سودافاكس ـ يقول أهلنا في السودان للوجه (وش)، بل أنهم جعلوا لمقدمة كل شئ (وش)، فيقولون وش القباحة ووش القهوة ووش الملاح ووش الدواء ووش الصباح الخ، ويقال أن عبارة (وش) التي يراد بها الوجه عند السوادنة لها أصل عند العرب وتحديدا عند قبيلة تميم التي تقلب الجيم شينا عند النطق.
وعندما يقول السودانيون لشخص ما (شيلوك وش القباحة)، انما يعنون ان هذا الشخص أجبرته بعض الظروف أو طبيعة الموقع الذي يشغله لاتخاذ موقف معيب نيابة عن آخرين، ولأحد المطربين الشباب أغنية تحت اسم (وش القباحة) تقول بعض كلماتها: سألوك إنت بتريدو قمت جاوبت بصراحة طلعوك يا قلبي ظالم شيلوك وش القباحة وبهذا المعنى فان الدكتور عبد العظيم عوض الامين العام لمجلس الصحافة المعاد للمنصب بسلطة الانقلاب، قد (شال وش القباحة) دون جدوى، اذ لم يكن هناك أي مبرر لخطابه الذي بعث به لهذه الصحيفة (الجريدة).
يحذرها من ما أسماه اطلاق صفات على السادة رئيس واعضاء مجلس السيادة الانتقالي لا تليق (بالمقام السيادي) وهددها بسحب الترخيص، وخطاب عبد العظيم هذا يعيد للأذهان قانون (عيب الذات الملكية، الاميرية، السلطانية) أو الذات الحاكمة، الذي أصدرته بعض الدول العربية الشمولية المحكومة بالنظم الملكية والسلطانية، ويقضي القانون القراقوشي هذا، بمعاقبة كل من يتعرض بقول أو فعل أو كتابة أو رسم أو غيره من طرق التمثيل، يكون فيه مساس تصريحا أو تلميحا مباشرة أو غير مباشرة بحق هذه (الذوات الرئاسية) المنزهة عن النقد، بأن توقع عليه عقوبة السجن.
وكما ترون فان هذا القانون الجائر الذي يضع الذوات الرئاسية الفانية في مقام واحد مع الذات الالهية المنزهة عن الخطأ، ليس له ماهية واضحة، وهو خاضع لتأويلات عدة وفق أهواء السلطة، ولكن السيد عبد العظيم عوض الذي كنا نظنه اعلامي وصحفي معتق استنادا على تجربتيه في العمل الاذاعي والصحفي، ولا يمكن مهما كان أن يتردى الى هذا الدرك، اذا به يفجعنا ويزيد خيبتنا فيه، ليس فقط بخطابه للجريدة المشار اليه، وانما أيضا لانخراطه في نوبة دفاع شرس ومحموم عن القرار الانقلابي الذي أوقف بث فضائية الجزيرة مباشر والغى تصديقها، فهل ياترى اضطر الأخ عبد العظيم لاتخاذ هذه المواقف المخزية صحفيا واعلاميا، تصديقا لمقولة أن بعض من يشيلون (وش القباحة).
انما يفعلون ذلك حرصا على مكاسبهم ومواقعهم، أم ترى أنه انقلابي صميم، هذا أو ذاك فقد وقع فيما يطعن في مهنيته وانتمائه الحقيقي للوسط الصحفي والاعلامي، فلو كان ما أتاه عبد العظيم أتى به أبوهاجة المتهجم على الوسط لما استغربنا، ولعل امين عام مجلس الصحافة يدرك أو لا يدرك، ان عهد السيطرة والتحكم في اجهزة الاعلام وتهديدها بالاغلاق قد ولى الى الأبد، فها هي فضائية الجزيرة مباشر تمارس عملها في التغطيات واجراء المقابلات وبث كل برامجها كالمعتاد، وتمد لسانها ساخرة من القرار الانقلابي الغبي، الذي لم يفقه إنه بات من الاستحالة بمكان السيطرة على الإعلام، الذي أصبح بفضل جملة معطيات ومتغيرات وتطورات.
قادرا بمختلف وسائله على اختراق كل الحواجز بكافة أشكالها ومسمياتها، وفي ذات الوقت لا يسمح بتحديد حرية انطلاقه أو تحجيمها، وبالتالي تصبح أي محاولة في ذلك الاتجاه فاشلة ومدحورة ولا تأتي سوى بنتائج سالبة على من يريدون سلب حرية الاعلام..