سودافاكس – تسببت أنباء عن اقتراب تأثيرات بركان يحمل اسم «لا بالما» من البحر المتوسط ومصر، في تصاعد المخاوف من الأضرار التي ربما تقع على المنطقة، تلك المخاوف حاول أستاذ عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، دحضها بإيضاح عوائد البركان على مصر، نافيًا أي خسائر جسيمة تقترب من سكان المحافظات الساحلية.
وقال الدكتور «شراقي»، في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم»: «تأثير البركان سيكون أعلى في محافظة الإسكندرية لأن السحابة الغازية حينما تقترب نحو مصر تقل تأثيراتها، وتلك السحب تكون محملة بغاز ثاني أكسيد الكبريت وهي قادمة من أوروبا وتحركت نحو إسبانيا من بعدها نقلتها الرياح إلى أوروبا بالكامل، ثم تدور وتتحرك الرياح حاملة السحب الغازية إلى مصر، وبمجرد وصولها يكون تركيز الغازات قد قل».
وعن المحافظات التي يكون تركيز الغازات بها في أعلى مستوياته تابع: «أعلى ما يمكن للغازات في الإسكندرية ثم في الغالب ستتحرك السحب إلى نصف الدلتا الغربي أعلى فرع رشيد ثم مدينة أكتوبر وتتجه إلى الصحراء.. لكن السحابة مرتفعة بحوالي 3 كيلومترات وفي حالة كانت الغازات أقل في مستواها (أقرب إلى المواطن) لاستنشقوها لذلك ليس هناك قلق، لأن إذا كان هناك أضرار كانت أوروبا تأثرت بالغازات فالتركيز أعلى للغازات هناك بحوالي 5-6 أضعاف ومع ذلك لم نسمع عن وقوع مشاكل لأن الغازات موجودة في طبقة مرتفعة من الغلاف الجوي».
واستكمل كلماته: «في حالة كانت الأمطار في الإسكندرية قريبة من تلك السحب ستتساقط أمطار حمضية، لكن الأمطار حاليًا ضعيفة وتنطلق من سحب منخفضة أما السحب الغازية فهي مرتفعة ولا تصل الأمطار إلى ارتفاعها»، واستطرد: «السحب دخلت إلى أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا بالكامل وآسيا ووصلت إلى الصين والهند، ووصلت إلينا بتركيزات خفيفة من ناحية البحر المتوسط وأوروبا، لكن المغرب والجزائر تأثروا أكثر بها ثم تونس وليبيا وجاءت جزء من السحب من بعدها إلى مصر».
وحول التأثيرات الصحية للسحب الغازية على المصريين، أوضح: «تأثير الغاز يكون على أصحاب الأمراض الصدرية، وقد يؤثر الحمض والغازات على العين، ووجود الغاز في الهواء يؤثر حتى على الشخص العادي، وبمجرد أن تستنشقه يسبب ضيق التنفس ويؤثر على الشعب الهوائية لأنه غاز يدخل في تكوين حمض فهو (ماء نار)، ووجود الغاز سيكون خلال النهار وفي حالة شعورهم بأي تأثيرات يمتنعون عن الخروج من المنزل نهارًا في الهواء وخصوصًا أصحاب الأمراض التنفسية».
وفيما يخص عملية تحوّل الغازات إلى الإنسان ليستنشقها، لفت إلى أن وجود بعض الأتربة في الغلاف الجوي، تلك يتراكم عليها هذا الغاز، وتصبح الأتربة في الهواء عبارة عن كرات محملة بحمض الكبريتيك وباستنشاقها تؤثر على الشعب الهوائية، فيما تتكون الأمطار الحمضية بتجمع الماء (الأمطار) والأكسجين في وجود حمض الكبريتيك.
وأشار أستاذ الجيولوجيا إلى نسبة تركّز الغازات في سماء مصر، وقال: «السحب سواء القادمة من الغرب عن طريق ليبيا أو من البحر المتوسط عند الإسكندرية في جميع الأحوال ليست مركزة لأن البركان أعلى من سطح البحر بما يفوق الـ1500 متر، وحينما انتقل إلى أوروبا حجز جبل هناك (ارتفاعه 1500 متر) كل الغازات ومنعها من العبور وطالما الغازات تصاعدت إلى الطبقات العليا من الغلاف الجوي يكون تأثيراتها أقل وليس هناك أي تخوف».
