فرض على السودان ان يتعامل مع السد كحقيقة واقعية تستلزم حلولاً لأية مخاطر محتملة، وتبني إثيوبيا سد النهضة العملاق على بعد (15) كيلومتراً من الحدود السودانية بسعة (74) مليار متر مكعب لتوليد كهرباء تقدر بـستة آلاف ميقاوات. وتؤكد وزارة الري إن بدء ملء وتشغيل السد الإثيوبي بلا اتفاق قانوني ملزم، يشكل خطراً على سدوده على النيل الأزرق، وتهديداً لمعاش عشرين مليون سوداني على ضفاف نهر النيل، فضلاً عن احتمال تحول السد لقنبلة مائية تهدده استراتيجياً، وأعلنت السلطات الإثيوبية أن حجم التعبئة الثانية لسد النهضة بلغ (13) مليار متر مكعب، تضاف إليها (4.5) مليارات متر مكعب من الملء الأول العام الماضي.
وكشف وزير الري والموارد المائية ياسر عباس عن تكوين لجنة فنية ووضع إجراءات تخفيف آثار الملء الثاني لسد النهضة، واشار إلى عدم دقه معلومات الجانب الاثيوبى في ما يلي الملء الثانى لسد النهضة من حيث تخزين المياه وتوقيت الملء الثانى، مشيراً لضرورة تبادل المعلومات في سد النهضة وسد الروصيرص، مع الضرورة الحتمية للتشغيل الآمن لسد الروصيرص تفادياً لما حدث من تداعيات الملء الاول لسد النهضة. وحذر خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس بوزارة الري من مخاطر عدم الاتفاق فى سد النهضة، وقال: (حال عدم الاتفاق فإن سد النهضة يهدد نصف سكان السودان، ونؤمن بأن الحل الوحيد يكمن في التفاوض الجاد بما يخدم مصالح الدول الثلاث)، وأقر بفوائد سد النهضة على السودان من خلال زيادة التوليد الكهربائي وتقليل الفيضان، شريطة تبادل المعلومات ووضع اتفاق قانوني ملزم للأطراف الثلاثة، لافتاً الى ان السودان غير مستعد للدخول في مفاوضات مع اثيوبيا بنفس المنهجية السابقة لجهة انها هدر للوقت دون فائدة، مبيناً ان نهر النيل الازرق نهر دولي تتشاركه ثلاث دول، لذلك يجب ان يكون الاتفاق ثلاثياً ملزماً، واضاف ان وزارة الري استطاعت معرفة واستنتاج وصول السد لأي مستوى من المستويات، فضلاً عن معرفة عبور المياه للممر الاوسط في اي تاريخ، وتم النجاح بخطأ محدود، ويوم ١١/ يوليو تم التنبؤ باحتمالية عبور المياه بتاريخ ٢٠ يوليو، ونبه الى انه تم التوقع للممر الاوسط ان يكون البناء فيه الى ٥٧٦.٥ متر، وقال ان هذه المعلومات افضل من التي وصلت من اثيوبيا في خطاب رسمي، وقال ان مدير الري الاثيوبي ارسل خطاباً للسودان ومصر بأن الملء للعام الثاني سيصل الى (١٣.٥) مليار متر مكعب، وتوقع عدم نسبة الخطأ في التخزين، وعبور المياه للممر الاوسط في منتصف اغسطس.
