الدولار الجمركي ..المــواطـن تحــت (قصف) الحكومة!!

تناقلت وسائل الإعلام المختلفة خبرا بشأن زيادة الدولار الجمركي  الى ٢٠ جنيها بدلا من ١٨ جنيها  والذي تم استثناؤه ،وإرجاؤه لشهر يونيو بحسب وزير المالية   الذي قال في مقابلة تلفزيونية انهم سيفرغون من تحديد سعر الدولار الجمركي قبل يونيو المقبل ،والشاهد دون ان يجد نفيا من وزارة المالية التي سارعت مطلع العام قبل اجازة الموازنة عندما راج ذات الخبر عن تحريك الدولار الجمركي بموازنة العام ٢٠٢١م.

مسيرة الصعود
والثابت أن تحريك الدولار الجمركي وإن كان معدله قليلا إلا أن الاقتصاد يتعامل مع بيئة المتعاملين في القطاع الخاص ودائما ما يقع العبء على المستهلك ليس بمقدار العبء الفعلي، لجهة أن القطاع الخاص يضاعف إثر الزيادة على المستهلك مثلما حدث عقب القرارات الاقتصادية الأخيرة برفع الدعم عن الوقود فإن العبء الذي انتقل على المستهلك كثيرا جداً،وهذا ما حدث في مطلع العام  ٢٠١٧م أصدر بنك السودان المركزي منشوراً رفع بموجبه تقييم الدولار الجمركي من 6.4 جنيه إلى مبلغ 6,6 الامر الذي انعكس  على أسعار السلع المستوردة باعتبارها زيادة في قيمة الجمارك بنسبة 3%، باعتبار أن أي زيادة في الرسم الإضافي والدولار الجمركي بحسب مستوردين يؤثر سلباً على السلع وتعمل على رفع أسعارها إضافة إلى تضرر التجار من حيث القوة الشرائية، بجانب تأثر رأس مال المستوردين وبالتالي ضعف الاستيراد”، وفي المقابل اطلق المستوردون تحذيرات من خطورة الزيادة التي من المتوقع أن تشكل ندرة في السلع وارتفاع أسعارها بصورة تفوق التكلفة، بالرغم من ان الزيادة طفيفة .

وفي نهاية العام ذاته في ديسمبر قال وزير الدولة في وزارة المالية  وقتها، عبد الرحمن ضرار، إن «الوزارة رفعت، في موازنة عام 2018، سعر الدولار الرسمي في البنك المركزي من 6,9 جنيه إلى 18 جنيهاً، للتعامل به في كل المؤسسات الحكومية، بما فيها الجمارك»،وأرجع ضرار زيادة الجمارك على الدقيق المستورد بنسبة 10%، إلى الرغبة في حماية الصناعة المحلية.وفي العام ٢٠١٩م أعلن رئيس الوزراء المعين حديثا، محمد طاهر إيلا، عن حزمة من القرارات الاقتصادية لدعم القطاع الخاص، أبرزها خفض قيمة الدولار الجمركي بنسبة 20 بالمائة «من 18 جنيها إلى 15 جنيها»، و إعفاء كل مدخلات الانتاج، والحاويات الشخصية من فورم الاستيراد (IM) ،وتلقى المستوردون وقتها القرار بترحاب واسع معتبرين القرار بمثابة «بشرى إيجابية للقطاع الخاص والاقتصاد الوطني»، وأن من شأنها تحريك وتنشيط قطاعات الأعمال ودعم الاقتصاد الوطني.

إغلاق نظام
ويؤكد مصدر مطلع بهيئة الجمارك ان وزارة المالية وادارة الجمارك اتخذت خطوات التعامل بالقيمة الجديدة للدولار الجمركي الذي ارتفع من (١٥) جنيها الى (٢٠) جنيها منذ مساء امس الأول ،وكشف لـ(الإنتباهة) ان الجمارك قامت بإغلاق نظام الدفع الالكتروني والشبكة الخاصة بترخيص العربات ( بوكو) على ان يتم سحب الفاتورة بالسعر الجديد للدولار الجمركي  وقال ان المالية تخوفت من رد فعل الشعب السوداني الذي سيتجرع مرارة هذا القرار بعد ان ترتفع قيمة الدواء والسلع الاستهلاكية والكمالية بنسبة ٤٠-٥٠٪ في ظل هذه الظروف الاقتصادية الطاحنة .

