300 أسرة سعودية الأصل تعيش في “حلايب” و”شلاتين”.. تعرّف المنطقتين اللتين تتنازعهما مصر مع السودان

بعيداً عن تفاصيل أزمة الحدود بين مصر والسودان حول تبعية إقليم حلايب وشلاتين، فإن الواقع في تلك المنطقة يشير إلى أنه لا أزمات سوى صعوبات الحياة التي يعاني منها أبناء الإقليم.

فالوضع في حلايب وشلاتين يختلف تماماً عن جزيرتي تيران وصنافير غير المأهولتين بالسكان. ففي حلايب وشلاتين هناك تاريخ وحياة وعادات وتجارة ومصاهرة بين القبائل على الجانبين.
وهذه قراءة في الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة وإطلالة على أزمة الحدود التي نشأت بقرار من المحتل البريطاني.
يقع مثلث حلايب وشلاتين فى أقصى جنوب مصر الشرقي، مساحته حوالي 20 ألف كيلومتر مربع بين مصر والسودان، 600 كيلومتر هي المسافة الفاصلة بينها ومحافظة البحر الأحمر على شكل مثلث يضم “أبورماد وحلايب ورأس الحداربة وقرية مرسى حميرة وقرية أبرق والجاهلية”.

أهل حلايب وشلاتين
التركيبة السكانية للإقليم تضم 3 قبائل هي: العبابدة والبشارية والرشايدة. وتعد قبيلتا العبابدة والبشارية الأكثر عدداً ونفوذاً وانتشاراً هناك.
وأصلهم هي القبيلة التي عاشت في الصحراء الشرقية على امتداد ساحل البحر الأحمر في مصر والسودان وإثيوبيا، وتوجد هذه القبائل نفسها في بعض محافظات مصر، خاصة الصعيد.

ومن أكبر أزمات الإقليم أن 40% من سكان المنطقة لا يملكون أوراقاً ثبوتية كشهادات ميلاد وبطاقات الهوية المصرية.
وقبيلة الرشايدة – التي يعيش أفرادها على بعد 10 كيلومترات من مدينة شلاتين، لها أصول من الجزيرة العربية وتحديداً من السعودية، وعددهم حوالي 1000 شخص، يمثلون 300 أسرة تقريبًا، يأتي دخلهم من تجارة الجمال والسلاح، ما يميزهم مادياً، كما أن لديهم دراية بدروب الجبال والوديان.
ويتعامل معهم مكتب شؤون القبائل من خلال عمدة تم تنصيبه من بينهم، يقوم بتسجيلهم في سجلات خاصة بهم عوضاً عن الأوراق الثبوتية الرسمية.
أما قبيلة البشارية فقد استوطنت مثلث حلايب وشلاتين منذ عام 1906 بعد جفاف الأمطار في شبه الجزيرة العربية، ويعدون أصل المنطقة، ونشاطهم الرئيسي الرعي وتربية الجمال المحلية.
بينما تعد العبابدة أشهر وأقدم القبائل في المنطقة، وعرفت تاريخياً بدورها ضد عصابات (البقارة)، التي كانت تهجم على الجنوب فأصبحوا حراس الجنوب. ويعتمدون كذلك على الرعي وتربية الجمال وإرشاد القوافل التجارية.

وهناك ترابط بين القبيلتين يرجع إلى علاقات المصاهرة بينهما، وهو ما أظهر شريحة “المهجنين”، حيث يكون والدهم من قبيلة ووالدتهم من قبيلة أخرى.
يعمل أغلب سكان الإقليم في التجارة وتربية الأغنام، ومثلها مثل كل المناطق الحدودية، فإن التهريب بين البلدين من الأعمال السائدة هناك، خصوصاً تهريب الجمال والأرز والألبان والعديد من المنتجات السودانية إلى مصر، وهناك شريحة من سكان الإقليم يعملون بصيد الأسماك.
وتعاني المنطقة من عدم توافر كفاءات بشرية في مجالي الصحة والتعليم، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة.
وأشار عمارة في تصريحات خاصة لـ”هافينغتون بوست عربي” إلى أن الإقليم تحت السيادة المصرية بالكامل، وممثل داخل مجلس النواب، وكانت هي الدائرة الأكثر تصويتاً على مستوى الجمهورية في الانتخابات البرلمانية، حيث وصل التصويت بها إلى 40% من عدد الناخبين، وذلك كونها المرة الأولى التي يتم تخصيص دائرة انتخابية منفصلة للإقليم تابعة لمحافظة البحر الأحمر.

