مهيد صديق عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير أكد على ضرورة إعادة هيكلة (ق.ح.ت) لتكون فعلاً هي الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، مشيراً إلى هيمنة 7 أحزاب على الحاضنة وترفض إعادة هيكلتها، وتعتبرها خطراً عليها لأنها ستفقد مركز صناعة القرار.. كاشفاً في حوار لـ(السوداني) أن خروج الحزب الشيوعي أثر على الحاضنة السياسية، وأفرز تململاً لأحزاب أخرى، مشيراً إلى فشل الحكومة داخلياً في معالجة المشاكل الاقتصادية وغيرها من المحاور .
لماذا اتسع الخلاف داخل المجلس المركزي للحرية والتغيير؟
المجلس المركزي للحرية والتغيير أخذ شرعية مع السلطة في إطار الوثيقة الدستورية، لكنه لم يعُد يمثل كل قوى الثورة أو القوى التي انشأت إعلان الحرية والتغيير، واشتد الصراع نتيجة لتكوين الحكومة الثانية.
لماذا؟
لأن (7) أحزاب شكلت السلطة باسم الحرية والتغيير، في حين أن قحت بها أكثر من 30 حزباً، وهذا أدى لخلل له علاقة بصراع السلطة السياسية الموجودة .
هل هذا خطأ يُحسب على المجلس المركزي؟
نعم، لأنه استبعد مبدأ الكفاءة ووضع المبدأ السياسي كمبدأ أعلى وأساسي.. الصراعات كانت مكتومة لأن محاولات الإصلاح كانت جارية رغم أنها بطيئة، ولا بد من إعادة هيكلة الحرية والتغيير لتشمل كل القوى السياسية الموقعة .
عفواً.. لكن بعض القوى داخل قحت تُعارض إعادة الهيكلة؟
نعم ، لأنها ستفقد مواقع اتخاذ القرار وسلطة أكبر.. بالتالي يعتبرون أن إعادة الهيكلة خطر عليهم، وعملية الإصلاح توقفت داخل المجلس المركزي بشكل غير معلن .
لماذا؟
لارتباطها بمحاصصة المقاعد في الحكومة والولايات، وسترتبط كذلك بمقاعد المجلس التشريعي، ودخول آخرين في اتخاذ قرارات سيجعل فرص بعض الأحزاب ضعيفة، وفي هذا الوضع تم استبعاد كل القوى الموجودة على الساحة السياسية .
إذاً تحول الصراع من هيكلة الحرية والتغيير إلى صراع مرتبط بخط سياسي؟
توجد عضوية داخل الحرية والتغيير داخل السلطة، وأخرى خارج السلطة.
هذا يعني اصطفاف جديد؟
بفعل الواقع، لأن هناك أحزاباً لديها القدرة على اتخاذ القرار موجودة بالمجلس المركزي ولديها وزراء مشاركون في الحكومة، وأخرى داخل المركزي أو خارجه لكن خارج الحكومة، وهذا أحدث تبايناً في المواقف، خاصة وأنهم لا يشاركون في الخط العام للحكومة.. مثلاً وفد السلام تكون من مجموعات وأحزاب داخل المجلس المركزي ولم يتم من القوى الكبيرة الموقعة على إعلان الحرية والتغيير، وأي وفد يتشكل من الحرية والتغيير يكون من المجموعة الموجودة داخل المجلس المركزي .
هل هذا الوضع خلق (تململاً) داخل مركزية قحت؟
هذا الأمر سلب حقوق آخرين من الأحزاب السياسية الموجودة داخل وخارج المجلس المركزي وبعضهم تململ وآخرون أعلنوا خروجهم من قحت، وفريق آخر ذهب لمنصة حزب الأمة، آخرون مع مبادرة محجوب محمد صالح وكبار النقابيين.. منصة التأسيس محاولة لـ(رصد) القوة مع بعضها البعض، والمجموعة التي ليس لها تمثيل داخل مركزية قحت ذهبت مع حزب الأمة.. حزب الامة القومي هو تياران بعضهم داخل المجلس وآخرون في المكتب السياسي هم خارجه ويجتمعون مع القوى الرافضة، وهذا وضع غريب داخل العملية السياسية .
ماهي حقيقة تجميد حزب الأمة نشاطه داخل المجلس المركزي؟
التجميد أعطاه مساحة للمناورة وأخذ فرص أكثر، حيث حاز على 6 ولايات و4 وزراء.. يعني بعضهم معنا في المركزي وآخرون خارجه وهذا وضع غريب وشائك، وموقفه الأخير مناورة ليحوز على أكبر عدد من مقاعد التشريعي وهو من الأمور التي أضعفت الحكومة والحاضنة السياسية .
ماهو الحل إذن ؟
قيام المؤتمر التداولي وهذا يتطلب تقديم تنازلات لصالح الانتقال من الأحزاب داخل قحت .
تنازلات مثل ماذا ؟
توسعة القيادة تحت مسمى جديد، بها تمثيل لكل القوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير بالإضافة إلى ضرورة الاتفاق على برنامج سياسي، الآن لا يوجد أي برنامج سياسي للحكومة الانتقالية .
