تفاؤل في الأسواق… البورصات ترتفع والدولار يتراجع

ارتفعت مؤشرات أسواق المال العالمية، أمس الخميس، مقتفية أثر بورصة وول ستريت، بعد أن رفع مصرف الاحتياط الفيدرالي “البنك المركزي الأميركي” سعر الفائدة ربع في المائة، لأول مرة منذ عام 2018. كما يتجه الفيدرالي إلى رفع الفائدة على الدولار 6 مرات خلال العام الجاري، وبنسبة 0.25% في كل مرة، على أمل السيطرة على معدل التضخم المرتفع.

كما رفع بنك إنكلترا سعر الفائدة الرئيسي، للمرة الثالثة منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فيما يمضي قدماً أسرع من البنوك المركزية الأخرى في مكافحة موجة التضخم العالمية التي أججها ارتفاع أسعار الطاقة. ورفع البنك المركزي البريطاني سعر الفائدة الرئيسي إلى 0.75%، الخميس، بعد ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها خلال 13 عاماً، في وقت سابق من هذا الشهر، جراء الحرب الروسية في أوكرانيا.

ومن المتوقع أن تتجه البنوك المركزية الغربية الكبرى إلى رفع معدل الفائدة بذات المستوى، وربما أكثر، حتى تتمكن من امتصاص أية آثار سلبية على اقتصاداتها من ارتفاع سعر الفائدة على الدولار.

ويصف خبراء رفع الفائدة على الدولار بهذا المعدل الحذر وعلى جرعات صغيرة خلال العام الجاري، بأنه يأتي في إطار استراتيجية “الهبوط الناعم” التي ابتدعها البنك المركزي الأميركي لخفض معدل التضخم من دون إحداث هزة في النمو الاقتصادي أو التأثير على القوة الشرائية التي يعتمد عليها الاقتصاد في النمو. ويقدر موقع “فيشيوال كابيتاليست.كوم” حجم القوة الشرائية الأميركية في نهاية عام 2021 بنحو 19.5 تريليون دولار.

وحسب خبراء، تأتي استراتيجية “الهبوط الناعم” في وقت تواجه فيه الاقتصادات الغربية مجموعة من التحديات، وعلى رأسها ارتفاع أسعار السلع الغذائية، التي تساهم بشكل مباشر في ارتفاع معدلات التضخم وأسعار المعادن التي ترفع كلف البضائع المصنعة وأسعار الوقود التي تزيد من كلف نقل البضائع.

ويرى رئيس وحدة استثمار الأصول في مصرف “يو بي أس” السويسري، أدريان زوير شير، أن “استراتيجية الهبوط الناعم التي يتبناها مجلس الاحتياط الفدرالي، شيء إيجابي لأسواق المال”. ويسعى الفيدرالي إلى إحداث توازن مرن في السوق عبر المراقبة لأداء السوق، قبل تقرير زيادة جديدة على سعر الفائدة.لكن خبير الاستثمار زوير شير يتوقع أن تواصل سوق الأسهم الصينية الاضطرابات خلال الأسابيع المقبلة، على الرغم من ارتفاعها، لليوم الثاني أمس الخميس، والتقبل الإيجابي لرفع الفائدة الأميركية.

يُذكر أن أسواق جنوب شرقي آسيا والصين التي تغلق عادة مبكراً قد أظهرت ارتفاعات كبيرة في مؤشراتها، حيث أغلق مؤشر “هانغ سانغ” الذي يقيس أداء بورصة هونغ كونغ على مكاسب فاقت 7% من إجمالي القيمة الرأسمالية للسوق. بينما واصلت سوق المال الصينية المسجلة في مؤشر “شنغهاي المركب” مكاسبها.

وارتفعت مؤشرات بورصة طوكيو 3.0%. ويتوقع محللون أن تحقق بورصات أوروبا ولندن مكاسب كبرى لدى الإغلاق، خاصة أنها افتتحت تعاملاتها على ارتفاع، وسط توقعات المستثمرين بأن يتبع البنك المركزي الأوروبي نهج المركزي الأميركي وزيادة نسبة الفائدة بربع نقطة.

وعلى الرغم من أن ارتفاع الفائدة على الودائع يقود تلقائياً إلى خفض معدلات التضخم المرتفعة في الاقتصادات الكبرى، إلا أن هناك مخاوف من تأثيره على القدرة الشرائية للمستهلكين، إذ أن المستهلك يضع في الحسبان أن ارتفاع الفائدة سيزيد أقساط قروض السكن، وبالتالي يتجه للتوفير على أساس أن الفائدة المرتفعة ستعني حصوله على عوائد أكبر من الادخار. أما بالنسبة للأثرياء، فإن ارتفاع الفائدة سيعني أنهم سيحصلون على عوائد أعلى من مدخراتهم المالية في البنوك.

ووصف رئيس مجلس الاحتياط الفدرالي، جيروم باول، الأربعاء، الاقتصاد الأميركي بأنه ينمو بقوة وفي وضع جيد يمكنه من امتصاص خطوات تشديد السياسة النقدية.
يذكر أن سياسة التحفيز النقدي والاقتصادي التي أقرتها الحكومة الأميركية منذ عام 2020 بلغت أكثر من 10 مليارات دولار، وساهمت في إخراج الاقتصاد من جائحة كورونا، ولكنها رفعت من معدل التضخم الأميركي، حسب ما ذكرت قناة “سي أن بي سي” الأميركية.

عقارات الصين ايفرغراند (فرانس برس)
أسواق
الصين تتعهد بدعم الاقتصاد لتهدئة الأسواق
وفي سوق العملات، بدأ تجار الصرف يضعون في حساباتهم احتمال نجاح المفاوضات الجارية لوضع نهاية للحرب الروسية في أوكرانيا، أو على الأقل يشعرون بالتفاؤل. وفي أول هذه المؤشرات، ارتفع سعر صرف اليورو قرب أعلى مستوى له في أسبوع أمام الدولار، أمس الخميس، على الرغم من ارتفاع سعر الفائدة الأميركية. ووسط توقعات السوق لرفع الفائدة على الورقة الخضراء، هيمنت عمليات جني الأرباح على الصفقات التي نفذت على الدولار.

ويتوقع محللون تراجع صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية، بعد الارتفاع المتواصل الذي شهده خلال التسعة شهور الماضية. ويرون أن دورة ارتفاع الدولار قد تكون بلغت الذروة، وأن العملة الأميركية تتجه نحو التراجع.

في هذا الشأن، قال محلل العملات بمصرف “كومونويلث بانك أوف أستراليا”، جوزيف كابورسو، في تعليقات نقلتها وكالة بلومبيرغ، “التاريخ أظهر لنا أن الدولار في العادة يتراجع بدلاً من الارتفاع، حينما يشدد مصرف الاحتياط الفيدرالي السياسة النقدية، خاصة في بداية دورة رفع الفائدة”.

من جانبه، قال محلل أسواق الصرف رودريغو كاترال، لوكالة “بلومبيرغ”، “منظور الدولار ليس إيجابياً في السوق في الوقت الراهن.

يذكر أن مؤشر الدولار ارتفع بنسبة 7% مقابل 16 عملة رئيسية خلال التسعة شهور الماضية. وحدث الارتفاع بسبب تحسّن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والارتفاع السريع في معدلات التضخم. وينظر مستثمرون إلى سياسة رفع الفائدة على الدولار على أنها مؤشر لتحسّن الطلب على السلع، وأنه دليل على أن دورة الاقتصاد العالمي تتجه للنمو بعد دورات الانكماش.

العربي الجديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.