سودافاكس ـ *السودان في أسوأ حالاته الآن ومن الخطل أن نتوقع أي تغيير سريع في الأوضاع الاقتصادية، ومن الجنون أن نتفاءل بدخول مستثمرين بأموالهم في أي قطاع، مع استمرار الانهيار أو الوصول الى شفا الهاوية.
*الأزمة السياسية والأمنية وما قادت اليه من انهيار اقتصادي عطل حركة الإنتاج بشكل كامل، وذلك حركة التجارة الداخلية والخارجية، وتعطلت مؤسسات الدولة الاقتصادية فأصبح الموظفون بلا عمل.
قطاع الأعمال السوداني تجاوز مرحلة الشكوى من السياسات غير المشجعة، ومن شكوى الرسوم والضرائب إلى الهروب.
*اختار عدد من رجال الأعمال الإقامة بالخارج خاصة الى دولة مصر والإمارات ومباشرة أعمالهم في السودان منها، واختار البعض الآخر تحويل نشاطه الى دول أخرى خاصة شرق أفريقيا.
*لم تعد بيئة الاستثمار مشجعة لا اقتصادياً ولا سياسيا ولا أمنياً، عدم وجود دولة أصبح شبحاً طارداً حتى للمواطن ناهيك عن الأعمال.
*للأسف وفي هذا الجو الكئيب وعندما يظهر خيط أمل رفيع تجد من يعمل على قطعه وبصورة أقرب للمؤامرة.
*الأيام الماضية اطلعت على أحاديث شخصين كنت دوماً أحترم تصريحاتهما لأنها أكثر فائدة لنصح المواطن فيما يتعلق بمعاشه اليومي، لكن للأسف هذه المرة جانبهم الصواب، بل جاءت تصريحاتهما أقرب للهتاف السياسي الذي يطلقه ناشطون بعيدون عن المسؤولية المهنية.
*استضافت قاعة طيبة برس ندوة بعنوان (حقائق صفقة زين)، العنوان تحمل دلائله على طرح معلومات أساسية عن الصفقة، لكن كان الحديث منصباً على هجوم شديد على استحواذ شركة دال على شركة زين.
*رئيس منظمة الشفافية السودانية د. الطيب مختار بحسب ما نقلته عنه مواقع إعلامية قال إن أي استحواذ على أي شركة اتصالات يعتبر استحواذاً على الوطن والمواطن، ولابد من عودة زين لحضن الوطن، داعياً المواطن لشراء الشركة عبر شركة مساهمة عامة.
*أما د. ياسر ميرغني رئيس جمعية حماية المستهلك فقد ذهب أبعد من ذلك حيث توعد بالاستغناء عن خدمات زين وتكسير شرائحها، وقال إن المعركة مع زين معركة كرامة وإنهم يعملون على تجهيز المواطن السوداني لشراء شركة زين لتكون ملكية عامة للشعب، وبالعدم إلغاء اشتراك كل المستهلكين في الشركة لإفشال الصفقة، وأضاف: لا نريد أن نبيع حريتنا للأجانب.
*الخطاب التحريضي غير متوقع من د. ياسر ميرغني الذي ظل مدافعاً على الدوام عن حقوق المستهلكين، ولا شك أن وجود العديد من الشركات في قطاع الاتصالات لمصلحة المستهلك لأنه يحفز المنافسة.
*المستغرب له أن زين هي الآن شركة أجنبية تابعة لدولة الكويت وبشراء دال وهي شركة وطنية خالصة ستعود إلى حضن الوطن، فلماذا إذن يتم الاستغناء عن خدماتها وتكسير شرائحها.
*كان المتوقع أن يشجع رئيس جمعية حماية المستهلك القطاع الخاص السوداني للدخول في كافة مجالات الاستثمار. زراعي. صناعي. خدمي، لأنه ليس في مصلحة المستهلك فقط، بل في مصلحة الاقتصاد السوداني الذي يتعرض للانهيار بسبب انهيار بنيته الأساسية وهروب قطاع الأعمال المحلي والأجنبي.
*شركة زين إذا آلت ملكيتها لأي شركة وطنية لدال أو غيرها ليس هناك فرق، فهو أمر جيد ومطلوب، وحتى إذا استحوذت عليها شركة أجنبية فهو أيضاً في مصلحة فتح آفاق الاستثمار الأجنبي الذي تسعى له الدولة، بل إن كل عمليات الإصلاح وتحسين العلاقات مع المؤسسات الدولية، والعودة للمجتمع الدولي بكل تكلفته كانت بهدف جذب الاستثمار ورأس المال الأجنبي، فكيف تأتي جهات معلومة لتشكك في أي استثمار.
*لا شك أن فكرة التركيز على شركات المساهمة العامة أمر مهم جداً، برغم ضعف ثقافة هذا النهج في الاقتصاد السوداني.
*إذن السؤال المهم:
*إن نضغط في إنقاذ شركات ماتت أو تتعرض للموت السريري عبر شركات المساهمة العامة أم نضغط لتحويل شركات ناجحة وتوجد رغبة من آخرين على شرائها بغض النظر عن من هم الآخرون.؟
أو ليس الأجدر أن تطرح شركات كالخطوط البحرية والخطوط الجوية، والموانئ وشركات السكر الحكومية وغيرها كثر لأسهم الجمهور عبر المساهمة العامة لتطويرها؟