وكيف يعمل الوزراء ؟
يمارسون في برنامج الحاضنة الحزبية .
هل تأثرت قحت بخروج الحزب الشيوعي؟
نعم ، أثر على شكل التحالف .
كثيرون يرون أن قضايا الشارع بعيدة عن برنامج قحت؟
كل حزب يصيب أو يخطئ يقترب أو يبتعد، وكل له رؤية في الملفات بعضهم يعتقد أن ملف العدالة هو الأهم، وآخرون يطالبون بتأجيله.. هذه الأمور أحياناً غير معلنة، لكن في المواقف السياسية البعض يرى أن ملف العدالة يمكن أن يُجرم مسؤولين بالسلطة في الجناح العسكري، وآخرون يرون ضرورة العدالة الانتقالية، توجد أفكار لكن لا يوجد اتفاق عليها .
انقسمت مكونات قحت حول رفع الدعم؟
بعض الأحزاب ذهبت لرئيس الوزراء وطالبته برفع الدعم، الوضع السياسي غير مستقر .
من الذين اجتمعوا بحمدوك، هل هم المهيمنون على قحت ؟
نعم، ذهبوا لوحدهم.. لذلك توجد فجوة بين اللجنة الاقتصادية والمجلس المركزي للحرية والتغيير .
لماذا تأخر تشكيل المجلس التشريعي؟
إذا تم تكوينه من الأحزاب المهيمنة في مركزية الحرية والتغيير فإن الأمر يؤدي إلى مجلس معزول أو منقسم، والتمثيل لن يكون شاملاً.
ماهي الخطوات التي يمكن أن يقوم بها المجلس المركزي؟
عليه ألا يُعلن قيام المجلس التشريعي إلا بعد توسعة الحرية والتغيير وإشراك الجميع في تكوينه .
إذاً يجب تأجيل تشكيل المجلس التشريعي؟
المشكلة أن المجلس المركزي غير مؤهل أصلاً وليس له شرعية لتشكيل التشريعي.. وإذا شكله سيكون مشوهاً وسيكون بمثابة حفر لقبر الانتقال الديمقراطي.
هل انشغلت مركزية (قحت) بصراعاتها الداخلية عن قضايا المواطن ؟
نعم المركزية ليست لها رؤية اقتصادية، تمت تسميتها من البعث، الأمة، المؤتمر السوداني ، التجمع الاتحادي ، مشغولون ببرامج وتمكين جديد لا علاقة له بقضايا الشارع، صحيح أصبحوا بعيدين عن الشارع، بالتالي عن المبادرات لحلول غير جذرية .
هل فشلت الحكومة في معالجة المشاكل الاقتصادية داخلياً؟
الحكومة نجحت في فك العزلة العالمية، ومهدت لارتباط السودان بالمجتمع الدولي سياسياً واقتصادياً، لكن فشلت داخلياً فالوضع غير مهيأ لاستيعاب الاستثمار لمصلحة الوطن، إيمانويل ماكرون وصف الوضع بالبلاد بـ(الهش).
البرنامج الاقتصادي للحرية والتغيير لم تعمل به الحكومة؟
نعم، تركته جانباً، والحكومة لم تطرح برنامج إصلاح داخلي للاقتصاد، الوضع (تعبان) لا بد من مراجعة للبنوك، قانون المصارف والضرائب، قانون الاستثمار وُضع على عجل .
ما رأيك في الانتقادات للحكومة بأنها لم تهاجم المراكز الاقتصادية لنظام المخلوع؟
مراكز النظام البائد تتولى عمليات حيوية في الاقتصاد، والحكومة تلجأ للشركات الجاهزة، 90% من شركات البترول رؤوس اموال النظام القديم.. الالية الاقتصادية للدولة تعمل بنفس رموز النظام القديم.
حاليا ما تفسيرك لظهور أنصار النظام البائد في الساحة؟
لأن الوضعية الاقتصادية لمراكز النظام وشركات النظام بدأت تدور في عجلة الحكومة الانتقالية وتستفيد مالياً من غير أي تفكيك ووجدوا متنفساً اقتصادياً لهم.
هل ساعدتهم الحكومة للعودة مرة أخرى؟
لا أعرف هل ساعدتهم الحكومة أم أنها تعاملت بسياسة الأمر الواقع أو بتسوية غير معلنة، لكن شركات النظام البائد هي التي تعمل في آلية إدارة الاقتصاد حالياً في العمليات الحيوية الأساسية من استيراد السلع الضرورية.
الوضع المعيشي يمكن أن يؤدي إلى خروج المواطنين عليها؟
الأزمة الاقتصادية لن تُسقط الحكومة، النظام السياسي يسقط عندما يفقد مشروعيته السياسية، الحكومة الحالية تمثل حكومة الثورة، وبدأت تفقد مشروعيتها، وداخله على أزمة سياسية ممكن أن تطيح بها إلى جانب الأزمات الاقتصادية .
