تهديدات مجلس الأمن الحركات الرافضة للتفاوض.. هل تنجح في دفع تلك الحركات إلى الالتحاق باتفاقية جوبا ؟

———————
(عايزين الخرطوم محل الرئيس بنوم والطيارة بتقوم).. هكذا صرّح رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور إبان العهد البائد الذي كان يعارض النظام بشراسة، بل تعتبر حركته من أوائل الحركات التي تمردت على حكومة البشير في منطقة دارفور، حيث أنشأ حركته المسلحة في عام 2002م عندما كان طالباً بجامعة الخرطوم.

من المحاماة إلى البندقية
ولد عبد الواحد محمد نور في منطقة زالنجي بغرب دارفور، وتلقى تعليمه في جامعة الخرطوم، حيث تخرج في عام 1995م بدرجة بكالريوس في القانون قبل أن يعمل محامياً .
واستطاع عبد الواحد بتحركاته الدولية بما فيها إسرائيل أن يقوم بتسليح حركته تسليحاً جيداً، واتخذت منطقة حصينة تخندقت فيها بجبل مرة.

انشقاقات بالجملة
لكن لم يهنأ عبد الواحد طويلاً بوحدة حركته المسلحة، فسرعان ما داهمتها الانشقاقات إما بفعل الخلافات السياسية الأيديولوجية، حيث كان نور يعتنق الشيوعية كمذهب سياسي، وربما كانت بعض تلك الخلافات يقف وراءها النظام السابق، وابتدر تلك الانشقاقات مني أركو مناوي الأمين العام للحركة في نهاية 2005م بعد أن عقد مؤتمراً في قرية حسنكيتة عزلوا فيه رئيس الحركة عبد الواحد نور عن قيادة الحركة، بينما تشبث عبد الواحد بحركته بذات الاسم، غير أن الانشقاقات توالت، فقد انشق القائد الميداني للحركة أحمد عبد الشافي وأسس فصيلاً أطلق عليه حركة تحرير السودان الموحدة، كما انشقت عنه مجموعة أطلقت على نفسها حركة تحرير السودان المجموعة (19) بقيادة خميس أبكر من قبيلة المساليت.

ومن الفصيل الأخير انشق خميس نفسه مشكلاً حركة جيش تحرير السودان، وانشق القائد جار النبي مع أفراد شكلوا فصيلاً أطلق عليه قيادة شمال دارفور.

رفض مستمر للتفاوض
ورفض عبد الواحد التفاوض مع نظام البائد متمسكاً باسقاطه، وفشلت كل مساعي النظام آنذاك في إقناعه أو استقطابه، الا أنه حتى قيام ثورة ديسمبر الشعبية ظل عبد الواحد رافضاً التفاوض متمسكاً بما سماها معالجة جذور الأزمة، رغم أن الثورة قامت من أجل التغيير وتكريس سياسات جديدة تعترف بالتنوع الثقافي والإثني والفوارق التنموية بين المناطق، وتبني مبدأ تحقيق العدالة وبسط الحريات وإحداث التحول الديمقراطي المنشود في الفترة الانتقالية وصولاً للعبور الآمن، ولهذا يرى المراقبون أن دعاوى عبد الواحد لا تستند الى أسس منهجية .

حركة الحلو
ولم يكن عبد الواحد زعيم حركة تحرير السودان هو الوحيد الرافض للتفاوض مع الحكومة الانتقالية، حيث أن حركة عبد العزير الحلو في جنوب كردفان (جبال النوبة) تشترط مبدأ فصل الدين عن الدولة أولاً قبل الدخول في التفاوض، بينما ترى الحكومة أن هذه القضية ينبغي أن تترك للمؤتمر الدستوري ليقرر فيها، ولا ينبغي لأي فصيل سياسي أن يقرر فيها لوحده، الا أن رئيس الوزراء التقى عبد العزيز الحلو في وقت سابق وعقد معه اتفاقاً مبدئياً يتبنى فصل الدين عن الدولة، غير أن المكون العسكري وتيارات سياسية أخرى رفضت تلك الخطوة، مخافة أن تثير حفيظة العديد من التيارات الدينية بما فيها المحافظة .
الحلو نائباً للوالي
بدأ عبد العزيز الحلو نشاطه السياسي منذ باكورة أيامه، حيث كان رئيساً لاتحاد الطلاب بالمدرسة الثانوية في الدلنج، وواصل هذه المسيرة في سنوات الجامعة وما بعدها .

