جعفر عباس : يظهر أني رحت فيها!!

سودافاكس ـ غابت‭ ‬أم‭ ‬الجعافر‭ ‬وفي‭ ‬رواية‭ ‬أخرى‭ ‬أم‭ ‬المعارك‭ ‬عن‭ ‬البيت‭ ‬أسبوعين‭ ‬قضتهما‭ ‬مع‭ ‬ولدي‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬سعودي‭ ‬في‭ ‬الرياض،‭ ‬وأحسست‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬خللا‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬البيت،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬نفارق‭ ‬بعضنا‭ ‬فيها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬بضع‭ ‬ساعات‭ ‬طوال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬سنوات،‭ ‬وعجبت‭ ‬لأمر‭ ‬نفسي‭: ‬هل‭ ‬صرت‭ ‬قابلا‭ ‬بالحرمان‭ ‬من‭ ‬الاستقلال‭ ‬والحكم‭ ‬الذاتي؟‭ ‬هل‭ ‬صرت‭ ‬أصدق‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬بيت‭ ‬الزوجية‭ ‬قفص‭ ‬ذهبي؟‭ ‬وكيف‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬الزواج‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭ ‬كحادث‭ ‬مروري،‭ ‬فأنت‭ ‬لا‭ ‬تخطط‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬طرفا‭ ‬في‭ ‬حادث‭ ‬مروري،‭ ‬بل‭ ‬تسوق‭ ‬الأقدار‭ ‬في‭ ‬طريقك‭ ‬سيارة‭ ‬أو‭ ‬شخصا‭ ‬فتجد‭ ‬نفسك‭ ‬صادما‭ ‬ومصدوما،‭ ‬وأعني‭ ‬بذلك‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أفكر‭ ‬وأخطط‭ ‬للزواج‭ ‬بعد‭ ‬دخولي‭ ‬الحياة‭ ‬العملية،‭ ‬فقد‭ ‬كنت‭ ‬أعطي‭ ‬جزءا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬راتبي‭ ‬الشهري‭ ‬لأمي‭ ‬وأضع‭ ‬الجزء‭ ‬المتبقي‭ ‬في‭ ‬جيبي،‭ ‬حتى‭ ‬يأتي‭ ‬يوم‭ ‬أدخل‭ ‬فيه‭ ‬يدي‭ ‬في‭ ‬جيبي‭ ‬فتخرج‭ ‬خاوية‭ ‬فأدرك‭ ‬أن‭ ‬الفلس‭ ‬حصل‭ ‬واقترض‭ ‬من‭ ‬أمي‭ ‬مبلغا‭ ‬‮«‬أمشي‭ ‬به‭ ‬الحال‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬موعد‭ ‬الراتب‭ ‬التالي،‭.وذات‭ ‬يوم‭ ‬أدخلت‭ ‬نفسي‭ ‬في‭ ‬ورطة‭ ‬عندما‭ ‬قلت‭ ‬لفتاة‭: ‬إيه‭ ‬رأيك‭ ‬نتزوج؟‭ ‬فكان‭ ‬ردها‭: ‬روح‭ ‬كلِّم‭ ‬أبوي‭. ‬توقعت‭ ‬منها‭ ‬بعض‭ ‬‮«‬الدلال‮»‬‭ ‬وعبارات‭ ‬من‭ ‬صنف‭: ‬خليني‭ ‬أفكر‭

. ‬أعطني‭ ‬فرصة‭ ‬أفكر‭ ‬وأرد‭ ‬عليك‭ ‬بعد‭ ‬يومين‭ ‬أو‭ ‬ثلاثة‭!! ‬بصراحة‭ ‬لو‭ ‬طلبت‭ ‬فرصة‭ ‬للتفكير،‭ ‬لكان‭ ‬من‭ ‬الوارد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أفكر‮»‬‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬بدوري‭ ‬و«اخلع‮»‬‭ ‬قبل‭ ‬وقوع‭ ‬الفاس‭ ‬على‭ ‬راس‭ ‬ولد‭ ‬عباس‭. ‬ورحت‭ ‬وكلمت‭ ‬‮«‬أبوها‭ ‬وأبو‭ ‬اللي‭ ‬خلفوها‮»‬‭ ‬وأعطيته‭ ‬سيرة‭ ‬ذاتية‭ ‬مختصرة،‭ ‬فقال‭: ‬ربنا‭ ‬يتمم‭ ‬على‭ ‬خير‭ ‬بس‭ ‬لازم‭ ‬نشاور‭ ‬البنت‭!! ‬قلت‭ ‬له‭: ‬مفيش‭ ‬داعي،‭ ‬فأنا‭ ‬شاورتها‭ ‬وهي‭ ‬شاورت‭ ‬نفسها‭ ‬لثوان‭ ‬ووافقت‭.‬

