سودافاكس ـ غابت أم الجعافر وفي رواية أخرى أم المعارك عن البيت أسبوعين قضتهما مع ولدي الذي يعمل في مستشفى سعودي في الرياض، وأحسست خلال تلك الفترة بأن هناك خللا ما في البيت، فقد كانت تلك أول مرة نفارق بعضنا فيها أكثر من بضع ساعات طوال أكثر من عشر سنوات، وعجبت لأمر نفسي: هل صرت قابلا بالحرمان من الاستقلال والحكم الذاتي؟ هل صرت أصدق ما يقال عن أن بيت الزوجية قفص ذهبي؟ وكيف يكون ذلك وقد كان الزواج بالنسبة إلي كحادث مروري، فأنت لا تخطط لأن تكون طرفا في حادث مروري، بل تسوق الأقدار في طريقك سيارة أو شخصا فتجد نفسك صادما ومصدوما، وأعني بذلك أنني لم أفكر وأخطط للزواج بعد دخولي الحياة العملية، فقد كنت أعطي جزءا كبيرا من راتبي الشهري لأمي وأضع الجزء المتبقي في جيبي، حتى يأتي يوم أدخل فيه يدي في جيبي فتخرج خاوية فأدرك أن الفلس حصل واقترض من أمي مبلغا «أمشي به الحال» حتى موعد الراتب التالي،.وذات يوم أدخلت نفسي في ورطة عندما قلت لفتاة: إيه رأيك نتزوج؟ فكان ردها: روح كلِّم أبوي. توقعت منها بعض «الدلال» وعبارات من صنف: خليني أفكر
. أعطني فرصة أفكر وأرد عليك بعد يومين أو ثلاثة!! بصراحة لو طلبت فرصة للتفكير، لكان من الوارد أن «أفكر» في الموضوع بدوري و«اخلع» قبل وقوع الفاس على راس ولد عباس. ورحت وكلمت «أبوها وأبو اللي خلفوها» وأعطيته سيرة ذاتية مختصرة، فقال: ربنا يتمم على خير بس لازم نشاور البنت!! قلت له: مفيش داعي، فأنا شاورتها وهي شاورت نفسها لثوان ووافقت.
وفجأة دخلت في دوامات تحديد الجدول الزمني لعقد القران والزفاف والبطيخ، ولم يكن عندي وقتها حساب مصرفي لأنه لم تكن عندي مدخرات تستوجب التعامل مع البنوك.. وهكذا أوقعتني ثلاث كلمات (إيه رأيك نتزوج؟) في مطب. كان دخلي الشهري عاليا بمقاييس ذلك الزمان، ولكنني كنت سبهلليا في إدارة شؤوني المالية، وقلت لخطيبتي: دخلي الشهري كذا وكذا وسأسلمك شهريا 50% منه، وعندما تصل مدخراتي عندك السقف المطلوب لـ«رسوم وضرائب» الزواج «أعطيني خبر» عشان نخلص من المسألة دي، وبكل بجاحة رفضت ذلك العرض السخي وطالبت بـ65% من دخلي الشهري فكان لها ما أرادت.
المهم حصل خير وتزوجنا ولكنني كفاعل خير أنصح المقبلين على الزواج -وخاصة إذا كانت زوجة المستقبل مطلوبا منها التفرغ للبيت- إياكم وإعطاء معلومات دقيقة عن الدخل الشهري. وبعد الزواج لا تنطط أمام المدام مثل العبيط لأنك حصلت على علاوة أو درجة وظيفية أعلى.. نطط بره البيت.. لأنه بمعظم الزوجات نزعات صهيونية!! كيف؟ شوف اسرائيل.. طالبت جيرانها بالسلام فأعطوها تعظيم سلام.. طالبت العرب بالاعتراف بها فاعترفوا بـ«ذنوبهم في التقصير في حقها» ولكنها مثل جهنم التي تصيح: هل من مزيد؟
وهناك حيلة جعفرية ناجعة تجعل الزوجة تخفف مطامعها الصهيونية: في سنوات الزواج الأولى كانت زوجتي تمد لي بين الحين والآخر قائمة «المشتريات». أو تمد بوزها مطالبة بمبالغ نقدية. فصرت في أول كل شهر أعطيها ميزانية البيت كاملة شاملة «النثريات»، ووجدت المسكينة نفسها مضطرة إلى الاحتفاظ بسجل للنفقات والإيرادات لإثبات أنها زوجة مدبِّرة، ولكنها زهجت من هذا الأمر بعد سنوات قليلة وطالبتني بالإشراف التام على الميزانية، ولكن أعلى جعفرون يا فرعون؟ أتولى أنا شؤون نفقات البيت الضرورية والثانوية فيكون لها حق النقد والنقض، والمطالبة بـ«كاش» لحاجياتها الخاصة؟ قررت فورا منحها راتبا شهريا لا حق لي في السؤال عن كيفية إنفاقها له. وهكذا منذ ربع قرن تقريبا اشتريت راحة بالي وضميري. وأحيانا أفكر في المبلغ الذي أعطيه إياها شهريا وأنظر إلى حجم المهام التي تتولاها يوميا، واكتشف أنه لو تم توزيع ذلك المبلغ على الساعات التي تقضيها في تصريف شؤون البيت، فإنها مظلومة أكثر من العمالة الآسيوية في الخليج، فأفاجئها بعلاوة.
الزوجة/الأم وظيفة ليس فيها إجازة ولا بدل طبيعة عمل ولا تقاعد. وأي مليم أو فلس تناله الزوجة من جيب زوجها حلال عليها.