مافيا تصدير الذهب والصراعات

يعول السودان على الذهب كمورد للنقد الأجنبي، بعد فقدانه ثلاثة أرباع عائداته النفطية بسبب انفصال جنوب السودان في يوليو 2011، وفقدان 80 بالمائة من موارد النقد الأجنبي، ويعد التعدين التقليدي الذي يقوم به الأهالي في أكثر من 800 موقع تنتشر في جميع أنحاء البلاد، الأكثر إنتاجية مع وجود مليون شخص يعملون به بنسبة إنتاجية تقدر بـ 80٪ من الإنتاج الكلي، ويحتل السودان خلال السنوات الخمس الماضية المركز الثالث في إنتاج الذهب على مستوى القارة الأفريقية بعد جنوب أفريقيا وغانا، والمركز الـ 13 عالمياً، بحجم إنتاج سنوي يقدر ما بين 100 و250 طناً.

وبحسب تقرير لوزارة الطاقة والتعدين السودانية بلغ إنتاج الذهب عام 2019 حوالى 60 طناً مترياً، وبلغ الإنتاج من الذهب بنهاية في العام الماضي 2020 نحو 120 طناً. وبخطوة مفاجئة أعلنت الحكومة ضمن برنامجها للعام الحالي سيطرة الدولة على صادر الذهب بتولي بنك السودان المركزي شراء الذهب بأسعار البورصة العالمية وتصديره مع التعجيل بإقامة بورصة سودانية للذهب، الذي وجد رفضا واسعا من قبل مصدري الذهب الذين استبشروا خيرا عقب لقائهم بوزير المالية الخميس الماضي ومطالبتهم بوضع آلية واضحة لصادر الذهب لشراء الذهب بالمقابل المحلي،ومعالجة مشكلات شراء.

تجربة المجرب
وتؤكد شعبة المصدرين أن استئناف صادر الذهب سوف يوفر 40 ٪ من احتياجات البلاد، بيد انها ربطت تحقيق ذلك بالقضاء على التقاطعات وخروج الحكومة من شراء الذهب،عبر مناشدتهم لوزير المالية بترك القطاع الخاص في القطاع ومنحه فرصة بدون تدخلات ويتم محاسبته، لا سيما و ان القطاع عانى من التدخلات الحكومية منذ 10 اعوام، الامر الذي لم يحدث، ليطلق رئيس شعبة مصدري الذهب عبدالمنعم الصديق صافرات الإنذار بان إعلان الحكومة عن قرار سيطرتها على صادر الذهب بصورة كاملة وان تولي بنك السودان المركزي شراء الذهب بأسعار البورصة العالمية يعتبر بداية السقوط لعملية سياسة التحرير التي انتهجتها الدولة مؤخرا، وتساءل في حديثه لـ(الإنتباهة) لماذا تصر الحكومة على تجربة المجرب؟ ولمصلحة من يتم اتخاذ مثل هذه القرارات التي تم العمل بها سابقا ولم تؤد لأي نتائج ايجابية في اصلاح الاقتصاد السوداني.

لم يقم بواجبه
والشاهد ان العام الماضي شهد تخبطا كبيرا في سياسات صادر الذهب مابين الاحتكار والتحرير كان آخرها ووفقاً لمنشور البنك الموكزي لشهر يونيو تقرر أن يتم تصدير الذهب الحر وذهب شركات مخلفات التعدين وفق ضوابط جديدة تضمنت السماح بتصدير الذهب بواسطة أي شخص معنوي بعد استيفاء كافة إجراءات وضوابط الصادر السارية.

وأن يتم تنفيذ عمليات صادر الذهب الحر وذهب شركات مخلفات التعدين بطريقة الدفع المقدم فقط، ووفقاً لأسعار البورصة العالمية.
ويسمح بتصدير الذهب الحر وذهب شركات مخلفات التعدين خاما أو بعد تصفيته بمصفاة السودان للذهب.

كما يسمح للشركات العاملة في مجال مخلفات التعدين بتصدير كامل إنتاجها بعد أن يتم تحصيل نصيب الحكومة والأرباح والعوائد الجليلة والزكاة والضرائب عيناً من الإنتاج الكلي لتلك الشركات بواسطة الشركة السودانية للموارد المعدنية، الأمر الذي كشف عن نتائجه عضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير بروفيسور محمد شيخون بأن القطاع الخاص منذ تحرير الذهب وبالرغم من وجود آلية باللجنة الاقتصادية للطوارئ لم يدخل خلال العام الماضي عائداتهم في القنوات الرسمية، واضاف لـ(الإنتباهة) ان أكبر دليل أنهم لم يؤدوا واجبهم وانهم لم يساهموا بقدر يذكر في الاختناقات التي شهدتها السلع الأساسية، لافتا إلى أن الحكومة في حال وضع يدها على صادر الذهب يستطيع أن يعالج مشكلات الفجوة في السلع الأساسية بجانب دعم مدخلات الإنتاج خاصة في القطاع الزراعي، واعتبر عدم دخول الحكومة في مضمار صادر الذهب بالسبب الأساسي لفشل البرنامج الاقتصادي للعام الماضي عبر اعتمادهم بنسبة 100٪ على القطاع الخاص، واصفا بانه في واقعه قطاع طفيلي تعود على غسيل امواله بالجنيهات السودانية وتجنيبها، وعندما يستورد يستورد سلعا هامشية، وفي حال استورد سلعا اساسية تباع للمواطن بأسعار الموازي المرتفع باستمرار.

وأعلن شيخون تأييده لقرار بنك السودان المركزي القاضي بسيطرة الدولة على صادر الذهب عبر تولي بنك السودان المركزي شراء الذهب بأسعار البورصة العالمية وتصديره مع التعجيل بإقامة بورصة سودانية للذهب، وقال ان اللجنة طالبت في وقت سابق بان تضع الدولة يدها على إنتاج الذهب بنسبة على الأقل 80٪ وان يصدر عبر الدولة فحال تعذر سيطرة الدولة على الإنتاج كله.

إيجابي ولكن
ويؤيده في ذلك القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار في ان هذا القرار ايجابي ولو انه جاء متأخرا، ولفت الى ان هذا القرار من اهم مقترحات اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير في العام ٢٠١٩م، وقال في حديثة لـ(الإنتباهة) لو تم تطبيقه حينها لما وصلت الحالة الاقتصادية كما هي عليها الآن، ووصف كرار القرار بالجيد بيد انه يصب في خانة سيطرة الدولة على الموارد، وأبان ان هذا القرار له مطلوبات أهمها ان الدولة نفسها يجب ان تقوم بالإشراف الكامل على الكميات المنتجة من قبل الجهات المختصة والمتمثلة في وزارة الطاقة والتعدين وشركة الموارد المعدنية حتى لا يتم تحريكها بحيث يتم تحويل جميع الكميات المنتجة للبورصة او ان يقوم بنك السودان بشرائها، وطالب كرار بإبعاد الاجهزة العسكرية من مناطق التعدين لجهة ان لها دورا كبيرا في عمليات التهريب، فضلا عن دخول الدولة في عملية انتاج الذهب بان يكون لديها مربعات عن طريق شركة (ارياب) مثلا اي أن يكون لها دور في الإنتاج، وبهذا تصب الثروة المعدنية في خانة تخصيص ميزان المدفوعات.

المصدر: الانتباهة أون لاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.