السودان وإثيوبيا.. وحرب إثبات الملكية

شهدت الحدود الشرقية مع أثيوبيا، تطورات عديدة بعد ان بدأ الجيش في نوفمبر من العام الماضي عمليات عسكرية وأعاد انتشاره واسترد منطقة الفشقة الكبرى والصغرى ، وبحسب أستاذ القانون الدولي بجامعة الخرطوم سابقا وعضو لجنة تخطيط الحدود البروفيسور البخاري عبد الله الجعلي، أن قضية حدود البلاد مع اثيوبيا واضحة من وجهة النظر القانونية وحسمت بموجب اتفاقية 1902 ، وأكد في المنتدى العلمي الأول الذي نظمته كلية القانون بجامعة النيلين بعنوان دبلوماسية الحدود بين السودان وأثيوبيا (التنظير والممارسات والتطبيق) بحضور المدير العام للجامعة بروفيسور محمد الأمين أحمد ، أكد ان ما تقوم به القوات المسلحة هو واجبها في بسط السيادة السودانية في أراضي سودانية، وأضاف: «لدينا ورقنا والعايز يشتكي يمشي المحكمة».

تهليل وتصفيق
وأوضح البخاري أن اتفاقية 1902 بين الحكومة البريطانية ممثلة عن السودان ومنليك الثاني ملك ملوك إثيوبيا،  حسمت قضية مهمة تتعلق بالحقوق المائية بين الدولتين قانونيا وسياسيا باتفاق تاريخي مهم، نصّ في المادة الثالثة منه على ان «يتعهد جلالة الإمبراطور منليك الثاني، ملك ملوك إثيوبيا، لجلالة الحكومة البريطانية بعدم تشييد، أو السماح بتشييد، أي أعمال على عرض النيل الأزرق، أو بحيرة تانا، أو السوباط، من شأنها أن تعيق تدفق مياهه في النيل إلا بموافقة الحكومة البريطانية وحكومة السودان. وقال ما تقوم به القوات المسلحة هو واجبها في بسط السيادة السودانية في أراض سودانية، وأضاف: «لدينا ورقنا والعايز يشتكي يمشي المحكمة». ، ودعا الجميع للنظر ان السودان أولاً ، وقال الذين «هللوا وصفقوا» للوثيقة الدستورية عليهم ان يتذكروا أن السودان اولاً ، وأن نختلف داخلياً ونتوحد صفا واحدا مع أي عدو خارجي ، وقال ينبغي أن نكون صفا واحدا خلف الجيش والقوات المسلحة ، وجزم بأن أغلب المسؤولين الذين تبوأوا المناصب منذ استقلال البلاد، ليس لديهم خبرات ، عدا الحكومة التي شكلها الرئيس الراحل جعفر نميري ، وقال حكومة نميري كانت كلها من الخبرات ، وأضاف قائلاً: الحكومة الحالية بها خبرات ، لكنها خبرات أجنبية .

العدو الأول
وأكد البخاري ان أكثر إهمالا لقضية الحدود حدث في عهد النظام البائد ، وقال أكثر رئيس دولة كان مهتما بحدود السودان هو جعفر نميري ، وقطع الجعلي بأن العدو الأول للسودان هو اثيوبيا ، وقال ينبغي أن تبنى عقيدة الجيش على هذا ، لجهة ان مسؤولين في حكومة اثيوبيا صرحوا بأنهم لن يغفروا للسودان وقوفه مع أريتريا وان علاقتهم معها ستعود جيدة من خلال تبادل المغنين ولاعبي كرة القدم  ، وأكد أن اثيوبيا لن تغفر للسودان تحرير أريتريا وانها أصبحت دولة مستقلة بمساعدتها إبان حكومة أكتوبر في العام 1965 ، وأكد أن ما يكتب في الصحف حول قضية الحدود مع اثيوبيا من غير المختصين سوف يضر أكثر بقضية الحدود.

تسوية الحدود
وجزم بأن مناطق الفشقة الكبرى والصغرى أراض سودانية منذ تحديدها ابان فترة الإستعمار الإنجليزي ووفقاً لاتفاقية 1902م ، وأوضح أن معاهدة  الاتفاقية تكونت من خمس مواد فقط ونجحت في تسوية الحدود الشرقية للسودان ، ونبه إلى أن المعاهد حددت تأكيد حدود السودان مع اثيوبيا وأريتريا ، ووضعت «الفشقة» أراض سودانية بمقتضى معاهدة 1902  ، وقال الانجليز أكثر سلطة مستعمرة حافظت على أراضي السودان .