استاذ جيولوجيا المياه يحذر من ثورة بركان لابالما على مصر..تعرف على السبب – صورة أرشيفية
وعن موقع تركز السحب في الوقت الراهن أشار «شراقي» إلى أنها بالفعل متواجدة في مصر بالوقت الحالي، قائلًا: «حاليًا موجود نسبة من الغاز في سماء مصر لكن بتركيزات خفيفة جدًا، وتتواجد اليوم نهارًا وحتى ليلًا مستقرة عند الإسكندرية، وتستمر تلك السحب حتى يوم الثلاثاء المقبل وفي انتظار تحديد ما أن كانت تستمر حتى يوم الأربعام أم لا!».
واختتم كلماته بحسب المصري اليوم: «لا يُعلم موعد ابتعاد السحب عن سماء مصر حيث إن البركان مستمر، وإلى الآن دام نشاطه حوالي 34 يومًا، وليس هناك أي مؤشرات حول موعد محدد لخمود البركان أو توقف تأثيراته ومن المتوقع أن يستمر بهذا الشكل لعدة أشهر».
يذكر أن حمض الكبريتيك يعتبر من مكونات الأمطار الحمضية، حيث يتكون من أكسدة غاز الأكسجين الجوي لثاني أكسيد الكبريت في وجود الماء (أكسدة حمض الكبريتوز). إن ثاني أكسيد الكبريت هو الناتج الأساسي لعمليات حرق الكبريت أو أحد أنواع الوقود الحاوي على الكبريت مثل الفحم والزيت.
لكن بالعودة إلى ذلك البركان، هل تعرف أن البركان بدأ نشاطه منذ أكثر من شهر؟ بركان «لا بالما» 2021، هو بركان تصدعي مستمر لبركان «كمبر فيجا» ويعتبر البركان هو الأكثر نشاطًا، في جزر الكناري بإسبانيا، وأدى إلى الإخلاء الإلزامي لأربع قرى في الجزيرة.
وذكر الحرس المدني في إسبانيا أنه شارك في إخلاء ما بين 5 آلاف إلى 10 آلاف شخص، وحتى ليلة 19 سبتمبر، لم يبلغ عن وقوع إصابات واستمرت الرحلات الجوية إلى الجزر، فيما بدأت الأحداث بسلسلة من الزلازل في 11 سبتمبر قبل أن يبدأ ثوران البركان في 19 سبتمبر.
فكان أول ثوران بركاني على الجزيرة منذ ثوران بركان «تينيجويا» في عام 1971، والذي أسفر وقتها عن مقتل أحد المُصوّرين. كانت المنطقة في حالة تأهب قصوى في الأسبوع الذي سبق اندلاع البركان حيث سجلت أكثر من 22.000 هزة في «كمبر فيجا» خلال أسبوع.
وأجلت سلطات جزيرة «لا بالما»، يوم الثلاثاء 12 أكتوبر الجاري، أكثر من 700 من سكانها بعيدا عن منازلهم بسبب قوة الحمم البركانية التي يتقاذفها البركان، حيث أمرت السلطات ما بين 700 و800 من سكان «لا لاجونا» بمغادرة منازلهم، ووفقا للمعهد الجيولوجي الوطني الإسباني فقد سجلت 64 حركة زلزالية يوم الثلاثاء 12 أكتوبر، أكثرها قوة كان بمقياس 4.1.
ويذكر أن اسم البركان أطلق نسبة إلى جزيرة «لا بالما»، حيث يقع البركان بالقرب منها، وهي جزيرة إسبانية في المحيط الأطلسي، وهي إحدى جزر الكناري أو جزائر الخالدات الإسبانية، مدينتها الأساسية هي «سانتا كروث دي لا بالما»، وبلغ عدد سكان الجزيرة 82346 نسمة في عام 2015، مما يجعلها خامس أكبر جزيرة مأهولة بالسكان في جزر الكناري.
ومنذ عام 2002، اعترفت منظمة «اليونسكو» الدولية بالجزيرة بأكملها كمحمية المحيط الحيوي، ففي وسط الجزيرة يوجد المنتزه الوطني «كالديرا دي تابورينت»، وهو واحد من أربع حدائق وطنية تقع في جزر الكناري من أصل 15 في كل البلاد. كما أن «لا بالما» هي الخامسة في الحجم، وتبلغ مساحتها 708.32 كيلومتر مربع.