الطيب عبد الماجد يكتب: نقطة نظام .. جرس ( المرور ) ?

نقطة نظام …!!
جرس ( المرور ) ?
لست في معرض التعليق على رسوم المدارس الخاصة والتي قيل أنها وصلت الي مستويات تاريخية
ولكني في حالة الضيق من خفوت بريق المدارس الحكومية والتي وصلت مستويات خيالية ……
وقد كانت هي الأصل والقصة والفصل
لن تقوم لنا قائمة ولن نعبر وما ( حنتحرك شبر )
لو مافي تعليم …!!
ولم يحمل لنا التاريخ أخباراً عن أمة سطعت وتقدمت بمعزل عن ذلك
( وعلى الإطلاق )
وقد درسونا في البواكير
العلم يرفع بيتاً لا عماد له ***
والجهل يهدم بيت العز والشرف ..!!
وقد أعجبنا البيت الجميل وتركنا التفاصيل
ما دعاني للكتابة هو حالة البؤس والعوار التي يعيشها التعليم الآن وقد أصبحنا نستنجد بالتعليم الخاص لينتشلنا من هذه الهوة ونسينا أو تناسينا أن هذا التعليم الخاص له أهله وناسو ممن بسط الله لهم في الرزق ومنحهم المقدرة على الإيفاء بالتزاماته أو أولئك الذي يستقطعون من لحمهم وقوتهم لإيفاد أبنائهم أملاً في مستقبل أفضل …وربنا يزيد ويبارك .
ولكن أين هو الأصل لتلكم الأغلبية الساحقة من أبناء بلادي أصحاب الحق الأصيل في التعليم ….
وهو حق وليس منة وهدية ….وواجب دولة وليس منحة وعطية ….!!
تماما كالحق في العلاج والصحة ….
فهذه حقوق أساسية …ولا شكر على واجب …
تجربة التعليم الحكومي في السودان تجربة راسخة وقديمة وملهمة خرجت أجيالاً من المتعلمين والمثقفين وجزء كبير منهم في مصنع القرار الآن….!!
فأين هي هذه التجربة وكيف نفرط في هذا الإرث لصالح
تجارب مستحدثة مع إحترامي لها لكنها باتت أقرب للتجارة والاستثمار …..!!
إن لم تكن كذلك في كثير من الأحايين ..!!
لماذا لايذهب الطلاب إلى المدارس بزي واحد وعقل واحد واستعداد واحد …يلتقي إبن الغفير بإبن المدير في سوح العلم والمعرفة تحت سقف واحد السبق فيهم والفيصل فقط لمن كد واجتهد … !!
وليس الفتى من يقول كان أبي …
وكلهم في رعايه دولة تحفظ لهم حقوق المواطنه الحقة والتنافس الشريف ….!!
فقد ظللنا نردد حرية سلام وعدالة ….
فهذه هي العدالة التي نعرفها وخرج من أجلها الشعب
لن يحل التعليم الخاص أزمة أمة ولا معضلة تعليم
لأنه يبقى محدوداً يراعي مصالحه أيضاً ويستقطب
ما يشاء من أساتذة أكفاء وحتي طلاب عندهم استعداد
ودونك بعض هذه المدارس التي تعلن عن الحد الأدنى فيها للقبول بمجاميع عالية ….وهي تريده طالباً جاهزاً ومهيأ يضيف لها …..!!
فماهي إضافتها…!!؟؟
في تنافس غير عادل مع الضفة الأخرى من النهر لأولئك الذين يعانون وكان قدرهم أن يدخلوا في منافسة غير
نزيهة وهم في مقتبل عمرهم فماذا نتوقع من هكذا أجيال تشعر بالتراجع من أول يوم دراسي ….!!
دعوهم يشعروا بالفخر أنهم في كنف تعليم يحترمهم ويحترم عقولهم وأنهم الأصل وما سواهم تجارب واجتهادات ..
ليست لدي حساسية مع المدارس الخاصة ولكن لدي خصوصية في ضرورة تبني الدوله لسياسة تعليمية
واضحة تركز بشكل صريح على التعليم الحكومي وأن يكون هو الأساس ….!!