تخفيف الملء الثاني:
ومن جانبه اشارت مدير الجهاز الفني للموارد المائية م. ميسون عادل الى خروج عدد من محطات الشرب عن الخدمة في يوليو الماضي بسبب الاغلاق المفاجئ لابواب سد النهضة، واضافت ان اثيوبيا قامت بتخزين أربعة مليارات ونصف المليار من المياه في العام الماضي، الا ان وزارة الري توقعت في العام الحالي ان تقوم اثيوبيا بتخزين (١٣) ملياراً ونصف المليار، اي ثلاثة اضعاف كمية المياه التي قامت بتخزينها اثيوبيا العام الماضي، واكدت أن المشكلات المتوقعة من جراء هذه العملية ستكون ثلاثة اضعاف المشكلات التي حدثت في العام الماضي، واوضحت ان وزارة الري حاولت التحسب للملء الثاني مما ادى لتكوينها لجاناً فنية متخصصة في إجراءات تخفيف الملء الثاني، وقالت ان التعقيد في المنظومة النيلية داخل السودان يقتضي ان تتم استشارة عدد كبير من الخبراء في مجالات مختلفة، ونوهت باستخدامهم برامج محاكاة حاسوبية تمثل منظومة النيل داخل السودان بما فيها سد النهضة وسد الروصيرص وخزان سنار وخزان جبل اولياء وصولاً الى خزان مروي، اوضحت ان الأنموذج المحوسب يراعي المشروعات الزراعية والقطاعات المائية والزراعية لمعرفة المناطق الاكثر تأثراً بسد النهضة، وقالت ان هذا البرنامج تم البدء فيه في شهر ديسمبر من العام الماضي، لجهة عدم وضوح معلومة ان البناء لن يصل للمنسوب الذي خططت له اثيوبيا وهو (٥٧٥) متراً، الا ان التخطيط في الاول تم على (٥٩٥) متراً، اي على (١٣.٥) مليار متر مكعب من المياه لضمان عدم حدوث اية مشكلات، واكدت الانتهاء من الملء الثاني، موضحة عدم وجود مخرج للمياه الا عن طريق البوابتين المخصصتين والتوربينتين، واوضحت ان البحيرة قبل بداية الخريف توقفت في (٥٦٠) مليار متر مكعب، وابانت أنه اتضحت لهم معلومات أخيراً عن عدم مقدرة اثيوبيا على إدخال وحدات التوليد مبكراً، مما ادى لتقليل السيناريوهات من قبل وزارة الري، وهل سيتم فتح البابين فقط ام سيتم فتح التوربينات والعكس، وقطعت بأن آخر ما تم التأمين عليه بأنه سيتم فتح البابين فقط لخروج المياه، ولمعرفة كيفية تغيير النظام نجد ان نقطة التغير الاولى هي محطة القياس المعروفة (الديم) في النيل الازرق، وببداية شهر يوليو يتم قياس المياه بمليون متر مكعب في اليوم وتزداد الى نهاية الخريف، واضافت ان العام الحالي يختلف لجهة ان سد النهضة سيعمل على حجر المياه في شهري يوليو واغسطس وخروجها عن طريق بابين فقط، اي ان المياه التي تأتي للسودان عن طريق هذين المنفذين فقط، وبذلك نرنو الى معرفة الاضرار المتوقعة لهذا العام، وتابعت قائلة: (ان الاماكن الحرجة التي تحدث فيها الازمة قطاع الخرطوم ــ عطبرة، لجهة انها تحتوي على محطات شرب كثيرة)، واوضحت ان المشكلة تكمن في ان اقل مياه يمكن ان تكون منسابة في النظام لضمان تشغيل الطلمبات، وجزمت بأنه من بداية شهر يوليو الى بداية اغسطس خرجت المحطات خارج الخدمة، وتحسبت وزارة الري لهذا الامر لتغطية العجز المتوقع بالاستفادة من مواعينها التخزينية، واوضحت ان السدود في السودان ستكون في مناسيب عالية، بحيث ان البحيرة بنهاية يونيو تكون في ادنى منسوب لها، وزادت بانه يتم استقبال الخريف عادة بفراغ البحيرات، مما ادى لتغيير التشغيل لخزان الروصيرص، وما حدث في العام الحالي بالمقارنة مع المنسوب الذي يكون فيه السد والذي توقفت فيه البحيرة يعتبر كبيراً، الا ان الفرق يبلغ حوالى مليار متر مكعب وهي الكمية المطلوبة لدعم النظام.
المصدر : الانتباهة