البشير إلى لاهاي.. في انتظار القرار

هل ستقوم الحكومة بتسليم عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتغلق صفحة مفتوحة عمرها 12 عاماً. فمنذ مارس 2009م اصدرت الجنائية قراراً بتوقيف البشير.. عضو مجلس السيادة محمد حسن التعايشي قال أمس الأول إنه سيتم تسليم البشير للمحكمة، وبدأ واثقا من قراره؛ عندما قال (اكتبوا الاكلام دا علي لساني). وبذلك يكون التعايشي أول مسؤول رفيع يعلن هذا الأمر.
التعايشي كشف أن المناقشات جارية بين الحكومة الإنتقالية والمحكمة الجنائية الدولية بشأن تسليم البشير وبقية المطلوبين، وأكد أنه سيتم تسليمهم عقب التوقيع على بروتوكول قضائي عقب زيارة أعضاء المحكمة للسودان.

 

تصريحات التعايشي وجدت تفاعلا كبيرا بوسائط التواصل الاجتماعي، واعتبر مؤيدون أن الخطوة مهمة وتأخرت كثيرا، وقالوا ان تسليمه يمثل العدالة، مشيرين إلى ان سلام جوبا بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح اكد انه سيتم تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.
ورسميا طالب (15) فصيل وحزب سياسي بتسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية، مشددين على ضرورة التسليم الفوري للبشير وكل المطلوبين معه للمحكمة الجنائية الدولية، إحقاقاً للعدل وعدم ربط هذا الملف بالسياسة.
وكان نائب رئيس الحركة الشعبية شمال ياسر عرمان طالب بذلك، وأشار ياسر عرمان إلى ان النائب العام تاج السر الحبر فشل في محاكمة المتهمين من رموز النظام السابق ما يحتم تسليم الرئيس المعزول عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي.
المحلل السياسي ماهر ابوالجوخ اكد في حديثه لـ (السوداني) أمس أن تسليم البشير وكل المطلوبين للجنائية الدولية مسالة وقت فقط، مشيرا إلى ان ذلك منصوص عليه في اتفاق سلام جوبا وهو امر دستوري، مستدركا: اذا كان القانون السوداني لا يسمح فالدستور اعلى من القانون.

 

ابو الجوخ اشار إلى انه على المستوى السياسي فإن المدعية العامة للمحكمة الجنائية قبل ان تغادر موقعها قادت أكبر اختراق والتقت برئيس مجلس السيادة ونائبه ورئيس مجلس الوزراء، وهذا إقرار بالتعامل بالتالي الحديث عن رفض أفراد أو جهات في التعامل مع الجنائية هو تكرار لسيناريو النظام السابق وهذا لن يحدث.
وقال قد يتأخر تسليمهم بعض الوقت، لكن في النهاية لا بد من لاهاي مهما طال الزمن. مشيرا إلى ان تسليمهم ربما يجد معارضة من بعض الجهات.

سابقة خطيرة
لكن معارضين اشاروا إلى ان البشير هو رئيس البلاد السابق، وقالوا نرفض الخطوة رغم المرارات التي ذاقتها البلاد وشعبها خلال الـ30 سنة الماضية.. ان تسليمه توافق عليه الحكومة بشقيها المدني والعسكري، مشيرين إلى ان محكمة لاهاي ليس لها ولاية على المتهمين، لان مواد الابادة الجماعية والحرب ضد الانسانية وغيرها تم تضمينها في القانون السوداني سنة 2010م، منوهين إلى ان البشسير يُحاكم الآن بنفس هذه التُهم، وهذا يعني ان الدولة لها القدره على محاكمته بالتالي لا يمكن تسليمه للاهاي، لان مبدأ الافلات من العقاب انتهى.

 

عضو هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد الحسن الامين يذهب في حديثه لـ (السوداني) ان تسليم البشير للجنائية طعن في نزاهة القضاء السوداني، واضاف: سيكون سابقة خطيرة والغرض منها التشفي. وقال ان تسليم الرئيس البشير للجنائية يؤكد ان الدولة غير قادرة او راغبة في محاكمته داخليا، واضاف ان عضو مجلس السيادة محمد حسن التعايشي ليس الجهة التي تقرر تسليم البشير، مشيرا إلى ان تسليمه لا يتم الا باجماع القوات المسلحة باعتباره أحد رموزها، وقال ان الجهات التي تطالب بتسليمة محددة.

