انقطاع الإنترنت يفاقم أزمة التجارة ويرجع الأسواق عقودا للوراء و تعطل حركة الصادر والوارد

أحدث انقطاع خدمة الإنترنت في السودان خللا في مفاصل الحياة العامة، وأثر بصورة واسعة على الحركة الاقتصادية والتجارية بالبلاد، لا سيما تلك المرتبطة بعمليات الصادر والوارد.

ومضى أكثر من عشرين يوماً، منذ أن عطلت السلطات خدمة الإنترنت على خلفية الإجراءات التي قام بها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، الشهر الماضي.

في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلن البرهان حالة الطوارئ في البلاد، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وإعفاء الولاة واعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، ووضع رئيس الحكومة عبد الله حمدوك، قيد الإقامة الجبرية.

ولم تفلح الجهود الأهلية التي بذلتها الجمعيات التطوعية في إعادة الإنترنت للمشتركين، وعلى رأسها الجمعية السودانية لحماية المستهلك، التي رفعت دعوى قضائية ضد شركات الاتصالات لإعادة الخدمة بشكل فوري.

والخميس الماضي، أصدرت السلطة القضائية أمراً للشركات المشغلة للخدمة، بإعادة الإنترنت للمشتركين.

وتعمل 4 شركات في مجال تشغيل الإنترنت وهي زين، وإم تي إن، والشركة السودانية للاتصالات، وشركة كنار، بإجمالي 13 مليون مشترك، وفقا لإحصائيات حكومية حديثة.

إلا أن جهاز تنظيم الاتصالات والبريد بالسودان، المسؤول عن تشغيل خدمة الإنترنت، أصدر قراراً، الخميس الماضي، وجه فيه الشركات بعدم تنفيذ الحكم القاضي الصادر بحجة أن أمر الطوارئ يجيز ذلك.

وتتعالى شكاوى مصدرين ومستوردين من استمرار انقطاع خدمة الإنترنت، وكشفوا عن تكبدهم خسائر فادحة جراء ذلك.

وكشف نصر الدين بابكر، مستورد للمواد الغذائية، عن توقف عمليات الاستيراد بشكل كامل قبل انقطاع الخدمة عن البلاد، بسبب إغلاق الموانئ والطريق القومي بين الخرطوم وبورتسودان.

وفي 17 سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلن المجلس الأعلى لنظارات البجا، وهو مجلس لتكوينات قبلية شرق السودان، إغلاق كل الموانئ على البحر الأحمر والطريق الرئيسي بين الخرطوم وبورتسودان.

ويحتج المجلس على “مسار الشرق” ضمن اتفاقية السلام الموقعة في جوبا، بين الخرطوم وحركات مسلحة متمردة، إذ يشتكي من تهميش مناطق الشرق، ويطالب بإلغاء المسار وإقامة مؤتمر قومي لقضايا الشرق، ينتج عنه إقرار مشاريع تنموية فيه.

ومطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أعلن المجلس فتح الموانئ والطريق القومي لمدة شهر كامل، إلا أن انقطاع خدمات الإنترنت عطلت صفقات التصدير والاستيراد.

وقال بابكر، للأناضول، إن “طلبيات الاستيراد متوقفة تماما منذ أغسطس/ آب الماضي، بسبب إغلاق المؤانئ ومن ثم انقطاع خدمة الإنترنت”.

وأضاف: “نعتمد على الإنترنت في التواصل مع الشركات الخارجية التي نتعامل معها في استيراد المواد الغذائية، خاصة في تأكيد الطلبيات وإرسال المستندات”.

وأوضح: “تقدر خسائرنا بمليارات الجنيهات نتيجة هذا التوقف الطويل، وإذا استمر الحال على هذا المنوال، فسنعجز عن سداد التزاماتنا الداخلية”.

بدورها، أكدت سليمى إبراهيم التي تعمل في تجارة الملابس النسائية، على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك، واتساب”، توقف عملها على خلفية انقطاع خدمة الإنترنت.

ومثل سليمى، عشرات آلاف التجار الذين ينفذون عمليات محلية عبر شبكات الإنترنت، والتي كان فيروس كورونا سببا في انتعاشها اعتبارا من الربع الأول من 2020.

وقالت للأناضول، إن تعطيل خدمة الإنترنت بشكل كامل، يحتمل أن يعرضها للمساءلة القانونية، جراء عدم التزامها بسداد المستحقات المالية للموردين، نهاية كل شهر بحسب اتفاقها معهم.

واستثنت السلطات السودانية، بعض التطبيقات المصرفية والتي تستقبل وترسل الأموال، من تقييد الخدمة لتسهيل التداول اليومي للنقود.

ومن جهته أفاد أحمد بابكر الذي يعمل في شركة ترحال (تطبيق للتنقل داخل العاصمة)، بفتح التطبيق للعمل بعد توقفه خمسة عشر يوماً.

وقال للأناضول: “هنالك عدد كبير من الشباب يعمل بالشركة لتحسين دخله، إلا أن الفترة التي قُطعت فيها الخدمة أثرت بشكل كبير عليهم”.

وأشار إلى أن أغلب الشباب الذين يعملون في شركة ترحال، هم طلاب جامعات يمتهنون المهنة لسداد نفقاتهم الدراسية.

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.