منذ إعلان قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي لقراراته التي، حل بموجبها الحكومة التنفيذية ومجلس السياده وعلق عبرها بعض مواد الشراكة مع قوى الحرية و التغيير في الوثيقة الدستورية , اصبح موقع رئيس الوزراء شاغراً، بعد ان وضعت قرارات البرهان الدكتور عبد الله حمدوك رهن الاقامة الجبرية و اعتقلت معظم طاقمه الوزاري.
معلوم ان الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء جاء محمولاً على أعناق ثورة ديسمبر المجيدة و حُظي بتأييد و قبول شعبي و دولي لم يتحقق لأي رئيس وزراء او مسؤول سوداني من قبل منذ الاستقلال . وبعد فشل كل المبادرات المحلية و الإقليمية في الوصول لنقطة التقاء بين قائد الجيش الفريق البرهان ورئيس الوزراء حمدوك لوضع تسوية يعود عبرها الدكتور عبد الله حمدوك لمنصبه رئيساً للوزراء بسبب تمسك كل طرف بشروطه، أصبح حراك اجراءات الخامس و العشرين من اكتوبر التي يراها الفريق و مناصروه تصحيحية, و يراها الشارع انقلاباً عسكرياً، تبحث عن من يحل المقعد الملتهب لرئيس الوزراء ليمضي بما تبقى من الفترة الانتقالية لنهايتها و هي عام و نيف.
المقعد العصي:
تسريبات ومعلومات كثيرة رشحت عبر القنوات الفضائية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي رغم شحها بسبب قطع شبكة الإنترنت، اشارت الى عدد من الاعتذارات تقدمت بها بعض الشخصيات التي طرح عليها منصب رئاسة مجلس الوزراء خلفاً للدكتور حمدوك، ورغم عدم صدور اخبار رسمية مؤكدة, إلا أن قائمة الترشيحات المعتذرة شملت البروفيسور مضوي ابراهيم و الدكتور وليد مادبو، بيد أن أحدث التسريبات التي تم تداولها خلال الأيام الماضية، قد أشارت إلى ترشيح الأكاديمي “كدوف” والذي يشغل منصب مدير جامعة أفريقيا العالمية بالسودان لتولي رئاسة الحكومة بعد توافق قوى سياسية مع الفريق البرهان، لكنه هو الآخر استعصم بالرفض والاعتذار أسوة بمن سبقوه.
وحسب سيرته الذاتيه المبذولة على المواقع ، فإن البروف كدوف حاصل على ماجستير ودكتوراة القانون من جامعة لندن 1981 وهي تعد أول دكتوراة في القانون العرفي بالسودان، بجانب حصوله على درجة الأستاذية. ويتولى كدوف أبيا حالياً منصب عميد كلية أحمد إبراهيم للحقوق في “الجامعة الإسلامية العالمية” في ماليزيا. وكان أول الأسماء التي ذكرتها وسائل إعلام كمرشح محتمل لرئاسة الحكومة.
الأمل موجود:
برغم انسداد أفق الحل عبر الحوار بين الفرقاء وفق معطيات الراهن والشارع الثوري، إلا أن الأستاذ عبد الله آدم خاطر يرى ان الطريق ما زال مفتوحا لمزيد من الحوار بين الفرقاء, لان الخيار الذي تم به عزل البشير من السلطة هو خيار التفويض الدستوري الذي يعتمد الحوار وهو ذات الحوار الذي تم خلاله اعتماد الاتفاق السياسي ثم الوثيقة الدستورية التي تم تعديلها لاحقاً و فتحت المجال امام مجموعات واسعة من السياسيين و المهنيين و العسكر وصولاً لحالة الإجماع. و ذكر خاطر في حديثه لـ”الصيحة” أن أفضل تعبير في الصدد صدر عن رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك عندما قال ان تركيبة الحكم في الفترة الانتقالية التي ضمت المدنيين والعسكريين تمثل عبقرية الشعب السوداني, و يرى خاطر انها ما زالت قائمة و ان المجال ما زال مفتوحاً أمامها.
حمدوك لهذه الأسباب…
اعتذار من وقع عليهم الاختيار يبدو وفق مراقبين جاء نتيجة لافتقادهم القبول المحلي والدولي, ولتقديراتهم الشخصية وربما خوفهم من ان يفشلوا في اداء مهمتهم بعد النجاحات الكبيرة التي حققها حمدوك بخاصة على الصعيد الدولي .. ووصف الأستاذ عبد الله آدم خاطر الدكتور عبد الله حمدوك بأنه الشخص المناسب لعدة اسباب, اهمها القبول الدولي ، فقد تمكن في فترة وجيزة من اعادة السودان للمجتمع الدولي بعد ان كان معزولاً، فضلاً عن عدة انجازات سياسية و اقتصادية و دبلوماسية على المستوى الخارجي، يقابله إنجازات بائنة بالداخل تمثلت في برامج اجتماعية (ثمرات) وتوسيع قاعدة الإنتاج و الصادر, فضلاً عن استقرار سعر الصرف وهي سياسات تدفع بالسودان وإنسانه نحو المستقبل, و يرى ان القرارات التي اصدرها الفريق البرهان ليست مسائل مقدسة, و انما يمكن إخضاعها للحوار و النقاش و ان تُعاد مرة اخرى لطاولة النقاش من اجل طريق ثالث تتوافق عليه كل القوى من أجل الخروج من المأزق الذي تمر به البلاد. ولفت إلى أن علاقات السودان مع الشعوب الخارجية تقوم على ذات المساحات, و ان القرار النهائي بأيدي السودانيين انفسهم مع قبول ما يأتي من الأصدقاء والأشقاء الدوليين في المساعدة من أجل تجاوز الأزمة والا فإن تطورات المشهد الراهن ستقود لشمولية أخرى.
فرص النجاح:
هنالك حديث عن ترشيحات جديده لمنصب رئيس الوزراء كبديل للدكتور حمدوك كما أشارت بعض القنوات الفضائية، غير أن السفير والخبير الدبلوماسي عبد الرحمن ضرار يرى أن الاعتذارات مبررة خاصة أن الوضع غير مناسب لتولي وظيفة بهذا الحجم في ظل الغضب الشعبي وتواصل الاحتجاجات الرافضة لقرارات الفريق البرهان, وقال ضرار لـ(الصيحة) إن تولي أي منصب في مثل هذه الظروف يكتنفه الغموض, لجهة أن فرص النجاح غير معروفة ولا يُمكن لأي شخص يتولّى مهمة يرى أنه سيفشل فيها.
الصيحة