وتعرف عبد العزيز الحلو أثناء دراسته بجامعة الخرطوم على يوسف كوة مكي الذي كان يسبقه في الدراسة بالكلية نفسها، وذلك من خلال عضويته في رابطة أبناء جنوب كردفان بجامعة الخرطوم التي كان يرأسها كوة الذي قام بتجنيده في تنظيم (كمولو) المناوئ لحكومة الرئيس جعفر نميري وسياساته في جبال النوبة عن طريق الكفاح المسلح. وبعد انضمام هذا التنظيم إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة جون قرنق، تم تكليف عبد العزيز الحلو بالتنسيق مع دكتور لام أكول أحد قادة الجيش الشعبي الذي كان يدرس في جامعة الخرطوم آنذاك، بالعمل على استقطاب أبناء جنوب كردفان وإلحاقهم بصفوف الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان.

وبعد مغادرته إلى أديس أبابا خشية اعتقاله من قبل أجهزة الأمن السودانية، تم تدريبه في كلية الدراسات العسكرية الدرع الرابع التابعة للحركة الشعبية وتخرج فيها برتبة نقيب، وتم توزيعه ضمن قوة متحركة إلى جبال النوبة تحت قيادة يوسف كوة في عام 1987م، وبعد ذلك تم تعيينه رئيساً للجنة الخدمات بالحركة، ثم انتقل إلى مركز التدريب في توربام وترقى إلى رتبة القائد المناوب، وعمل قائداً لغرب كادقلي كرنقو عبد الله عام 1990م، وقائداً لمتحرك المنطقة الشرقية ومتحرك دارفور، ثم قائداً عاماً للإمدادات للحركة الشعبية.

وخلال هذه الفترات برز الحلو كقائد ميداني متمرس، وعرف بلقب (رجل المهمات الصعبة) خاصة في مهام الإمدادات والتعبئة والتجنيد والتخطيط العسكري، ومن أعماله في هذا المجال التحضير لاقتحام نقطة همشكوريب بشرق السودان، وتدرج في الرتب العسكرية والسياسية إلى رتبة فريق وعضو المكتب السياسي للحركة، ثم عُيّن في عام 2005م حاكماً للمناطق المحررة في جنوب كردفان. وفي عام 2008م أصبح نائب الأمين العام للشؤون التنظيمية بالحركة ونائب رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام الثاني للحركة الشعبية لتحرير السودان والسكرتير القومي للشؤون السياسية والتعبئة.

وبعد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان، تم ترشيح الحلو من قبل الحركة للمنافسة في منصب والي جنوب كردفان ضد أحمد هارون الذي كان يمثل الحكومة في تلك الانتخابات التي انتهت بفوز هارون، بينما عين عبد العزير الحلو نائباً له.

عقوبات أممية
بعد أن نجحت الحكومة في إبرام اتفاقية جوبا مع حركة تحرير السودان جناح مناوي وحركة العدل والمساواة برئاسة د. جبريل إبراهيم، اهتم المجتمع الدولي بعملية السلام في السودان وضرورة اكتمالها بانضمام الحركات الرافضة للدخول في المفاوضات وهي حركتا عبد الواحد والحلو، وتوج الاهتمام الدولي بتعيين ما يعرف بـ (يونتاميس) في السودان للمساعدة في إنجاح العملية السلمية وحماية التحول الديمقراطي في السودان وصولاً للانتخابات العامة، وقبل أن تباشر البعثة الأممية الجديدة مهامها رسمياً هدد مجلس الأمن أمس الأول الحركات المسلحة الرافضة الانخراط في مسيرة السلام بفرض عقوبات عليها، مما يعتبر تحولاً مهماً في قضية السلام في السودان، فهل تنجح تهديدات مجلس الأمن في دفع تلك الحركات إلى الالتحاق باتفاقية جوبا للسلام أم ستتمسك بشروطها؟ وهو أمر إذا حدث سيعمل على انشقاق كبير وجذري في صفوف الحركات الرافضة وإضعافها وربما موتها سريرياً.

المصدر: الانتباهة أون لاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.