عادات قبلية في الزواج والطعام
لا صوت يعلو فوق عادات القبيلة في هذا الإقليم. فما زالت عادة تناول الطعام في صحن كبير ينتقل من الرجال للسيدات هي طقس تناول الطعام السائد.
ولا تزال الأولوية في زواج الفتاة لابن عمومتها، وإذا لم يكن لها ابن عم مباشر فإنها تخطب لابن أقرب رجل للأب، ثم ابن الخال، ولا يسمح للفتاة برفض ابن عمها أو ابن خالها. وإذا تقدم شخص من خارج فرع القبيلة للزواج من ابنتها، وهذا لا يحدث كثيراً، فموافقة الأب في هذه الحالة لا تكفي، بل يتم عرض الموضوع على أبناء عمومتها، فإذا رغب فيها أحدهم كانت من نصيبه باعتباره الأحق بها، وإذا زوج الرجل ابنته دون الرجوع للقبيلة يتم طرده منها ومقاطعته.
والعريس يعرف عروسه من “يوم السماية”، ويتزوجون في سن مبكرة، تبدأ أحياناً من 14 سنة، وينجبون كثيراً، وبالنسبة لهما معاً فالطاعة لتقاليد القبيلة وإلا فالطرد هو المصير.

إدارة سودانية حتى 1990.. ومصرية إلى الآن
تعود بداية الأزمة إلى توقيع اتفاقية ترسيم الحدود المصرية السودانية بإشراف بريطاني في عام 1899م، فكان الأساس في تلك الاتفاقية هو خط عرض 22 درجة شمالًا كحد لمصر من الجنوب، ولأن حلايب وشلاتين تقعان شمال هذا الخط، تتمسك مصر بمصرية المنطقة.
لكن الإدارة البريطانية التي كانت مسيطرة على السودان وصاحبة الحماية على مصر قررت في عام 1902 وضع مثلث حلايب تحت إدارة السودان بسبب امتداد قبائل البشارية السودانية فيه.

ومع انفصال السودان عن مصر في 1956، عادت أزمة الإقليم للظهور من جديد، فطالبت مصر في 1958 بعودة الإقليم إليها، وقامت الدولتان بإدراج الإقليم داخل الدوائر الجغرافية الانتخابية للبلدين، ورغم الحشود العسكرية المصرية بالقرب من المنطقة، إلا أنها ظلت تحت الإدارة السودانية حتى 1990، حين أصدرت مصر قراراً بضمها إلى حدودها الرسمية، خصوصاً بعد إعلان السودان منح شركة إيطالية حق التنقيب عن البترول بها.
وحسمت القوة العسكرية المصرية الوضع على الأرض بالسيطرة على الإقليم، لتظل العلاقات متوترة بين البلدين بعد تلك الواقعة، خصوصاً مع اتهام مصر للسودان بتدبير محاولة اغتيال الرئيس الأسبق مبارك في أديس أبابا.
“حامية” سودانية وسط جيش مصري
اللافت للنظر في تلك الأزمة أنه رغم السيطرة الكاملة للقوات المسلحة المصرية على تلك المنطقة، إلا أنه لاتزال هناك حامية سودانية داخل نطاق حلايب، وهو ما يستخدمه حاكم ولاية البحر الأحمر السودانية كدليل على أنها منطقة سودانية.
لكن مصادر عسكرية مصرية قالت حينها إن القوات السودانية في مثلث حلايب وشلاتين موجودة منذ عام 1948، وإن استبدالها بقوة أخرى تم بموافقة الحكومة المصرية، وهو ليس دليل على شيء جديد، وإنما تم وفق الاتفاقات الموقعة بين البلدين.

هافنغتون بوست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.