تحشد له كل إمكاناتها وتوفر له كل معيناتها من أثاث وكتاب وكراس ومعلم مؤهل نبراس
هذا هو الأصل ….!!
ودعم حتى التجارب الناجحة في المدارس الخاصة لتكون إضافة
حقيقية
أدفعوا بأبنائنا إلى مدارس حكومية دون اعتبار لخلفية الطالب ووضعة المادي …يتلقوا العلم تحت سقف واحد
كسراُ للطبقية وإعمالاً لمبدأ العدالة ….
أعلم ان الأرزاق من عند الله يعطيها من يشاء واستوعب وأعي تفضيل بعضهم على بعض درجات وهي سنة الحياة والكون
وليس لي اعتراض في ماذا تأكل وكيف تعيش
وأي سيارة تقود …مما اعطاك المولى وليبارك الله …!
لكن العندو والماعندو يجب أن يتلقى تعليم محترم في مدرسة محترمة وبلد محترم معززاً مكرم …!!
هذا حق وليس منحة …!!
أملأوها بالأنشطة والحركة لتخلق لنا أجيالاً قادره على صنع التغيير الحقيقي
بدلاً من تحويلهم الي فئتين إحداهما قادرة والأخرى حائرة …..!!
كيف سنبني السودان بأجيال لم تجمعها مقاعد الدراسة وفسحة الفطور ..وتتشارك هموم الوطن …!!
لقد عمدت الحكومات المتعاقبة على خصخصة كل شيي بمافيه التعليم ولا نستطيع أن ننكر دور التعليم الأهلي ولكننا بالتأكيد نتابع تردداته السالبة وخروجه عن الخط أحياناً
لا أشك لحظه أن هناك الكثيرين ممن تسعفهم ظروفهم بإرسال أبنائهم الى المدارس الخاصة لكنهم على استعداد وأكثر حماساً للدفع بهم الى مدارس حكومية مقنعة تهيئ لهم فرصة أكبر لخوض معترك الحياة مع فئات وشرائح مختلفة تصقل من شخصياتهم وتمنحهم كثيراً من الخبرات الحياتية لاثراء التجربه الإنسانية في أجواء معافاة يضبطها منهج تعليمي وتربوي
صارم يتيح للأبناء والأمهات تسليم أبنائهم للمدرسة
آمنين مطمئنين
أنهم سيحصدوا طالباً ناضجاً ومتعلماً ومتوازن وزي قدرات …!!
أتسائل دوماً لماذ نفرط في تجارب حية ونماذج فريدة في حياتنا بدلاً من تطويرها واستحداثها بما يواكب العصر وفق هذا الأساس المتين الذي بني
ودونك ( مشروع الجزيرة ) مثلا على المستوي الاقتصادي كأكبر مشروع مروي في العالم …
وبخت الرضا ( سيدة المناهج السودانية .) هذه المؤسسة العريقة والرصينة حيث تصنع المواد وتصاغ الحكاية
وتعمل على إعداد المعلمين عماد العملية التعليمية والتربوية ….!!
لماذ نجهض مثل هذه المؤسسات الباذخة والتجارب الساطعة …!!!
ولمصلحة من ….!؟؟
أسوأ ما في السودان أن شخصاً واحد من المكن أن يصدر قراراً يمس حياة الأمة بأكملها…….
أي والله …
( زول واحد بس يصحى من الصباح مزاجو عكران أو مرتو ولا ولدو انتقدو ليهم حاجه …يصدر قرار يقفلا كلو كلو )
وأي حاجه تقفل في السودان دا من الصعوبة تفتح قريب
مش مره في واحد صحى متأخر ….قدم الساعة
وقال من الليلة دخلنا عصر ( البكور ) ..
وبقينا على ذلك الوضع سنيناً ودهور …..!!
الله غالب بس …!!
القرارات المصيرية هي قرارت مؤسسات وليست أحلام أفراد مهما بلغ علمهم وشأوهم …!!
( جو بايدن ) عشان بس يعمل خطة تحفيزية لإصلاح البنية التحتيه تعود على البلد كله بالنفع والفائدة …ياهو داك يساسق بين الشيوخ والنواب …لإجازتها….نفسو اتقطع …..!!