النظام السياسي أيام الثورة للسنة الأولى تعرض لأزمات أخطر في الخبز والبنزين ولم تخرج مظاهرات لأن الإحساس كان أن النظام السياسي لديه مشروعية، والآن التململات خطرة وإذا لم تحل الحكومة المشاكل السياسية والاقتصادية، والعدالة للضحايا، وإيقاف الحروب، هذا يترك تساؤاًل هل ستستمر الحكومة بشرعية سياسية في ظل الأزمات الموجودة؟، وإذا فشلت في حلها ستفقد شرعيتها ووارد انهيار حكومة الانتقال وحدها.. بل المكون العسكري كذلك وسيجد نفسه في مهب الريح، لأنه لم يُحسن استخدام الشرعية، وأنه لم يتعاون مع الانتقال بمصداقية، لكنه تعاون بـ(تكتيك) وبدون مصداقية لمطلوبات الانتقال.
كيف؟
يريد أن يبقى الوضع على ماهو عليه .
لكن الاحتجاجات ما تزال مستمرة ضد الحكومة ؟
حتى الآن الاحتجاجات في إطار مطالب العدالة والإصلاح لعدد من القضايا، لكن أتوقع أن تكون الأشهر القادمة أصعب على الحكومة اقتصادياً ومعيشياً لأن اقتصادنا يعتمد على الزراعة والرعي، وإرهاصات عدم التحضير الجيد للموسم الزراعي ما يجعلنا نتوقع حدوث شح، وإذا لم تتعامل مع هذا الامر باستراتيجية ستفقد مشروعيتها بانتظام وستكون الحكومة السبب في فقد مشروعيتها المستمدة من الثورة.
كيف ترى الانتقادات الموجهة لاتفاق جوبا؟
اتفاق الشرق معطل.. والقوى التي وقعت على الاتفاق ليست لديها مقدرة للذهاب إلى الشرق وهي ضعيفة فهم مجموعة أفراد ليس لهم وجود .. الاتفاق به تعثر في المصفوفة التي تحتاج لمراجعة جدولتها.
لكن الأخطر الاتهامات المتبادلة بين أطراف السلام بعدم الجدية؟
لا بد من الجدية.. لا بد من مراجعة اتفاق جوبا بحيث يتناسب مع الواقع، ولا بد من المواءمة بين أفكارهم وأحلامهم قبل التوقيع وبين الواقع الذي شاهدوه داخل جهاز الدولة، وضرورة ألا يخلق الاتفاق نزاعاً جديداً مع أطراف غير موقعة على الاتفاق
بعض الحركات الموقعة على اتفاق جوبا، أشارت إلى أنه بعد 7 شهور من التوقيع، لم يتم تنفيذ الترتيبات الأمنية؟
هم نفسهم مسؤولون من تنفيذ الاتفاق، وهم الآن حكومة، وعليها تحديد من الذي يعيق تنفيذ الاتفاق .
لننتقل إلى مفاوضات الحكومة وعبدالعزيز الحلو، واحتواء الوثيقة على أشياء مثل إجازة الأربعاء وإلغاء قانون الزكاة وغيرها ما أثار جدلاً بالشارع ؟
الدولة يجب أن تكون محايدة تجاه الأديان بالتالي يجب ألا تميز دين على آخر، وهذه تجربة صعبة.. السودانيون لم يجربوها، من ضمنها الإجازات وكتابة الأسماء في شهادات الميلاد فمثلاً إجازة الأربعاء ليست أمراً مستغرباً في الدولة المحايدة، ذلك مستغرب في إطار الدولة القديمة.. أما قانون الزكاة يفترض أن يتم إلغاؤه منذ الإصلاح الاقتصادي، وهو بدعة ابتدعها (الكيزان) وكانت عبارة عن جبايات وضرائب لنظامهم السياسي، ويجب أن تكون هناك مؤسسة مستقلة تتحصل على الزكاة .. الشعب السوداني تضرر من الزكاة .
لماذا الهجوم الكبيرعلى مجلس الشركاء ؟
هو جسم غير دستوري، ومستمد من الأنظمة الديكتاتورية، مهامه ليست واضحة وكذلك أدوات تنفيذه، هي نفس تجربة المؤتمر الوطني المحلول والحركة الشعبية في نيفاشا.
هل ترى ضرورة لإلغائه؟
نعم، وأن يتم وضعه كما كان كاجتماع للقوى الحاكمة سياسياً في اجتماع للتنسيق بين التحالف الحاكم، مهم أن تجد القوى الموقعة منصة للتفاكر، ولكن ليست في نص الدستور .
حالياً أيضاً نرى انقساماً بين أحزاب قحت حول التطبيع مع إسرائيل؟
التطبيع ملف غامض، وهو ملف أمني في المقام الأول .
لماذا ؟
العلاقة مع إسرائيل أمنية وليست علاقة بين شعوب ، وسيظل الملف سرياً بالتالي العلاقة بين الخرطوم وتل أبيب غير واضحة .. كما أن الحكومة غير شفافة في هذا الموضوع .
السوداني