كيف وصلت مصر لمرحلة الاكتفاء الذاتي من إنتاج الأسماك؟

سودافاكس – في الوقت الذي تعاني فيه مصر من فجوة كبيرة في العديد من السلع والمواد الغذائية الإستراتيجية، مثل القمح والحبوب واللحوم الحمراء والزيوت، استطاعت أن تصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الإنتاج السمكي.

وتعتبر مصر الأولى أفريقيا والسادسة عالميا في الاستزراع السمكي، والثالثة عالميا في إنتاج سمك البلطي (الشعبي)، وللمرة الأولى تجاوز إنتاجها أكثر من 2.2 مليون طن من الأسماك، مما ساهم في تحقيق قدر كبير من الاكتفاء الذاتي.

وأرجع وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد القصير وصول مصر لمرحلة الاكتفاء الذاتي في الإنتاج السمكي، إلى المشروعات السمكية الكبرى التي تم افتتاحها مؤخرا، مثل الفيروز والديبة وبركة غليون.

وإلى جانب التوسع في مشروعات الاستزراع السمكي، تبنت الدولة المشروع القومي لتنمية وتطوير البحيرات (المنزلة، البرلس، مريوط، البردويل)، وتصل نسبة الاكتفاء الذاتي من الأسماك إلى نحو 90% في أفضل أحوالها.

كما استطاعت مصر أن تحقق الاكتفاء الذاتي من 9 محاصيل زراعية خلال عام 2020، أهمها الخضروات بإنتاج 25.5 مليون طن، والفواكه بإنتاج 10.7 ملايين طن، والأرز بإنتاج 6.5 ملايين طن، والذرة البيضاء بإنتاج 4.5 ملايين طن، والبصل بإنتاج 4 ملايين طن، بحسب تقرير نشره المركز الإعلامي لمجلس الوزراء في سبتمبر/أيلول الماضي.

ولا يعني الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الإنتاج السمكي عدم استيراد أي كمية منها؛ لأن مصر لا تنتج جميع أنواع الأسماك. وقد سجلت قيمة الواردات المصرية من الأسماك 841.9 مليون دولار خلال الـ11 شهرا الأولى من عام 2020 مقابل 905.1 ملايين دولار عن نفس الفترة من عام 2019، طبقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ويبلغ حجم واردات مصر من الأسماك نحو 300 ألف طن من الأسماك المملحة والمعلبة والأنواع غير الموجودة بمياه البحرَين المتوسط والأحمر أو نهر النيل والبحيرات، وتصدر في المقابل 35 ألف طن.

وبحسب الدكتور صلاح مصيلحي رئيس هيئة الثروة السمكية التابعة لوزارة الزراعة، بلغت حصة المواطن المصري من استهلاك الأسماك نحو 21 كلغ سنويا؛ وهي قريبة من الاستهلاك السنوي العالمي للفرد من الأسماك.

المزارع السمكية
رغم امتلاك مصر ساحلين طويلين بطول حدودها الشرقية والشمالية (البحرين الأبيض المتوسط والأحمر)، ونهر النيل الذي يقطعها من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، و14 بحيرة من بينها أكبر بحيرة اصطناعية في العالم (بحيرة ناصر)؛ فإن معظم إنتاج السمك لا يأتي من هؤلاء، فمن أين إذن تحصل مصر على السمك؟

استحوذت “المزارع السمكية” على النصيب الأكبر من الإنتاج السمكي خلال عام 2019، حيث بلغ إنتاجها 1.6 مليون طن بنسبة 79.7% من إجمالي الإنتاج السمكي في مصر، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وجاء في المرتبة الثانية “البحيرات” بإنتاج بلغ 220.7 ألف طن بنسبة 10.8%. ولا يسهم “البحران المتوسط والأحمر” سوى بنحو 99 ألف طن بنسبة 4.9% فقط، ثم “نهر النيل والبحيرات” بنحو 77.4 ألف طن بنسبة 3.8%، وأخيرا “حقول الأرز”بحوالي 15.9 ألف طن بنسبة 0.8%.

وفيما يتعلق بأنواع الأسماك، تحتل المرتبة الأولى المجموعة العظمية (بلطي، بوري، دنيس، قاروص، موسى، مرجان) بنسبة 98%، تليها الأصناف الأخرى والقشريات (جمبري، كابوريا) بنسبة 0.8% لكل منهما، تليها الرئويات (قواقع ومحار) بـ0.2%، ثم الأسماك الغضروفية والرخويات (سبيط) 0.1% لكل منهما، من إجمالي الإنتاج السمكي.

اقتصادي كيف وصلت مصر لمرحلة الاكتفاء الذاتي في إنتاج الأسماك؟وصول مصر لمرحلة الاكتفاء الذاتي في الإنتاج السمكي راجع إلى المشروعات السمكية الكبرى المفتتحة حديثا (الجزيرة)
تساؤلات حول الاكتفاء الذاتي
يثير الاكتفاء الذاتي العديد من التساؤلات، مثل: لماذا تستورد مصر بنحو مليار دولار أسماكا (مجمدة ومعلبة) سنويا، ولماذا يأتي معظم إنتاجها السمكي من المزارع السمكية لا من البحار والبحيرات الطبيعية، وأخيرا كيف يؤثر اعتمادها على الاستزراع السمكي في ارتفاع أسعار الأسماك التي تعتمد على الأعلاف المستوردة؟

يقول مدير عام المزارع السمكية في هيئة الثروة السمكية بوزارة الزراعة الدكتور أحمد سني، إن “إنتاج مصر السمكي يتركز في المزارع وليس في البحرين الأحمر والمتوسط؛ لأنهما غير غنيين بالموارد الغذائية الطبيعية المطلوبة لتكاثر السمك، وكذلك البحيرات”.

وأوضح في حديثه للجزيرة نت، أن كل منطقة تتمتع بأصناف مستوطنة من الأسماك، وهناك أنواع لا يمكن وضعها في المزارع مثل الرنجة، فهي من أصناف المياه الباردة والمهاجرة ولا يمكن تقييد حركاتها في مزرعة محدودة المساحة، وبذلك ليست لدينا فجوة، والاكتفاء الذاتي هو من الأصناف التي يمكن إنتاجها محليا، وستظل باقي الأصناف خارج دائرة الاكتفاء ونستوردها مثل الرنجة والماكريل والسالمون والتونة المعلبة.

وعن أسباب ارتفاع أسعار بعض أنواع السمك المحلي مثل البلطي، أكد سني أن ذلك يرجع إلى أمرين: أولهما العرض والطلب، والثاني مدخلات الإنتاج مثل الأعلاف مستوردة التي ترفع تكلفة الإنتاج، مشيرا إلى أن بعض المزارعين يتعرضون لخسائر نتيجة ارتفاع تكلفة الإنتاج بأكثر من سعر السوق، لأن المنتج متوفر بكثرة ولا يمكن تخزينه لأنه مكلف وسريع التلف.

ضوابط جديدة
في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القانون 146 لسنة 2021 بشأن حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية، بهدف وضع ضوابط لحماية الموارد المائية والأحياء البحرية.

ولا تزال الحكومة المصرية بصدد إصدار اللائحة التنفيذية، ويتضمن القانون عقوبات مشددة تصل في حال المخالفة إلى الحبس والغرامة والإيقاف وسحب الترخيص نهائيا بقرار من وزير الدفاع أو من ينيبه، وتبررها الحكومة بأنها تهدف إلى الرقابة على الصيادين ومراكب الصيد، ونوعية الأسماك، فضلا عن القضاء على الصيد الجائر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.