اندلعت قبل أكثر من 13 ألف سنة.. (الصراع في السودان).. قصة أقدم حرب عرقية في التاريخ

ربما لم تكن كل الأشياء على ما يرام بين الشعوب التي سكنت الضفة الشرقية لنهر النيل في شمال السودان قبل أكثر من 13 ألف عام خلت، كما كشفت الجثث المدفونة في مقبرة في أحد أقدم المواقع بالعالم التي تظهر فيها آثار الحروب البشرية.

 

حروب ما قبل التاريخ:
قال باحثون يوم الخميس الماضي وفقاً لوكالة رويترز للأنباء، إن إعادة فحص بقايا مقبرة “جبل الصحابة”؛ التي تم التنقيب عنها في ستينيات القرن الماضي؛ تعطي رؤية جديدة لسفك الدماء في عصور ما قبل التاريخ، بما في ذلك أدلة على حدوث سلسلة من المواجهات العنيفة بدلاً من مواجهة قاتلة واحدة كما كان يعتقد سابقاً.
وبحسب التقرير، فقد شوهد نحو أكثر من 41 علامة ناتجة عن إصابات معظمها من أسلحة المقذوفات بما في ذلك الرماح والسهام، من بين بقايا الهياكل العظمية لـ61 رجلاً وامرأة وطفلاً، تحمل جميعها إصابة واحدة على الأقل، وقد التأمت بعض الجروح، مما يدل على أن الشخص تعرض لعدة هجمات في أوقات مختلفة.
ويشير التقرير إلى أن ستة عشر منهم يحملون إصابات بجروح ملتئمة وغير ملتئمة، مما يشير إلى أنهم نجوا من معركة ليموتوا في أخرى. وقد حدد الفحص المجهري الجروح التي تحتوي على بقايا أسلحة حجرية مغروسة في العظام.

 

أدوات القتال:
من جانبها، قالت عالمة الأنثروبولوجيا القديمة إيزابيل كريفكور من المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية بجامعة بوردو، المؤلفة الرئيسية للدراسة المنشورة في مجلة “سينتفيك ريبورت” والتي تعتبر دورية أكاديمية تغطي جميع مجالات العلوم الطبيعية، قالت إن العنف الواسع والعشوائي طال الرجال والنساء على حد سواء، ولم يستثن الأطفال حيث أصيب أطفال لا تتجاوز أعمارهم أربع سنوات أيضاً.

 

وتقول كريفكور انه يبدو أن أحد أهم الخصائص القاتلة التي يركز عليها المهاجمون هي فقدان الدم. وتشير إلى أنه بينما يمكن إلقاء الرماح والسهام من مسافة بعيدة، كان هناك أيضاً دليل على وجود قتال متقارب مع العديد من حالات الكسور الباري وهي – الضربات على الساعد التي يصاب بها الشخص عند رفع الذراع لحماية الرأس – وكسر في عظام اليد.

عاش الصيادون في وادي النيل في ذلك الوقت، قبل ظهور الزراعة. واصطادوا الثدييات مثل الظباء، والأسماك وجمعوا النباتات والجذور. وكانت مجموعاتهم صغيرة، ربما لا تتجاوز المائة بحسب التقرير.
وفي حين أنه من الصعب معرفة سبب الاقتتال، فقد جاء ذلك خلال فترة تغيّر المناخ في المنطقة من فترة جفاف إلى فترة رطبة، إلى جانب فترات فيضانات النيل الشديدة، مما قد يؤدي إلى إثارة المنافسة بين العشائر المتنافسة على الموارد والأراضي.

حروب متعددة:
من جانبه، قال المؤلف المشارك في الدراسة دانيال أنطوان، القائم بأعمال رئيس قسم مصر والسودان وأمين علم الآثار البيولوجية في المتحف البريطاني بلندن، “إنه على عكس نشوب معركة محددة أو حرب قصيرة، يبدو أن العنف كان للأسف حدثاً منتظماً وجزءاً من النسيج اليومي لحياتهم”.

 

وأشار التقرير إلى أن الموقع الذي يقع تحت بحيرة ناصر والتي تعتبر أكبر بحيرة صناعية في العالم، هو أقدم مجمع جنائزي معروف في وادي النيل وأحد أقدم المجمعات الجنائزية في أفريقيا. وتم تخزين الرفات البشرية حديثاً في المتحف البريطاني.

 

وتقول كريفكور، انها تعتقد أن النتائج التي تم التوصل إليها لها تاثير مهم على النقاش حول أسباب وشكل الحرب. ولن ما هو مؤكد أن أعمال العنف تم تسجيلها منذ مئات الآلاف من السنين، ولا تقتصر على جنسنا البشري – على سبيل المثال، ولكنها تشمل الإنسان البدائي أيضاً. لكن ربما تكون دوافعهم معقدة ومتنوعة كما يمكن أن نتخيل.

تاريخ الحرب:
وكانت تقارير إخبارية سابقة قد كشفت أن علماء فرنسيين، يعملون بالتعاون مع المتحف البريطاني توصلوا إلى ما يعتقدون أنه بقايا لهياكل عظمية من أقدم حرب عرقية في التاريخ، والتي قد تكون اندلعت قبل أكثر من 13 ألف سنة على أطراف الصحراء الكبرى.

واعتبرت التقارير أن الهياكل العظمية التي اكتُشفت في “جبل الصحابة”، على الضفة الشرقية لنهر النيل في شمال السودان، تُعد الدليل الذي يكشف عما يمكن اعتباره أقدم نزاع مسلح في تاريخ البشرية.

وعلى مدى السنوات الماضية، اكتشف علماء الأنثروبولوجيا من جامعة بوردو الفرنسية عشرات من رؤوس السهام وشظايا حول عظام الضحايا. كما أن هناك العديد من الآثار المشابهة التي وُجدت بالقرب من المنطقة في الستينات من القرن الماضي والتي أُعيد فحصها مرة أخرى باستخدام تكنولوجيا متطورة لم تكن متوفرة حين اكتشف العظام عالم الآثار الأمريكي البارز فريد ويندروف عام 1964.

 

السوداني

Exit mobile version