أتحدى من يزعم أنه قرأ لي سطرا واحدا أتباهى فيه (على نحو جدي)، بإنجاز أو عمل ما، ما عدا البقاء والصمود في سن الثالثة والثلاثين، ولكنني سأتباهى اليوم بأعلى صوتي بأنني لا أجامل أحدا في أمور صحتي أو بالأحرى في أمور طعامي وشرابي: أتيتك ضيفا وقدمت لي مشروبا غازيا من فئة الكولا؟ شكرا، فأنا ممتنع طوعا عن أي مشروب حرام أو حلال داخل زجاجة أو علبة معدنية أو بلاستيكية، ولكن لا أمانع في شرب عصير الفواكه المغشوش لأنني أعرف أن نسبة منه ولو ضئيلة مفيدة للصحة! تدعوني إلى عشاء سيمتد إلى ما بعد منتصف الليل؟ مش جاي. فأنا لا أضع طعاما صلبا في فمي بعد التاسعة مساء! تحلف علي بالطلاق كي أتناول قطعة الكنافة الثالثة؟ طلق مثنى وثلاث ورباع، ولا تنس أن تدعوني عندما ترد زوجتك/ زوجاتك أو تتزوج بأخرى (تذكرت ذلك الذي تزوج بواحدة ليس بها مسحة من جمال فوق زوجته الأولى الجميلة، وبرر ذلك بأن الثانية هذه للحلفان بالطلاق)، المهم أنني لن أجاملك حتى في وليمة الزواج بأكل أشياء قررت الامتناع عنها منذ سنوات.
دعوتني إلى الغداء ووضعت أمامي خروفا كاملا فوق عشرة كيلوغرامات من الرز، ثم أكرمتني بقطع ضخمة تنز شحما؟ شكر الله سعيك ولكنني لن أدخل قطعة لحم فيها أي درجة من البياض في فمي. يا عزيزي حتى اللحوم التي نسميها حمراء ملغومة بالدهون فلا تغلب حالك معي وتقدم لي لحما مكسوا بالشحم!! وأتحدى من يزعم أنه رآني اشتري حلويات شرقية لعائلتي!! أشتري بقلاوة وكنافة وبسبوسة عمدا ومن حر مالي؟ مستحيل!! أما إذا وجدتها أمامي في مناسبة ما فإنني أتناول منها قطعة أو ثلاثة، وقد يحدث ذلك مرتين أو أربعا في السنة.
وما أود أن أؤكده هو أنني لست من النوع الذي يحسب السعرات الحرارية في الطعام، ولكنني أعاف الشحوم والدهون. وأحب الحلويات كثيرا و«أموت» في الآيسكريم، ولكنني لست على استعداد لـ«أموت» بسبب الآيسكريم، ولا شيء في نظري أشهى من التمر ولكنني تعلمت مؤخرا «ضبط نفسي» فلا أتناول إلا قطعا معدودة من التمر يوميا. وكثيرا ما أوصف بأنني قليل الذوق خاصة عندما أكون ضيفا واعتذر عن تناول أصنافا معينة تعرض عليّ، ولكنني أرفض أكل ما لا أستسيغه بكل تهذيب.
وما أود التنبيه إليه هو أن السمنة أصبحت وباء بين جيل الصغار بسبب إدمانهم الوجبات السريعة، وفي وقتنا الراهن يموت عشرة في المائة من المواطنين في بريطانيا بسبب تعقيدات مرض السكري وذوي الأوزان الزائدة هم الأكثر عرضة للسكري وأمراض القلب والشرايين، ولكن ما البديل لتلك الوجبات؟ الكبسة؟ المنسف؟ الكسكسي؟ الكوارع؟ الثريد/الفتة؟ المندي؟ أم علي؟ القطايف؟ وجميعها أكلات ملغومة بعناصر تفتك بالأوردة والشرايين والأمعاء! وبقية الأكلات التي لم أورد أسماءها تطبخ أو تحمر في كثير من الزيت مضافا إليه تشكيلة من البهارات تجعل الغازات تخرج عبر الأذن والأنف والحنجرة!!
والشاهد هو أننا بحاجة إلى حملة طبية توعوية تقول لنا صراحة إن معظم أكلاتنا الشعبية رغم حلاوتها، لا تقل خطرا على الصحة عن الشيشة.. ومن المضحكات المبكيات أن هناك من يزعم أنه يحتاج إلى حجر شيشة كي يهضم وجبة دسمة وغيره يقول إنه بحاجة إلى كولا كي يهضم مثل تلك الوجبة.. يا عزيزي.. أولا: لو أكلت قدر طاقة بطنك فإنها ستتولى بنفسها عملية الهضم بكفاءة، وثانيا: لماذا تكبس بطنك حتى تحتاج إلى مساعدة خارجية للهضم؟
ثالثا: الشيشة تدخل الرئة ولا يوجد دليل علمي على أن الرئة تلعب دورا في الهضم ورابعا: الكولا تسبب عسر الهضم وشربها بعد وجبة شعبية مشبعة بالدهون والنشويات لا يختلف عن محاولة إطفاء نار في زيت مشتعل بصب الماء عليها.