینیة لكافة الأدیان والمعتقدات، واشارت الى أن العالم الیوم المتعولم عبر وسائط التواصل الاجتماعي والاتصالات، افتراضیاً یجعل الناس أكثر قُرباً من بعض، الا انه واقعیاً لا یجعلنا أكثر أخوةً ولا أكثر سلاماً ولا أكثر أمناً، وأبانت رجاء نيكولا أن الأخوة الآدمیة لن تستمر إن أنكر البعض على البعض اختلافهم، لأن البشر أخوة متساوون في كل الحقوق والواجبات، وان تعززت الأخوة الإنسانیة والسلام الاجتماعي بین الناس ستنقضي معظم الآفات والنقائص في النفس البشریة وتتحقق قیم العدل والمساواة والأخوة والتعایش السلمي، وأعربت عضو مجلس السيادة الانتقالي عن تقديرها لكل الداعمين لمتلقى الأخوة ومناصرة مسیرة السودان وشعبه بكافة مكوناته في هذه الفترة الانتقالیة، ومساندة المتغیرات الإیجابیة والتغییر نحو الأفضل الذي تشهده البلاد في سيرها نحو إقامة دولة العدل والقانون في السودان .

الوزير حر
واعتبر البرلماني وراعى التجمع ابو القاسم برطم ان وزير الشؤون الدينية نصر الدين مفرح (حر) في المشاركة في اللقاء الذي جمع اطياف المجتمع السوداني باديانهم المختلفة، وقال برطم حول غياب الحكومة السودانية لـ (الإنتباهة): (انهم من المفترض ان يكونوا الاحرص على مصلحة البلاد من المصالح الحزبية الضيقة، مشيراً الى انه كان من الاجدر بهم تصنيف ما اذ كان التجمع سلبياً او ايجابياً، وهل في مصلحة السودان او عدمها؟ وقال ان هذه هي المشكلة التى يجب التعامل معها .
التماسك الاجتماعي
ومن جهته كشف رئيس مجلس الكنائس السوداني الاب وليم دينق، ابن ابيي الشهير، انهم بدأوا منذ العام الماضي في برنامج التماسك الاجتماعي بين المكونات السودانية المسلمين والمسيحيين بهدف العيش بسلام لان السودان يسع الجميع، موضحاً ان مشاركتهم في التجمع الذي انعقد اثار اعجابه لانه اخذ طابعاً عالمياً، مما يجعلهم يستمرون بحماسة في برنامج التماسك الاجتماعي الداخلي والعالمي لنصل الى المجتمع العالمي ككل، وحول الغياب الحكومي من البرنامج قال القس وليم: (الغائب عذره معاه، واتمنى ان يكون عذر الوزير نصر الدين مفرح مقبولاً لاننا نريد بوجودهم أن تشجع بالوجود الحكومي)، وحول ظهور السودانيين اليهود في البرنامج اعتبر الاب وليم انه يشير لمستقبل سوداني رائع يجمع كل التنوع الديني بقوة سودانية موحدة .

مبادرة ممتازة
واكد القسيس بكنيسة المسيح السودانية الزبير حسن رملة ان المبادرة والتجمع ممتازة لانها جمعت جميع الاخوة في الاديان المختلفة المسلمين والمسيحيين واليهود والهندوس، وانهم سعيدون للغاية، داعياً الرب لمباركة السودان في مبادرة التسامح والتعايش السلمى، لأن هذه المبادرات تعيد الثقة في السودان الواحد، وتمنى القس الزبير ان تشارك كافة الفعاليات السودانية بالوانها المختلفة في المبادرات القادمة بشكل اوسع من شرق وغرب السودان والنيل الازرق، لعكس الصورة السودانية الموحدة.

