{أدهشني جداً حديث السيد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي في البرلمان الذي قال فيه، إن عدداً من (المحررين) يعرفهم بالاسم هم السبب في ارتفاع سعر الدولار!!
{وأضاف أن هؤلاء المحررين ينشرون أخباراً عن ارتفاع الأسعار بالسوق الموازية، ما يؤدي للمزيد من تصاعد الأسعار !!
{وفي رأيي أن حديث السيد الوزير غير مقنع لأي راعي ضأن بعيد عن مصادر المعلومات في أية بادية من بوادي السودان!
{دولار شنو البرفعوه المحررون، ولا رؤساء التحرير كمان ؟!! ياخي قولوا ليكم كلام أحسن من كدا شوية. وكان الحكاية غلبتكم ما تعملوا الجرايد والصحفيين حيطتكم القصيرة .
{ارتفاع أسعار الدولار سببه معروف وواضح لأي شخص من عوام الناس في بلادنا، وهو العجز عن تغطية الطلب العالي والمتزايد على النقد الأجنبي، بسبب التوسع الفوضوي في عمليات الاستيراد دون تحديد أولويات، مقابل ضعف بائن في حجم الصادرات، بالتالي هزال عائدات الصادر مقارنة بفواتير الاستيراد .
{وحتى عائدات الصادر الدولارية ليست هناك سيطرة عليها من قبل وزارة المالية والبنك المركزي، فيتبادلها (التجار) فيما بينهم بسعر السوق السوداء، بعلم وتنسيق إدارات البنوك!!
{وعكس ما قاله وزير المالية، فإن الصحف ساعدت كثيراً في خفض أسعار النقد الأجنبي في السوق الموازية ولكن ليوم أو يومين لا أكثر، بنشرها عناوين بارزة لتصريحات وزير المالية أو وزير الدولة بالمالية أو محافظ بنك السودان، عن ضخ (كميات) كبيرة من النقد الأجنبي (خلال اليومين القادمين).
{ولأن تجار العملة لديهم مصادرهم داخل (أعماق) الجهاز المصرفي، فإنهم سريعاً ما يعرفون أن البنك المركزي لم يضخ (كميات) كبيرة من النقد الأجنبي .. ولا يحزنون !!
{وبالتالي يعاود الدولار وأصحابه الارتفاع، لأن السوق لا ينخفض بموجب تصريح صحفي، مهما كان قائله، وإنما يرتفع وينخفض بناءً على معطيات حقيقية موجودة على أرض الواقع .
{وإذا كان وزير المالية يلوم بعض المحررين على نشر أخبار ارتفاع أسعار العملة، فإنه في ذات الوقت لم يثن ويمدح الصحف والصحفيين الذين ينشرون أخباراً من حين لآخر، عن ضخ البنك المركزي لكميات من النقد الأجنبي (كان بالكضب .. كان بالصاح) !!
{كما أنه لم يشد يوماً ولم يذكر حرفاً واحداً ولو عابراً، عن الصحف التي ساندته في معركته الطاحنة مع (المطاحن) حتى تكلل له رفع سعر دولار القمح من (2.9) جنيه إلى (6) جنيهات، خلال أسابيع، وما كان بمقدوره أن يفعل ذلك من (4) إلى (6) جنيهات دفعة واحدة وبهذه القفزات، ما وفر للخزينة العامة عشرات المليارات من الجنيهات، لولا أنه اعتمد على (تغطية) نفذتها بعض الصحف إيماناً بواجبها المهني والوطني، ودون أن تدفع وزارة المالية قرشاً واحداً نظير هذه الحملة (المجانية)، بينما أنفقت بعض المطاحن الغالي والنفيس لتنظيم حملات إعلانية وترويجية ضخمة دعماً لفكرتها وخطها .
المصدر:المجهر السياسي.