كيف نترك المعلم وحيداً دون سند يلتقي تلميذه على أبواب الحافلة والبص ( يدافس ) معهم ليظفر بمقعد
قد يحظى به لكنه قطعا سيفقد مقعد هيبته واحترامه
والذي يجب أن يكون ( مليان ) على الدوام …!’
والله لو كنت مسؤولاً فى قطاع التعليم لألزمت أي مؤسسة تعليمية بنقل وترحيل الأساتذة من والى بيوتهم
ومراجعة رواتبهم ومخصصاتهم على الدوام فهؤلاء رسل معرفة ودعاة حق وجوهر تقدمنا للأمام..
نقلت لي طبيبة صيدلانية فاضلة هي الدكتورة سوزان نصر الدين مصطفى من نساء بلادي المتميزات تتشاركني هذا الهم وبروح عالية تجارب أكثر من ناجحة لبعض المدارس الحكومية تسعي لتوفير بيئة جاذبة شكلاً وموضوع مثل مدرسة ( الرياض الثورة ) الحكومية
وقد نقلت لي ملامح التجربة وهي تمني النفس مثل كثيرين بإرسال أبنائها الى مدارس حكومية وهي القادرة على الدفع بهم الخاص لكنه الأمل والعشم …!!
ونسعى معاً لعمل مبادرة جامعة في هذا الإتجاه
تواصلت هاتفيا مع مديرها الأستاذ الفاضل ابراهيم عثمان ميرغني لأقف علي التجربة عن كثب وسر الخلطة وقد أحسن استقبالي حال المعلمين في بلادي وبعد السلام والتحيه قال لي بالحرف الواحد
( الجهد الشعبي والإيمان بالفكرة ) هي سر النجاح وحكي لي عن بداية التجربه حيث تعاقب على إدارة المدرسة الأستاذ أزهري محمد عمر والأستاذ حمزة الفحل ومن ثم شخصه …
قال لي إنهم يركزوا على بناء الشخصية للطالب وأنهم نجحوا في ايصال هذه الفكرة لأولياء الأمور بان الاستثمار الحقيقي في هؤلاء الطلاب ….وبالتالي قدم الاهالي كل الدعم …
أضاف لي ملاحظة مهمة في الحتة دي إنو السودانيين ديل لو شافو دعمهم ماشي في محلو …ما بقيفو وهم أصلاً أهل عطاء
وقد صدق الرجل
واسترسل يحكي …
المدرسة عبارة عن خلية نحل لاتهدأ وتعج بكل الأنشطة الثقافية والرياضية والأكاديمية والتربوية حتى خروج التلاميذ لتناول الفطور محسوب بحيث تخرج الفصول الأولى من أول حتى ثالث ثم يرجعوا ليخرج الآخرون وهكذا
حتى تتاح فرصة الاحتكاك حسب أعمارهم
أكثر ما أثلج صدري ان هناك حصتين للمكتبة في الأسبوع يقرأ فيها الطالب الكتب وبكتب ملخص عن المؤلف والكتاب ويرتفع سقف المطالب كل ما تقدم عمر الطالب
بجانب كل الجمعيات والأنشطة وهي كما أوضح لي
تعتبر جزءاً أصيلًا من المنهج والبرنامج
ويوجد مرسم للطلاب للفنون والشطرنج والفلاحة وجمعية الرياضة …
وتوفر المدرسة كل الكتب مع الدعم الشعبي …ومجاناً كتب إضافية بجانب الامتحانات الشهرية وأوراق العمل …وتحفيز المعلم ما أمكن ذلك ومنحه إحساس التقدير فكانت المحصلة تفوقاً أكاديميًا وإنسانيًا والثانيه لا تنفصل عن الأولى
وكل نتيجة أفضل من السنه التي قبلها وطلاب متميزين …حجزوا مقاعدهم في المقدمة في نتيجة هذا العام وكل عام …!!
وفي كل يوم هناك قيادات إشرافية من المعلمين بداية من السقيا للزرع مروراً بتنظيم الفطور والأنشطة حتى نهاية اليوم الدراسي
الذي يبدأ بطابور الصباح وهو حدث قائم بذاته …فيه كل شيئ ..!!