السودان عيني

وقال اليهودية السودانية ياوديت جي صالح: (ان السودان عيني واسرائيل عيني الاخرى، فلا تطلبوا مني الاختيار بين عيني اليمني واليسرى لان ذلك ليس عدلاً).
وقالت ياوديت في تصريح لـ (الإنتباهة): (ان التجمع اليوم هو بذرة للتعايش كسودانيين بغض النظر عن خلفياتنا وديننا سواء كنا يهوداً او مسيحيين او مسلمين او هندوساً، فلا يهم لأن حب الوطن هو ما يهم، ويجب ان يكون هو هدفنا بعيداً عن اية قبلية او عنصرية او تطرف او معتقد)، مضيفة ان هناك سودانيين يدينون باليهودية وآخرون بالدين الاسلامي، وان اغلب اليهود اجبروا على مغادرة السودان او اخفاء ديانتهم، وانهم كيهود (بشر ويعشقون التراب السوداني)، وفي رسالة الى يهود السودان قالت ياوديت: (انتم سودانيون ولا يجب اخفاء يهوديتكم، وكما يحق للمسيحيين والمسلمين العيش بامان، فان عليكم العيش بامان، سواء كنتم يهوداً من جهة الام او الاب)، مشيرة الى ان محبتها لاسرائيل لا تنتقص من محبتها لوطنها الحبيب السودان .

مهمشون سابقاً

وقال رجل الاعمال السوداني ايمن منديل اليهودي الاصل الذي يعتنق الدين الاسلامي، انهم كيهود سودانيين كانوا يعانون في السابق من التهميش حيث لم يتقلدوا مناصب عليا في البلاد، رغم اغلب اليهود يحصلون على مناصب عليا خارج السودان خاصة في الوزارات السيادية، بالتالي لم تتوفر لهم حياة كريمة، وهو ما جعل اغلب اليهود يهاجرون نسبة للمضايقات، حيث كان بعض افراد المجتمع السوداني ينظرون اليهم كيهود كأن ذلك وصمة عار، ويقول ايمن ان الدين المعاملة لان التعصب والتطرف مرفض، مشيراً الى ان التجمع الاخوى الذي شهده فندق كورنثيا يعد بداية للتعامل دون عرقية او دينية، وان الخطوات القادمة سوف تجد تأييداً رغم غياب الحكومة عن التجمع الاول، وحول توقعاته لمستقبل اليهود في السودان قال ايمن انه يتوقع دخولهم في الحكومة الانتقالية اذا كانت لديهم المؤهلات المناسبة، لان المقياس ليس دينياً ويمثلهم في الدولة، مشيراً الى انه في النظام السابق لم يتمكن اليهود من دخول الكلية الحربية او المؤسسات الامنية (الجيش او جهاز المخابرات او الشرطة) كبقية السودانيين، طارحاً الأمل بأن تشهد المرحلة القادمة عدم التصنيف الديني في مؤسسات الدولة .

للهنود كلمة

أعتبر دكتور المسالك البولية، أنيل كوما، إن مؤتمر السلام والتعايش أول مؤتمر يدخل السرور والبهجة والفرح لكل الناس في السودان، لأن الدين لله والتكافل مع البشر، وأنه حان الوقت لننسى العنصريه واللون والشكل والخلفيات لكي نقوي العلاقه بين البشر لمصلحة الدولة التي نقيم فيها، وأضاف د. كومار في تصريحه لـ(الانتباهة ) إن الدين هو للتسامح ونزيد عليه التعايش السلمي والتعايش لأنه إلى ما لا نهاية ، كما أن التعايش يعلم التعامل مع الأشخاص الضعفاء عند إختبارهم حقيقة، وتمنى الدكتور السوداني من أصول هندية أنهم يرجون أن يروا تمثيلاً في البرلمان السوداني للمواطنين من أصول هندية، كاشفاً أنه نال ميدالية الذهبية من الرئيس الهندي و رئيس الوزراء الهند لدوره داخل المجتمع الهندي في السودان، موضحاً أن دولة الهند إختارت للجائزة (٣٠) شخصاً من حول العالم لنيل هذه الجائزه والتي بالتأكيد هي لمصلحة السودان وإبعادها لتوطيد العلاقات بين السودان مع دولة الهند، كما وعد دكتور كومار عند تسلمه للميدالية الذهبية بأنه سيناقش مع الرئيس الهندي ملف السودان والعلاقات بين البلدين والفرص المتاحة.

الانتباهة

Exit mobile version