جعفر عباس : المليونير قد يكون من فصيلة الحمير

سودافاكس ـ كان هناك لصوص في الاتحاد السوفييتي قبل تفككه، ولكنهم كانوا «غلابة» ويسرقون بالآلاف أو –في غالب الأحوال- يضعون أيديهم على بعض أراضي الدولة أو مبانيها، وجاءت جمهورية روسيا الاتحادية محل الاتحاد السوفييتي، وصارت واحدة من أكبر قلاع الفساد في العالم، فالبلد الذي لم يكن فيه مليونير واحد قبل 25 سنة صار فيه اليوم 190 ألف مليونير، معظمهم استفاد من انغماس بوريس يلتسين أول رئيس لروسيا بعد تفكك الاتحاد السوفييتي في الخمر والسكر فباعوا واشتروا ممتلكات الدولة وحولوها الى ملكية خاصة.

شهدت موسكو مؤخرا معرضاً مخصصاً للمليونيرات، وتبارى مستجدو النعمة والحرامية لشراء طائرات الهليكوبتر والخيول وزوارق الطوربيد، وكان أقل المعروضات ثمنا هناك، بانيو للاستحمام يتسع لسبعة أشخاص بقيمة 80 ألف دولار (بانيو يتسع لأكثر من شخص واحد لا يناسب إلا شغل الهشك بشك الذي يناسب الفيديو كليبات التي تنتجها الكلبات ومفردها كلبة).

أحد مليونيرات روسيا اشترى من هذا المعرض قارورة شراب ب(50) ألف دولار!! ولا شك في أن هذه الحكاية ستضعف موقف أنصار نظرية داروين التي تقول إن أصل الانسان قرد، وأن دورة النشوء والارتقاء اكتملت، وبالتالي لم تشهد مئات القرون الأخيرة قردا يتحول الى إنسان. هل يخامرك أدنى شك بأن من اشترى زجاجة مشروب واحدة بخمسين ألف دولار هو إنسان عاقل؟ من ينفق مبلغاً يكفي لشراء سيارة أو فيلا على زجاجة خمر واحدة، لا يختلف مفعولها عن مفعول زجاجة مشروب آخر مغشوش بخمسة دولارات، لابد وأنه ينتمي إلى عالم الحيوانات، ولكن طالما أنه على هيئة آدمي، فمعنى ذلك أن نظرية داروين طلعت فاشوش!

وكلما جاء موسم توزيع جوائز نوبل، فإنني أعجب لماذا لم يتم ترشيحي لنيل جائزة رغم أنه سبق لي أن أثبت خطأ نظرية داروين وقدمت الدليل على أن الإنسان قد يتحول إلى قرد، وليس العكس كما قال داروين. وكل من تابع مسيرة المغني الأمريكي مايكل جاكسون يعرف كيف كان شابا أسود بأنف جعفري، ثم شيئا فشيئا صار أبيض اللون واختفى أنفه الأفطس وحل محله منقار بومة، ثم تغيرت تقاطيع وجهه.

ولعل ما حرمني من جائزة نوبل هو قولي إن جاكسون هذا كان تجسيدا حيّا على أن الله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم قادر على أن يرده إلى أسفل سافلين.
قبل أيام دخل رجل حسن الهندام مطعم أفيفا في كنسنغتون في لندن، وطلب 851 كأس كوكتيل، ولم يشرب منها بالطبع سوى نحو ثلاثة كؤوس، إذ وزع بقية الكؤوس على من كانوا حوله (دون سابق معرفة بينهم)، وكانت هناك جرسونة حسناء تقوم على خدمته فقدم لها بقشيشا متواضعا، ثلاثة آلاف دولار بس!! يعني البقشيش كان أعلى من قيمة سيارتك البائسة! ويقال إنه ارتكب تلك الحماقات لترك «انطباع حميد» في نفس الممثلة الحسناء جاسمين لينارد التي كانت في المطعم.. كانت فاتورته النهائية 45 ألف دولار. ويبدو أن الممثلة تلك عاقلة ومحترمة لأنها وصفته بالغباء والبلاهة. هل تذكرون حكاية العربي الغبي الذي عرض على ممثلة بريطانية نكرة من أصل هندي مليوني دولار نظير تناول العشاء معه؟ ورفضت الممثلة العرض.

وأنت تقرأ عن هؤلاء الأغنياء الأغبياء سيكون بالك مشغولا بكيفية توفير ما يعادل 200 دولار لشراء ملابس للعيال.. دبِّر حالك، وفي النهاية ستسعد بإنفاق ما يتوفر لديك، أضعاف سعادة أولئك السفهاء بإنفاق ملايينهم في ما لا نفع فيه.

أنا وأنت سعداء وأمامنا طبق فول وفلافل وحمص، والواحد منهم ينفق دخلي ودخلك في سنة كاملة على وجبة واحدة ومع هذا فهم تعساء وملايينهم لا تشتري السعادة والقناعة وغنى النفس.. الله يسد نفوسهم كمان وكمان.

 

Exit mobile version