مولود كل 14 ثانية… قطار الزيادة السكانية في مصر لا يتوقف

أظهرت إحصاءات حكومية مصرية وصول عدد سكان البلاد إلى أكثر من 102.2 مليون نسمة في الداخل المصري حتى أغسطس (آب) 2021، بعدما بلغ عدد المواليد 2.3 مليون عام 2020، ما يعني ارتفاع معدل الزيادة السكانية ليصل إلى مولود كل 14 ثانية، قياساً بـ17.9 ثانية، وهو الرقم الذي كان قد أعلن عنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في فبراير (شباط) 2020.

ووفق إحصاءات الجهاز فقد وصلت مصر إلى 100 مليون نسمة في مطلع العام الماضي، وتتوقع الحكومة المصرية أن يصل عدد السكان إلى 193 مليون نسمة عام 2052، في حال استمرار معدلات الزيادة السكانية على نسقها الحالي، حيث تشهد مصر في كل ساعة وضع 256 مولوداً جديداً.

وقال مستشار رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، عبد الحميد شرف الدين، “إن متوسط معدل الإنجاب للسيدة المصرية بلغ 3.4 طفل، وذلك للسيدات في المرحلة العمرية بين 15 و49 عاماً”، موضحاً في تصريحات صحافية “أن هذا المعدل كبير جداً، وأن تقليل معدل الإنجاب إلى طفلين لكل سيدة يعني خفض الزيادة السكانية بمقدار 50 مليون نسمة، أي أن عدد سكان مصر سيصل إلى 143 مليون نسمة في عام 2052، إذا نجحت جهود خفض معدل الإنجاب لتصبح طفلين لكل سيدة”.

وتحتل مصر المرتبة الثامنة عالمياً من حيث عدد المواليد سنوياً، والأولى عربياً في عدد السكان، ما دفع الحكومة المصرية إلى التحذير من تبعات الزيادة السكانية على مدى عقود.

عرقلة للتنمية

في أكثر من مناسبة، حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من معدلات الزيادة السكانية، كان آخرها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خلال افتتاح مشروعات إسكان بديل للمناطق غير الآمنة، مشدداً على “أن جزءاً من مشكلة الدولة خلال الفترة الماضية مرتبط باستمرار النمو السكاني بالمعدلات الحالية التي تعرقل جهود التنمية”.

وخلال افتتاح المدينة الصناعية الغذائية أغسطس الماضي، قال السيسي، موجهاً حديثه للمصريين، “الأزمة السكانية أصبحت تشكل خطراً يتطلب التحرك بجدية لمواجهته، وعلى الآباء تفضيل إنجاب طفل أو اثنين مع توفير مقومات حياة أفضل، على إنجاب عدد كبير من الأطفال”. وفي عام 2017 وصف الإرهاب والزيادة السكانية بأنهما “أخطر التحديات التي تواجه الدولة المصرية”.

وفي سياق ذي صلة، أكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية هالة السعيد، في تصريحات صحافية، “حاجة الدولة إلى خفض معدلات الإنجاب والزيادة السكانية”، مشيرة إلى “تضاعف عدد سكان مصر ثلاث مرات منذ عام 1950، فبعدما كان عدد السكان يرتفع 20 مليون نسمة كل 28 عاماً، تغيرت المعادلة لتحقق تلك الزيادة ذاتها كل ثماني سنوات، وهو رقم ضخم وفقا لماً يحتاج إليه كل مولود جديد من توافر إمكانات اقتصادية ولوجيستية”. وكشفت عن “أن استمرار معدل الإنجاب عند 3.4 طفل لكل سيدة في 2050، سيحتاج إلى أربعة أضعاف الإمكانات التي توفرها الدولة في الوقت الحالي بالنسبة إلى قطاعات التعليم وتسعة أضعاف الخدمات الصحية”.