ولكم شعرت بالسعادة لتجربة ماثلة رأيت فيها ما نحلم به
لمدرسة حكومية تقدم كل هذا الدفق من التنوير
والإبداع والتميز …شكراً ايها المربي فقد جعلتني استشعر
كلمة عظيمة وسط هذه العتمة …….
إنها كلمة …..
( ممكن ) ???
أعلم علم اليقين أن الدولة إذا إطلعت بدورها الكبير
في أن تفرد مظلتها كاملة فوق التعليم الحكومي وتدعمة دعماً مطلقا سيتغير الحال …..!!
وإذا قامت بتوفير المعينات الأساسية من مباني وأثاث
ومعلمين مؤهلين خاضعين للإعداد والتدريب فإن الباقي
سيتمه الأهالي ومجالس الاباء ولنا في ذلك تحارب ثرة
فرب أي أسرة لا يتوانى لحظة في دعم مدرسة إبته وبنته ولو بغرس شجرة …..!!
انظروا لحالة الحنين من خريجي هذه المدارس واستعدادهم لدعمها متى ما نودي لذلك وهم ينتشرون في بقاع المعمورة ( وصرتهم مدفونة بها ) ففيها ذكرياتهم الحية وماضيهم المشرق وأصدقائهم الحقيقيين
ورفقاء دربهم في مسيرة التعلم والحياة
فالمدرسة ليست مبنى وحيطان وسور ….
المدرسة منهج وحياة ودور ….!!
اعيدوا للتعليم هيبته ومكنوا الطلاب من التوجه الى مدارس حكومية شامخة يشعروا فيها بالهيبة والتقدير
وأنها ( حقتم ) …
ومن أراد بعد ذلم أن يذهب فليذهب حيثما شاء
وكيفما شاء لكننا هنا في مدارسنا …..!!
دايرين نشوف أولاد وبنات بلدنا لابسين لبس المدرسة ( الميري ) شايلين ( شنطم ) واحلامهم ….
بعرفو ( التجاني يوسف بشير ) و( إدريس جماع )
و( معاوية محمد نور )
عايزنهم يعرفو وين مكان الزراعة المطرية في السودان …..!!
وماهي أبرز الاتفاقيات الموقعة في السودان تاريخياً
عايزنهم بشوفو الناتج من تفاعل ( الهيدروكلوريك ) مع ( كربونات الصوديوم ) ( قدامن ) في المعمل ?مش على الورق …..
وأين وصلت علوم الرياضيات …..
لازم يعرفو سنن الوضوء ومقادير الزكاة …وأن ذروة سنام الدين هي ( المعاملة ) ….!!
نريدهم أن يتعلمو الإنجليزية من مرحلة الأساس عشان نخاطب العالم …..ولأنهم أكثر استعداداً في هذا العمر
ولا يتفاجئوا ب ( البريزنت كونتينيوس )
تفاجئنا بالخريف …!!
نريد أن نستحدث حصص الكومبيوتر والتقنية
( وأغلبهم مهيئين لذلك …)
ونخبرهم أن التقانة ليست ( واتس ) و ( TikTok )
فهناك الكثير …!!
عايزنهم يجو المدرسة وهو سعيدين يحترموا الجرس
ويقيفو في الطابور …
يحيوا العلم ?? ويرددو النشيد الوطني ويتملو بالسودان ويدخلو الفصول مصطفين عشان يتعلموا النظام وهم يرددوا في كل يوم نشيد الوطن والإنسان….!!
ويوم الخميس تكون الجمعيات الأدبية وليالي السمر
وتطلق جمعيات الفلاحة والبساتين والتصوير والكمبيوتر والأدب والقصة والمسرح ….كل يذهب فيما يحب ويرضى …!!
ومنافسات الفصول الرياضية مستمرة تبني أجسامهم وعقولهم وتهيئهم لتنافس شريف …بحترموا فيه الخصم
حتى في السياسة عندما يكبرون ..
نود أن نرى فيهم مستقبل هذه البلد الذي يأبى ويتعنت في الظهور الينا ….فالضباب كثيف والرؤية منعدمة …!!
أفلا تنظرون ..!!

Exit mobile version