 

وفجأة‭ ‬دخلت‭ ‬في‭ ‬دوامات‭ ‬تحديد‭ ‬الجدول‭ ‬الزمني‭ ‬لعقد‭ ‬القران‭ ‬والزفاف‭ ‬والبطيخ،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬عندي‭ ‬وقتها‭ ‬حساب‭ ‬مصرفي‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬عندي‭ ‬مدخرات‭ ‬تستوجب‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬البنوك‭.. ‬وهكذا‭ ‬أوقعتني‭ ‬ثلاث‭ ‬كلمات‭ (‬إيه‭ ‬رأيك‭ ‬نتزوج؟‭) ‬في‭ ‬مطب‭. ‬كان‭ ‬دخلي‭ ‬الشهري‭ ‬عاليا‭ ‬بمقاييس‭ ‬ذلك‭ ‬الزمان،‭ ‬ولكنني‭ ‬كنت‭ ‬سبهلليا‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬شؤوني‭ ‬المالية،‭ ‬وقلت‭ ‬لخطيبتي‭: ‬دخلي‭ ‬الشهري‭ ‬كذا‭ ‬وكذا‭ ‬وسأسلمك‭ ‬شهريا‭ ‬50‭%‬‭ ‬منه،‭ ‬وعندما‭ ‬تصل‭ ‬مدخراتي‭ ‬عندك‭ ‬السقف‭ ‬المطلوب‭ ‬لـ«رسوم‭ ‬وضرائب‮»‬‭ ‬الزواج‭ ‬‮«‬أعطيني‭ ‬خبر‮»‬‭ ‬عشان‭ ‬نخلص‭ ‬من‭ ‬المسألة‭ ‬دي،‭ ‬وبكل‭ ‬بجاحة‭ ‬رفضت‭ ‬ذلك‭ ‬العرض‭ ‬السخي‭ ‬وطالبت‭ ‬بـ65‭%‬‭ ‬من‭ ‬دخلي‭ ‬الشهري‭ ‬فكان‭ ‬لها‭ ‬ما‭ ‬أرادت‭.

‬المهم‭ ‬حصل‭ ‬خير‭ ‬وتزوجنا‭ ‬ولكنني‭ ‬كفاعل‭ ‬خير‭ ‬أنصح‭ ‬المقبلين‭ ‬على‭ ‬الزواج‭ -‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬زوجة‭ ‬المستقبل‭ ‬مطلوبا‭ ‬منها‭ ‬التفرغ‭ ‬للبيت‭- ‬إياكم‭ ‬وإعطاء‭ ‬معلومات‭ ‬دقيقة‭ ‬عن‭ ‬الدخل‭ ‬الشهري‭. ‬وبعد‭ ‬الزواج‭ ‬لا‭ ‬تنطط‭ ‬أمام‭ ‬المدام‭ ‬مثل‭ ‬العبيط‭ ‬لأنك‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬علاوة‭ ‬أو‭ ‬درجة‭ ‬وظيفية‭ ‬أعلى‭.. ‬نطط‭ ‬بره‭ ‬البيت‭.. ‬لأنه‭ ‬بمعظم‭ ‬الزوجات‭ ‬نزعات‭ ‬صهيونية‭!! ‬كيف؟‭ ‬شوف‭ ‬اسرائيل‭.. ‬طالبت‭ ‬جيرانها‭ ‬بالسلام‭ ‬فأعطوها‭ ‬تعظيم‭ ‬سلام‭.. ‬طالبت‭ ‬العرب‭ ‬بالاعتراف‭ ‬بها‭ ‬فاعترفوا‭ ‬بـ«ذنوبهم‭ ‬في‭ ‬التقصير‭ ‬في‭ ‬حقها‮»‬‭ ‬ولكنها‭ ‬مثل‭ ‬جهنم‭ ‬التي‭ ‬تصيح‭: ‬هل‭ ‬من‭ ‬مزيد؟

