قبيل مليونية 30 أكتوبر.. الجيش السوداني يقطع الإنترنت ويغلق جسور الخرطوم ودعوات غربية له للامتناع عن قمع المحتجين

أغلقت قوات الأمن السودانية غالبية الجسور في الخرطوم بالتزامن مع دعوات للتظاهرات في “مليونية 30 أكتوبر/تشرين الأول” لرفض الإجراءات العسكرية والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، بينما توالت الدعوات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إلى الجيش السوداني للامتناع عن قمع المحتجين.

وقال التلفزيون السوداني إن إدارة المرور أعلنت إغلاق الطرق الرئيسية وكل الجسور في العاصمة الخرطوم اليوم السبت، باستثناء جسري الحلفايا وسوبا.

وكان ناشطون وأحزاب سودانية قد بثوا مقاطع فيديو من داخل مساجد بالخرطوم ومختلف المناطق تحث المواطنين على المشاركة في المظاهرات، التي دعا إلى تنظيمها اليوم السبت رافضو القرارات الأخيرة التي أعلنها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان.

وردد المتظاهرون هتافات مناوئة للبرهان وداعمة للتظاهرات المزمع تنظيمها اليوم. وأفاد مراسل الجزيرة بانقطاع خدمة الإنترنت في الخرطوم قبيل انطلاق المظاهرات.

ومع فرض السلطات قيودا على الإنترنت وخطوط الهاتف، سعى معارضو الانقلاب إلى التعبئة للاحتجاج باستخدام المنشورات والرسائل النصية القصيرة والكتابات على الجدران والتجمعات في الأحياء.

وقال ناشطون إن الحشد على الأرض في ظل انقطاع الإنترنت لليوم الخامس يعد أهم وسيلة للحراك.

ولعبت لجان المقاومة في الأحياء دورا محوريا في التنظيم رغم اعتقال سياسيين بارزين. ونشطت هذه اللجان منذ الانتفاضة ضد الرئيس المخلوع عمر البشير التي بدأت في ديسمبر/كانون الأول عام 2018.

دعوات للتظاهر
وقد دعا تجمع المهنيين السودانيين جموع الشعب إلى الخروج في مظاهرات حاشدة اليوم السبت، وأشار في بيان إلى أن الهدف من “مليونية السبت” هو إسقاط المجلس العسكري وتسليم السلطة كاملة لحكومة مدنية، إضافة إلى تقديم أعضاء المجلس العسكري للمحاسبة، وفق البيان.

وأضاف التجمع أنه لا تفاوض مع المجلس العسكري، مشددا على أن كل من يقبل أو يشارك في حوار معه يفتقر للتفويض من الشارع، على حد قوله.

هذا وقالت قوى الحرية والتغيير في السودان إن مطلبها ومطلب الشارع السوداني هو إطلاق سراح جميع المعتقلين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

وأضافت في بيان، أن الأدوات والآليات التي ستحسم الصراع هي الشارع وقواه الحية أولا، ومؤسسات الدولة الشرعية ثانيا.

وطالب البيان بإعادة العمل بالوثيقة الدستورية واسترداد كل هياكل السلطة الانتقالية المدنية، مؤكدا على بطلان كل القرارات التنفيذية التي اتُخذت بعد 25 من أكتوبر/تشرين الأول.

موقف البرهان
قي المقابل، قال قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان إنه لا اعتراض على التظاهر السلمي وهو حق مكفول ومشروع.

وردا على الدعوة لاحتجاجات واسعة اليوم السبت، أوضح البرهان في تصريحات لوكالة سبوتنيك الروسية، أن القوات الأمنية لن تتدخل كلما كانت المظاهرات سلمية.

وأشار البرهان إلى أن مصير المسؤولين الذين تم إلقاء القبض عليهم بعد حل مجلسي السيادة والوزراء ستحدده لجنة قانونية، مضيفا أن من لم تثبت إدانته سيُخلى سبيله.

وبشأن رئيس الوزراء المعزول، قال البرهان إن حمدوك هو من يحدد مستقبله السياسي، مشيرا إلى أنه تحدث معه قبل التغيير الأخير، وقال له إنه يرغب ببقائه لتأسيس انتقال حقيقي سويا، يلبي رغبة الشعب بعيدا عن التجاذب السياسي، وفق البرهان.

وفي تصريحات سابقة، قال قائد الجيش إن هناك مشاورات تشمل رئيس الحكومة المعزول عبد الله حمدوك نفسه، لتكوين حكومة كفاءات مدنية حال موافقته على التكليف.

وقال إنهم أرسلوا له وفدا للتفاوض معه، وإنهم عرضوا عليه تشكيل الحكومة من دون تدخل منهم في تحديد أسمائها وعناصرها.