إشعال الحرب
ومن جانبه كشف نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي بشير آدم رحمة عن وجود ثلاث دول خارجية تعمل على إدخال السودان في حرب مع إثيوبيا ، وقال لدي معلومة مؤكدة بوجود أطراف خارجية تعد أصدقاء تريد أن يدخل السودان في حرب مع إثيوبيا ، وأضاف قائلاً تريد إضعاف السودان كي يصبح في يدهم. وأكد عدم وجود اية مصلحة للسودان في قيام حرب مع أثيوبيا في الحدود.

تمزق السودان
وتخوف بشير من حدوث سيناريوهين حال دخول البلاد في حرب مع اثيوبيا ، وقال إذا قامت حرب وانتصر الجيش فأنه سوف يحضر ويمسك حكم البلاد ، وأضاف إذا انهزم الجيش في الحرب فأن السودان سوف يتمزق. ورأى بشير أن تقوم مجموعة سودانية غير حكومية بعمل ضبط على الطرفين حتى لا تقوم حرب ، وقال على الحكومة أن تعمل «مستودع خبرة» من خبراء وطنيين للتخطيط للعلاقات الخارجية للسودان .

استيطان الفشقة
وفي السياق أكد مدير إدارة الحدود اللواء شرطة صلاح الدين أحمد الزين أن الجيش لم يدخل في حرب مع إثيوبيا ، بل قاما بإعادة واسترداد مناطق سودانية . وطلب صلاح الدين من الحكومة العمل على «استيطان» المواطنين بتلك المناطق الحدودية وتنميتها ، وكشف عن شروعهم في العمل على إعادة ترسيم الحدود ، وقال الحدود مخططة ولدينا كل الإحداثيات التي تثبت ذلك . ونبه صلاح الدين إلى أن كل ما يتعلق بالحدود أمر سيادة ، وقال ما يتعلق بالسياسة ليس محل محاصصات ويجب على الجميع أن يحسن إدارة الأزمة .

نزاع محسوم
بالمقابل، جزم نائب رئيس القضاء حسين الفكي الأمين بعدم دخول البلاد في حرب مع إثيوبيا على الحدود للحصول على أراضيه . ولفت إلى أن قضية الحدود قانونية بحتة  وصدر فيها حكم ستتجه الجهات المختصة لتنفيذه ، وقال الحديث الذي يقال عن أن حل القضية سيتم من وجهة نظر عسكرية أو سياسية مجرد حديث.واعتبر حسين ما يثار عن دخول البلاد في حرب (  تخوف ما في محلو) لجهة ان القضية واضحة، وأكد بان السودان يمتلك وثائق واتفاقيات واضحة، وأضاف:  القضية ليست سياسية او عسكرية وإنما نزاع محسوم بالقانون.

الكورة واطة
وفي سياق ذي صلة، قال مدير إدارة الحدود في المخابرات العامة العقيد محمد بابكر، ان ما يدور في الحدود الشرقية ليست حربا ، وأكد ان حسم قضية الحدود الشرقية مع اثيوبيا يمكن ان تحسم في جولة مفاوضات واحدة فقط بنص اتفاقية 1902 ، وقال نحاول ان نكسب زمننا و»نخت الكورة واطة» ونأتي باتفاقية 1902 التي سوف تحسم كل الخلافات .

مشكلة قديمة
وفي غضون ذلك، قال عميد كلية القانون بجامعة النيلين دكتور ابوعبيدة الطيب ان قضايا الحدود من أقدم المشاكل التي تواجه السودان ، مشيرا إلى أن النزاع الحدودي بالحدود الشرقية للسودان هو نزاع  قديم متجدد، لافتا إلى أن السودان ابرم اتفاقية عام 1902 بين السودان واثيوبيا، إلا انه في عام 1957 واجه السودان نزاعا مع إثيوبيا حيث توغل عدد من المزارعين في أراضٍ واسعة داخل السودان.

المصدر: الانتباهة أون لاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.