هل تذكر عزيزي القارئ، الحملة التي قادها عددٌ من الصحفيين في عهد المؤتمر الوطني عن الفساد في مكتب والي الخرطوم آنذاك عبد الرحمن الخضر..؟!
تلك القضية التي أثارتها صحيفة (السوداني)، وانتهت آنذاك رغم الضجّة الكبيرة التي صاحبتها إلى ما اُصطلح عليه لاحقاً فقه التحلل..!!
اليوم وفي حكومة الثورة ما أشبه الليلة بالبارحة، تحلل الكيزان ذاك الذي أفرز عدداً لا يُستهان به من الرسوم الكاريكاتورية ومقالات السُّخرية وكل أنواع الطرافة والفكاهة، اليوم يتكرّر علينا من رحم الثورة.
فضيحة مليارات الشركة السُّودانية للموارد المعدنية، بعد أن جَابَت الأسافير ووصلت القنوات الفضائية الأجنبية وأصبحت حديث المدينة، ووصلت حتى مكتب رئيس الوزراء، انبرى لها عددٌ من جماعة (باركوها) و(تاني ما ح يعمل كده)..!!
ثم عادت القضية أدراجها وهم يستلهمون الحكمة من أفواه الكيزان، ويتنكّبون طريقهم، فوصلنا مرحلة التحلل..!!
نعم المليارات الملعونة صار الجميع يتبرّأ منها، بدءاً من الحاكم الذي سيتم تنصيبه، مروراً بوزير المعادن وليس انتهاءً بمدير الشركة أردول..!!
هل هكذا تكون المُعالجات في دولة المؤسسات والقانون يا دولة رئيس الوزراء..؟ هل هكذا يُحسم الجدلُ في حكومة الشفافية والنزاهة..؟ هل هذه دولة العدالة التي تنشدها..؟
أم هل هذه مُعالجاتكم والطريقة المثلى لإسكات الأقلام النزيهة والأصوات الصادقة التي خرجت تقول لا للابتزاز.. لا للمحسوبية.. لا للأتاوات.. لا لاستغلال النفوذ..؟!
هل تسلك حكومة حمدوك نفس مسلك حكومة البشير، مداراة الأخطاء بالتحلل وإعادة الأمور إلى نصابها والأموال إلى أهلها.. و(لا من شاف ولا من دري)..!!
إذن، كيف بالله عليكم تكون لبنة القوانين والمناهج والسياسات الإدارية، فإذا كان ذلك كذلك، فيجب أن يتم الإفراج فوراً عن كل الكيزان، الذين صادرت لجنة إزالة التمكين أموالهم ودُورهم ومَزَارعهم، طالما أن الأمر يتعلّق فقط بإعادة المال لأهله..!!
إن ما يحدث الآن على الساحة عبارة عن مسرحية هزيلة بائسة، عبارة عن دفن الليل أب كُراعاً برّا، هنالك قضية مكتملة الأركان، قضية أصبحت (قضية رأي عام) وقد قال الشارع كلمته فيها، ولن ينتهي الأمر (بالغتغتة والدسديس)..!!
خارج السور:
أرسل لي البعض مقالاً لكاتب أردولي يُهاجمني، ثم لم تمضِ (٤٨) ساعة حتى هاجمني بمقال آخر، الملاحظة الأولى الحكمة في الزمن ( ٤٨) ساعة أيضاً.
ضحكت كثيراً وقلت لمُحدِّثي: والله إنّ قراء الفيسبوك وموقع الراكوبة لم يتركوا للرجل مزعة لحم في وجهه، ووالله لو عقّبت على غثائه الذي يُسمى مقالة، لما كتبت نصف ردود أولئك القراء..
لله درّكم من شعبٍ مُعلِّمٍ.