سودافاكس _ تساعد تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في تصميم الأجهزة الطبية باستخدام التصنيع الإضافي، وتم تطوير الأجهزة الطبية ثلاثية الأبعاد باستخدام طبقات قليلة من المواد الخام الأساسية، حيث تتميز تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بالمرونة وتمكن المصممين من تغيير أي جانب دون الحاجة إلى أدوات إضافية.
وتقوم برامج الطباعة ثلاثية الأبعاد للأجهزة الطبية بمهام متعددة بما في ذلك الطباعة والتحليل والتصميم والتخطيط والمحاكاة بالإضافة إلى التصور، وبالتالي تشهد طلبا كبيرا في قطاع الرعاية الصحية العالمي.
ومن المتوقع أن يصل سوق برامج الطباعة ثلاثية الأبعاد للأجهزة الطبية إلى 657.08 مليون دولار أميركي بحلول عام 2027 بمعدل نمو سنوي مركب قدره 17.62%، وذلك كما ذكرت منصة “ميدغاجيت” (Medgadget) مؤخرا.
هذا عن الطباعة ثلاثية الأبعاد للأجهزة الطبية، ولكن ماذا عن الأدوية؟ هل يمكن تصنيع حبات الدواء باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد؟ وهل يمكن استخدام هذه التقنية في بُعد آخر أهم وهو تقديم “أدوية مخصصة” (Personalized Medications) مصممة لكل شخص وفق حالته الصحية والجسدية؟
هدف طبي صعب المنال
لدى كل إنسان في هذا العالم جسد فريد من نوعه إلى حد ما، ولا يشبه جسد أي إنسان جسدا آخر، نعم نتشابه في الشكل العام، لكن جسد كل شخص هو شيء خاص جدا، والأمر يشبه البصمة، كلنا لدينا بصمات لكن لا توجد بصمة تتطابق مع الأخرى تماما أبدا.
نفس الأمر ينطبق على الحالات الطبية، فهي متشابهة ولكنها غير متطابقة أيضا، وذلك بغض النظر عن التشخيص، فكيف نتوقع أن ينجح نفس العلاج أو الدواء مع جميع البشر؟
تُعد الأدوية المخصصة لكل حالة وكل إنسان وفق ( سونا) هدفا طبيا كبيرا لدى البشرية، ولكنه هدف صعب المنال، وفي هذا السياق أنشأ العلماء في جامعة كاليفورنيا بمدينة لوس أنجلوس الأميركية تقنية جديدة باستخدام نظام طباعة ثلاثي الأبعاد، يسمح بصنع “أدوية مخصصة” بآلات بسيطة للغاية، وذلك وفق ما ورد في البحث الذي نشروه على منصة الجامعة مؤخرا.
تُعتبر طباعة الأدوية باستخدام “نظام صغير الحجم” (Compact System) هدفا في غاية الأهمية للأطباء، فهو لا يسمح بصنع الأدوية في المستشفيات فقط -أي قريب من المرضى- بل إنه يجعل من السهل تصنيع الأدوية في المواقع النائية، والتي يصعب الوصول إليها في جميع أنحاء العالم.
وفي الواقع، يقول العلماء إن الطابعات ثلاثية الأبعاد يمكن أن تساعد في صنع الأدوية في منزل المريض، ولا يعني “الطب المخصص” أن كل شخص سيحصل على عقاقير فريدة ومصنوعة له وحده فقط، لا، ولكن يمكن تعديل نفس الأدوية لتناسب كل حالة، مع التأكد من أن جرعة الدواء دقيقة للغاية، وهذا النظام الجديد للطباعة ثلاثية الأبعاد يساعد في تحقيق ذلك.
عبقرية البساطة
يعتمد النظام الجديد على طابعة ثلاثية الأبعاد وصغيرة بحجم آلة صنع القهوة مع رأس طباعة ثلاثي الأبعاد، ومكان مخصص لهاتف ذكي، ووعاء لوضع محلول الأدوية فيه.
أما طريقة العمل فهي في غاية السهولة والبساطة؛ ففي البداية يتلقى المريض أو الطاقم الطبي تركيبة الدواء المخصصة للمريض والتي تتضمن جرعة محددة من الدواء، ثم يسكب محلول الدواء مع مادة كيميائية خاصة في الوعاء المخصص لمحلول الأدوية، وبعدها يأتي دور استخدام التطبيق الطبي الخاص بتنفيذ العملية في الهاتف الذكي حيث يستخدم الجهاز ضوء شاشة الهاتف الذكي لترسيخ الدواء وتحويله إلى حبة.
أجرى العلماء في مختبرات كلية الطب في الجامعة العديد من الاختبارات المهمة باستخدام أدوية مختلفة وهواتف ذكية مختلفة، وتمكنوا بالفعل من طباعة أدوية تحتوي على “الوارفارين” (Warfarin) وهو مُميع دم شائع الاستعمال، بجرعات وأحجام وأشكال مختلفة، ويدرك العلماء أن طريقتهم لا تزال بحاجة إلى الخضوع لفحوص السلامة العامة الرسمية، ولكن إذا سارت التجارب بسلاسة كما هو متوقع فإن هذا سيكون بمثابة نقطة الانطلاق نحو “الطب الأكثر تخصصا” (More Personalized Medicine) ، وهو حلم العلماء منذ زمن طويل.
تحديات كثيرة لتحقيق الحلم
وفي هذا السياق، قال البروفيسور “عبد الباسط” كبير مؤلفي الدراسة ورئيس الفريق “لا يزال هناك الكثير من التحديات لتحقيق هذا الحلم، ولكننا نأمل أن تسهل الأدوية المطبوعة ثلاثية الأبعاد العلاج في نقاط الرعاية الحساسة مثل أقسام الطوارئ في المستشفيات، وغرف العمليات، وكذلك في المناطق النائية، كما نطمح أن تصبح في يوم قريب في منازل الناس أيضا”.
بالطبع، لن تحل الأدوية المطبوعة محل جميع الأدوية، ولكنها مع ذلك تعتبر هدفا طموحا للغاية، وربما في يوم ما سيصبح في الإمكان صنع أدوية معدة خصيصا لك في منزلك، فكل شيء ممكن في زمن الثورة الصناعية الرابعة وعصر الطابعات ثلاثية الأبعاد.