هزيمة معنوية
مراقبون سياسيون اشاروا إلى ان حملة الاعتقالات التي تتم الآن لقيادات حزب المؤتمر الوطني المحلول هي خطوة استباقية واخلاء للساحة؛ وتحجيم لأي ردود فعل بعد تسليم البشير للجنائية، ورأوا انه سيتم الافراج عنهم بعد تسليم البشير. رغم ان وسائل اعلامية قالت ان بعض اعضاء المكون العسكري بمجلس السيادة يرفضون تسليم البشير للجنائية، والاعتقالات العشوائية لعناصر حزب المؤتمر الوطني المحلول.
ابو الجوخ لم يستبعد ان يكون لانصار النظام السابق معلومة بتسليم البشير وبقية المطلوبين إلى لاهاي، معتبرا ان تسليم المطلوبين يمثل هزيمة معنوية وضربة قاضية لهم، ولن تقل عن مقتل صدام او القذافي، لان تسليم البشير يعني انه لن يظهر للساحة مرة اخرى.

 

علي كوشيب
خبراء قانونيون اشاروا إلى ان تسليم السودان للمطلوبين للجنائية امر مهم جدا، ولا بد منه، ما يؤكد ان الدولة جادة في انصاف ضحايا دارفور، وان الدولة ملتزمة بمبدأ عدم الافلات من العقاب.
اكتوبر الماضي زارت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا الخرطوم لمدة خمسة ايام، وهي اول زيارة لها، لبحث القضايا التي تنظر فيها المحكمة والمتصلة باقليم دارفور، حيث التقت بمسؤولين بمجلسي السيادة والوزراء، واكد د. حمدوك أن التزام السودان بتحقيق العدالة هو استجابة للمطالب الشعبية، وخلال اللقاء طرحت عدة خيارات بينها تشكيل محكمة مختلطة، أو محكمة خاصة عقب التشاور مع مؤسسات الدولة واسر الضحايا.
وتتم الان محاكمة النظامي علي كوشيب في لاهاي، وهو احد المطلوبين للمحكمة، وسلم نفسه في دولة افريقيا الوسطى المجاورة لاقليم دارفور.

 

في الاجواء
صدرت مذكرة دولية باعتقال البشير على خلفية اتهامه من قبل مدعي المحكمة لويس مورينو أوكامبو؛ بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور، وتعتبر هذه المذكرة الأولى التي تصدرها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس دولة يمارس مهامه منذ تأسيسها فى العام 2002 في لاهاي، وقتها قد أثارت مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بحق البشير تظاهرات حاشدة في الخرطوم تنديدا بها، وسبق ان تمت ملاحقة البشير اثناء رحلتة إلى جنوب افريقيا، وكان البشير يتحدى المحكمة ويقول انه سيذهب إلى اي دولة وليس خائفا من الملاحقة.
ومن بين المتهمين الذين يواجهون اتهامات بارتكاب جرائم ضد الانسانية أحمد هارون الحاكم السابق لولاية جنوب كردفان، والفريق أول عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع السابق.

 

إسقاط التهمة
الخبير القانوني المعز حضرة اكد في حديثه لـ (السوداني) ان ضحايا دارفور متمسكين بمثول الرئيس السابق وبقية المتهمين امام الجنائية بلاهاي، وقال هذا قرارهم ويجب تحقيقه.
حضرة اوضح ان من يرفضون تسليم البشير إلى الجنائية هم انصاره فقط، مشيرا إلى انهم يريدون اسقاط التهمه عنه بالتقادم، ويقولون ان الجرائم التي بناء عليها اصدرت الجنائية مذكرة توقيف في حق المعزل، تم تضمينها في القانون مؤخرا، وقال عندما تم ارتكاب الجرائم في دارفور في العام 2003م لم تكن هذه الجرائم موجودة في القانون السوداني.

 

السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.