بدائل أفضل
وأكد المستورد معاوية ابا يزيد تأثير رفع الدولار الجمركي على المواطن لجهة انه يساهم في رفع أسعار السلع بنسبة 500 ٪  فضلا عن التعديل الجديد في رسوم  الجمارك، ونوه الى ان تلك الزيادات تؤدي الى تصاعد نسبة التضخم الاقتصادي، جازما بأنه يتم تطبيق تلك الزيادات دون وضع برنامج انتاجي، وقال لـ(الإنتباهة)  ان هنالك بدائل أفضل من هذه القرارات يمكن تطبيقها وهي حل مشكلة الميناء وتابع : حال تم حلها يمكن ان يتم توفير حوالي  (٢.٥) مليار دولار، والتي تكفي لحل جميع المشاكل،  مبديا استياءه من عدم تجاوب رئيس مجلس الوزراء  لعدم استجابته لحل تلك المعوقات، واضاف :ظللنا نطالب منذ يناير لحلحلة مشاكل الميناء دون جدوى، وابرزها زيادة رسوم هيئة الموانئ بمعدل ضخم يصل الى مايقارب ١٠٠٠٪ .

زيادة ضئيلة
من جهته أشار رئيس غرفة السيارات عمرو جعفر عن ان الزيادة في الدولار  الجمركي ضئيلة وغير مؤثرة في اسعار السيارات ، بيد ان الفرق يكمن في الدولار الجمركي والدولار الرسمي في الفترة السابقة، واضاف لـ(الإنتباهة) ان الفرق يؤثر حال تحقق  حديث وزير المالية عن انه بحلول شهر يونيو المقبل فلن يكون هنالك دولار جمركي بمعنى انه سيتم تحرير السعر بصورة كاملة للدولار الجمركي ، وتوقع عدم تحقيق هذه الخطوة بنفس الأسعار والنسب للفئات الجمركية الحالية، كاشفا عن اتجاه للتعامل والعمل على الغاء بعض الرسوم وتخفيض أخرى .

انعكاس نفسي
من جانبه قال  الخبير الاقتصادي عادل عبدالمنعم ان  قرار زيادة الدولار الجمركي جاء متأخرا بيد انه اعتبر ان الزيادة طفيفة ولا تؤدي الى زيادة الإيرادات الزيادة المطلوبة لجهة ان الدولار الجمركي عندما كان يبلغ في نوفمبر ٢٠١٧  (١٨) جنيها  ففي السوق الموازي كان يبلغ سعر الدولار  ١٣ جنيها، وتابع : حينها كانت الزيادة مجدية وساعدت في زيادة الايرادات الجمركية  والايرادات الضريبية، ونوه الى ان الدولار في الوقت الحالي وصل الى ( ٤٠٠) جنيه اي ان الزيادة تصاعدت الى٢٠  ضعفا، اي ٢٠٠٠ بالمائة بيد ان الزيادة في الدولار الجمركي سجلت ٣٣ ٪ فقط، واعتبر ان الزيادة لن تؤثر في ارتفاع السلع ولن تؤدي الى زيادة الايرادات زيادة معتبرة، ولفت الى وزارة المالية تعاني من عجز كبير في الايرادات وتلجأ الى الاستدانة من  بنك السودان المركزي ، مما يؤدي الى ظواهر سالبة وضعف  الجنيه السوداني ، وافاد لـ(الإنتباهة) كنا نتوقع ان تصل زيادة الدولار الجمركي الى ١٠٠ جنيه  كأقل تقدير ، وطالب من الحكومة ان تضع نصب اعينها من زيادة ايراداتها، ووصف الزيادة التي تم تطبيقها بأنها لا معنى لها ولن تؤثر في السوق بصورة ايجابية اذ ان انعكاسها سيكون نفسيا ويساهم في تنشيط حركة رفع الأسعار، ودعا الى اتخاذ قرارات قوية  في سياسة الاصلاح الاقتصادي وعدم التخوف من تطبيقها ، وابان ان المؤثر الرئيسي في ارتفاع السلع في الاسواق دولار السوق الموازي   وليس الدولار الجمركي ، واضاف يتم حسم الجمارك على فئة ٢٠ جنيها للدولار، بينما الدولار في الموازي يبلغ سعرة ١٠٠ جنيه .