الحكومة تواجه الأزمة

ووضعت الحكومة المصرية في خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، 2021-2022، خمسة محاور للتعامل مع قضية الزيادة السكانية، تتمثل في التدخل التشريعي لمراجعة ومتابعة القوانين المعروضة فيما يتعلق بإنفاذ قانون سن الزواج، والتدخل الثقافي لرفع وعي المواطنين بالأزمة السكانية، وتوفير وسائل تنظيم الأسرة بالمجان.

وحذرت الحكومة المصرية، في خطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، من خطورة النمو السكاني المتسارع، التي تمثل أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري لما له من تداعيات اقتصادية واجتماعية بالغة الخطورة، حيث يعصف بكل الجهود الإنمائية، ويحول دون جني ثمارها وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين والارتقاء بمستوى رفاهيتهم.

وتستهدف الخطة، خفض نسبة الفقر بما لا يقل عن واحد في المئة سنوياً، مع معدل نمو سكاني يبلغ نحو 2.5 في المئة، مشددة على “أن الأمر يحتاج إلى ضبط شديد لمعدلات النمو السكاني حتى يمكن السيطرة على نسبة الفقر وخفضها بشكل أسرع”.

وتستهدف رؤية مصر الاستراتيجية لعام 2030 وصول معدل الإنجاب إلى 2.4 طفل لكل سيدة عام 2032، بدلاً من 3.4 طفل عام 2017، كسيناريو معتدل، بينما تأمل الدولة بأن تقل النسبة إلى 2.1 طفل لكل سيدة عام 2032، وفي عام 2052 أن تصل إلى 1.6 طفل لكل سيدة.

“2 كفاية”

في يناير (كانون الثاني) 2019، أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي المصرية مبادرة “2 كفاية” وهي حملة إعلامية وتوعوية تدعو إلى الاكتفاء بطفلين، للحد من الزيادة السكانية بين الأسر المستفيدة من برنامج، الذي ارتكز على استعادة دور المجتمع المدني في حل الأزمة السكانية، واستهدف المشروع، وفقاً لآخر التقارير الصادرة عن الوزارة المشرفة عليه، “959 ألف سيدة في عشر محافظات تعد الأعلى في معدلات الخصوبة، لرفع الوعي بأهمية تنظيم الأسرة من خلال حملات طرق الأبواب والحملات الإعلامية الجماهيرية الموسعة، وتقديم خدمات تنظيم الأسرة من خلال تطوير بنية تحتية وتوفير موارد بشرية لعيادات تنظيم الأسرة بالجمعيات الأهلية”.

وبدأت مصر في منتصف السبعينيات من القرن الماضي برامج لتنظيم الأسرة، ونجحت في خفض معدل خصوبة المرأة المصرية من 5.6 طفل لكل امرأة عام 1976 إلى ثلاثة أطفال في 2008، لكن مع إهمال ملف الزيادة السكانية أعقاب عدم الاستقرار السياسي ارتفعت نسبة الخصوبة إلى 3.5 طفل للمرأة في 2014، لكن الدولة عادت إلى الاهتمام بالملف، عبر إطلاق حملة “2 كفاية”.

تحرك برلماني

ويشهد البرلمان المصري من حين لآخر تحركات لتشريع قوانين تحد من معدلات الإنجاب، كان آخرها في مارس (آذار) الماضي، حين أعلنت عضو مجلس النواب المصري رانيا الجزايرلي إعدادها مشروع قانون لتنظيم النسل ومواجهة الزيادة السكانية، ينص على “حصول الأسرة التي تنجب طفلين على دعم كامل في الخدمات كافة إلى جانب مجانية التعليم وخدمات التأمين الصحي، وإذا تم إنجاب الثالث فيخفض 50 في المئة من قيمة الدعم والخدمات، أما الرابع أو أكثر فتحرم الأسرة من التمتع بأي خدمات مجانية أو مدعومة”، لكن تلك المقترحات لم تجد طريقها للنور حتى الآن.

إندبندنت

Exit mobile version