 

وهناك‭ ‬حيلة‭ ‬جعفرية‭ ‬ناجعة‭ ‬تجعل‭ ‬الزوجة‭ ‬تخفف‭ ‬مطامعها‭ ‬الصهيونية‭: ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬الزواج‭ ‬الأولى‭ ‬كانت‭ ‬زوجتي‭ ‬تمد‭ ‬لي‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر‭ ‬قائمة‭ ‬‮«‬المشتريات‮»‬‭. ‬أو‭ ‬تمد‭ ‬بوزها‭ ‬مطالبة‭ ‬بمبالغ‭ ‬نقدية‭. ‬فصرت‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬كل‭ ‬شهر‭ ‬أعطيها‭ ‬ميزانية‭ ‬البيت‭ ‬كاملة‭ ‬شاملة‭ ‬‮«‬النثريات‮»‬،‭ ‬ووجدت‭ ‬المسكينة‭ ‬نفسها‭ ‬مضطرة‭ ‬إلى‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بسجل‭ ‬للنفقات‭ ‬والإيرادات‭ ‬لإثبات‭ ‬أنها‭ ‬زوجة‭ ‬مدبِّرة،‭ ‬ولكنها‭ ‬زهجت‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬وطالبتني‭ ‬بالإشراف‭ ‬التام‭ ‬على‭ ‬الميزانية،‭ ‬ولكن‭ ‬أعلى‭ ‬جعفرون‭ ‬يا‭ ‬فرعون؟‭ ‬أتولى‭ ‬أنا‭ ‬شؤون‭ ‬نفقات‭ ‬البيت‭ ‬الضرورية‭ ‬والثانوية‭ ‬فيكون‭ ‬لها‭ ‬حق‭ ‬النقد‭ ‬والنقض،‭ ‬والمطالبة‭ ‬بـ‮«‬كاش‮»‬‭ ‬لحاجياتها‭ ‬الخاصة؟‭ ‬قررت‭ ‬فورا‭ ‬منحها‭ ‬راتبا‭ ‬شهريا‭ ‬لا‭ ‬حق‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬السؤال‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬إنفاقها‭ ‬له‭. ‬وهكذا‭ ‬منذ‭ ‬ربع‭ ‬قرن‭ ‬تقريبا‭ ‬اشتريت‭ ‬راحة‭ ‬بالي‭ ‬وضميري‭. ‬وأحيانا‭ ‬أفكر‭ ‬في‭ ‬المبلغ‭ ‬الذي‭ ‬أعطيه‭ ‬إياها‭ ‬شهريا‭ ‬وأنظر‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬المهام‭ ‬التي‭ ‬تتولاها‭ ‬يوميا،‭ ‬واكتشف‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬توزيع‭ ‬ذلك‭ ‬المبلغ‭ ‬على‭ ‬الساعات‭ ‬التي‭ ‬تقضيها‭ ‬في‭ ‬تصريف‭ ‬شؤون‭ ‬البيت،‭ ‬فإنها‭ ‬مظلومة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬الآسيوية‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬فأفاجئها‭ ‬بعلاوة‭.‬

 

الزوجة‭/‬الأم‭ ‬وظيفة‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬إجازة‭ ‬ولا‭ ‬بدل‭ ‬طبيعة‭ ‬عمل‭ ‬ولا‭ ‬تقاعد‭. ‬وأي‭ ‬مليم‭ ‬أو‭ ‬فلس‭ ‬تناله‭ ‬الزوجة‭ ‬من‭ ‬جيب‭ ‬زوجها‭ ‬حلال‭ ‬عليها‭.‬

 

Exit mobile version