إعفاء السفراء
وفي سياق متصل، أعلن التلفزيون السوداني أن البرهان أصدر قرارا أعفى بموجبه عددا من الدبلوماسيين من الخدمة، من بينهم سفراء السودان في كل من تركيا والإمارات وجنوب أفريقيا.

كما شملت الإعفاءات رئيس بعثة السودان بالأمم المتحدة بالإنابة واثنين من السفراء العاملين بوزارة الخارجية.

من جهته، قال علي بن أبي طالب الجندي السفير السوداني المعزول في سويسرا، والمندوب الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف، إنه لا يعترف بالسلطة الجديدة في الخرطوم؛ ووصف ما حدث في السودان بالانقلاب.

وأعلن الجندي في تسجيل حصلت الجزيرة على نسخة منه، رفضه إعفاءه من منصبه، كون من فعل ذلك سلطة انقلابية سطت على الدستور، على حد تعبيره.

تحذيرات أميركية
في السياق ذاته، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول أميركي قوله إن رد فعل الجيش السوداني على مظاهرات السبت سيكون مؤشرا على طبيعة نياته.

وأشار المسؤول الأميركي إلى أن البرهان يحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وأن واشنطن تتفهم التشكك في أوساط المدنيين السودانيين فيما يتعلق بالعمل معه.

ونوّه إلى أن استيلاء الجيش على السلطة في السودان قد يدفع إثيوبيا لمحاولة استغلال الموقف فيما يتعلق بالنزاعات الحدودية.

وأكّد المسؤول الأميركي أن واشنطن ستسعى للتوصل إلى تفاهم يسمح لمجلس وزراء مدني بمواصلة العمل في السودان.

وأضاف المسؤول الأميركي أن عشرات المليارات من الدولارات من تخفيف عبء الدين الذي يسعى له السودان لن تتحقق إذا ظل الجيش مستمرا في محاولات قيادة البلاد منفردا.

من جهته، طلب الرئيس الأميركي جو بايدن في رسالة وجهها إلى الكونغرس تمديد حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بالسودان، التي أُعلنت أول مرة عام 1997.

وقال بايدن في رسالته إن السودان قطع خطوات واسعة في انتقاله نحو الديمقراطية منذ عام 2019، لكن استيلاء الجيش على الحكومة واعتقال القادة المدنيين الآن يهدد تلك المكاسب الإيجابية.

وأشار بايدن إلى أن الوضع في دارفور لا يزال يشكل تهديدا كبيرا واستثنائيا على الأمن القومي والسياسة الخارجية الأميركية، حسب تعبيره.

إدانات أوروبية
من جانبه، قال السفير البريطاني في الخرطوم جايلز ليفر إن بلاده تدين بشدة ما وصفه بانقلاب الجيش على الحكومة المدنية في السودان.

وشدد السفير على عدم شرعية أي إجراءات أحادية بخصوص الوثيقة الدستورية التي تسير بموجبها مهام الحكومة الانتقالية، ودعا إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، مشيرا إلى التقارير التي تحدثت عن سوء معاملة بعضهم.

وقال السفير البريطاني إن “لندن تُحمل السلطات الأمنية مسؤولية سلامتهم”، ووصف المظاهرات المزمع خروجها غداً للاحتجاج على إجراءات الجيش بأنها حق أساسي.

بدوره، دعا الاتحاد الأوروبي قوات الجيش والشرطة في السودان إلى ضبط النفس ومعاملة المتظاهرين والصحفيين بالاحترام الواجب خلال المظاهرات المقررة السبت.

وجدد الاتحاد الأوروبي دعوته للإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين منذ الانقلاب العسكري، وفق تعبيره.

وشدد على أن تظل العودة الفورية إلى مسار الانتقال الذي يقوده المدنيون إلى الديمقراطية، هو الطريق الوحيد للحرية والسلام والعدالة لجميع السودانيين.

كما طالب رئيس البعثة الأممية لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان فولكر بترييس القوات النظامية باحترام حق التظاهر السلمي والابتعاد عن العنف.

كما طالب المتظاهرين بالتزام السلمية اليوم السبت. وقال إن البعثة ستبذل مساعيها لحوارٍ بنّاء لإعادة العملية السلمية لمسارها الصحيح.

وأضاف أنه التقى الليلة قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان حميدتي، وشدد على ضرورة التهدئة والسماح بالاحتجاج السلمي وتجنب أي مواجهة في مظاهرات السبت.

من جانب آخر، كرر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إدانة ما سماه الانقلاب في السودان.

ودعا عشية انعقاد قمة مجموعة الـ20 في إيطاليا، إلى العودة للفترة الانتقالية؛ كما حث غوتيريش العسكريين في السودان على ضبط النفس مع وجود دعوات للتظاهر السبت.

المصدر : الجزيرة + وكالات

Exit mobile version