مخالفة للقانون
وتعد  قضية الدولار الجمركي  بحسب اقتصاديين يمكن أن تثبت وتكون زيادة حصيلة الجمارك من زيادة حجم الاستيراد بالرغم من الاتجاه إلى تقليل حجم الواردات وزيادة حجم الصادرات كسياسة أخرى،  فالنقد الأجنبي والذي يعتبر  أهم الايرادات الخاصة بالعملة المحلية، وترى وزارة المالية أن زيادة الدولار الجمركي وزيادة الجمارك احدى الآليات التي تحد من الواردات، لكن الصحيح أن الحد من الواردات وزيادة الصادرات على أسس فعلية وليس بإجراءات خاصة بوضع بعض العراقيل أو بعض الزيادات مما يعني أن التغلب على المشكلة يكون بشكل حقيقي وفعلي من خلال زيادة الإنتاج وإحلال الواردات وزيادة الصادرات ، حيث يرى  عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله ان المفارقة تكمن في ان اجازة الميزانية المتأخر عن موعدها التقليدي منتصف يناير  ظلت تتوالى قرارات تتعارض بصفة صريحة مع الموازنة علما أن الموازنة بعد اجازتها تصبح قانونا ماليا وينبغي على جميع السلطات احترامها والتقيد بها، مشيرا الى ان قانونها يمنع التصرف داخلها من بند على حساب بند آخر، وقال لـ(الإنتباهة)   ان القرار  الصادر من وزارة المالية حول الزيادة في قيمة الدولار الجمركي اي التخفيض من قيمة الجنيه  من دولار مقابل ١٥ جنيها الى  مقابل ٢٠ جنيها، بنسبة تخفيض يصل الى ٣٣٪  لقيمة الجنيه الجمركي، انه جاءت بعد البيان الصادر عن المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي حول اداء السودان بموجب اتفاق  البرنامج المراقب من قبل الموظفين في صندوق النقد الدولي، بيد ان المطلوب من السودان إصلاح سعر صرف الدولار الجمركي لإزالة التشوهات في غضون شهور، مما يؤدي لاستنتاج المراقب بأن هذه الخطوة تعتبر استجابة للمطلوبات التي لن تتوقف من قبل صندوق النقد الدولي،

واضاف في مناقشات موازنة ٢٠٢١ ممثل الجمارك حذر من اي تحريك  لقيمة الدولار الجمركي، وأوضح بأنهم لايزالون يعانون من خطوة زيادته من (٦.٦) الى (١٨) جنيها ، وقال ان تحذيره يتفق مع اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير لجهة ان الجمارك كسلطة ايرادية ينعكس في كفاءتها اي بمعنى ان  مساهمة الجمارك في الايرادات  العامة ستتراجع وهذا دون الزيادة من التهرب الضريبي  والتحايل، ونوه الى انه على  صعيد العرض الكلي في السوق ان الزيادة الجمركية يترتب عليها تراجع في العرض نتيجة تراجع الطلب وبالتالي تدفع مع السياسات الاقتصادية الاخرى الى اتجاهات انكماشية  وتباطؤ  ومزيد من ارتفاع السلع والخدمات وان تدخل الزيادة كعامل اضافي من العوامل التي ادت منذ فترة طويلة الى استمرار زيادة الأسعار، مبينا انه من جانب الإنتاج القرار لم يستوعب ان ٨٥٪ من واردات  البلاد واردات مرتبطة بمدخلات الإنتاج والتشغيل والصيانة، مما يؤدي الى توقف وخروج العديد من القطاعات الإنتاجية والصناعية والزراعية عن دائرة الإنتاج .

المصدر: الانتباهة أون لاين

Exit mobile version