والدة الشهيد الطفل محمد مكي لـ(البرهان): دم ولدي ختيته في رقبتك

سودافاكس / الخرطوم – يقول في حديثه لـ(الجريدة) : دعونا نجد ونبحث عن طرق بديلة نواجه بها السلطة الانقلابية الحاكمة اقل ضرارًا ولا تعرض حياتنا وحياة الآخرين للموت أو الاصابات الخطيرة ، أن نتجه لتتريس الشوارع وتفعيل الندوات الثورية وحث المواطنين على المُشاركة في الحِراك الثوري الذي نعيشه الآن . بدلاً من تقديم ارواحنا قرابين لأُناس اعتادوا راحة الدماء وسفكها ويتابع : هذه الثورة منتصرة لأنها مُهرت بأثمان باهظة يعلم الله وحده إنها لاتُقدر بثمن .

…. وتُطالب السيدة عائشة (الجريدة) بنقل رسالتها كما هي دون حذف أو اضافة للفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان،القائد العام للقوات المسلحة وتقول : ” دم ابني ، وكافة الشهداء الذين قُتلوا ختيته في رقبتك “.

الطفل محمد مكي …قصة شهيد حلم باِمتِهانًّ العسكرية

  • شقيقه : تربطنا علاقة أخوة وصداقة متينة لفارق السن الضئيل بيننا *

والده : لمن يصف الثُوار بـ(الصعاليق) كل إناءً بمافيه ينضح عقب عودته من مدرسته أسرع محمد لارتداء ثياب يُخصصها للمُشاركة في المظاهرات المناهضة للانقلاب منذ شرارته الاولى في الـ25 من اكتوبر ثم خرج متخفيًا تفاديًا لرفض ذويه نظرًا لصغر سنه والقمع المتزايد الذي تواجه به السلطات الأمنية المتظاهرين .سقط جسده الغض عقب اصابته برصاصة في الصدر في شارع الشهيد عبدالعظيم ـ شارع الأربعين سابقًاـ ليتم اسعافه على الفور إلى مستشفى (الأربعين) إلاّ أنه لم يحتمل فإرتقت روحه قبيل دقائق معدودة من وصول أسرته .

ولغرابة الغدر فإن الطفل الذي قضى طفولته راغبًا في امتهان العسكرية لحمِاية بلده كما يقول قُتل برصاصة اخترقت صدره بيد من توجب عليهم حمايته واحبهم.

*اغتيال حُلم!
وجدتها صابرة رغم فداحة المُصاب،تُعرِف السيدة عائشة حسن حمدان،والدة الطفل محمد مجدي مكي نفسها بأنّها ربة منزل نذرت حياتها لتربية ابنائها وتعليمهم رغم الظروف القاسية التي تمر بها الأسرة.ثم تدلف للتحدث عنه،طفلها الذي جاء من مدرسته ثم هرول مسرعًا للحاق برفاقه الذين سبقوه إلى الموكب بشارع الشهيد عبدالعظيم.

تقول لـ(الجريدة) : إنها تُؤمن أن ماحدث لطفلها قضاءً وقدر ولكن القدر عندما تتسبب بِه وتلوثه الخيانة يُصبح أمر موجع وفظيع وعندما تُقتل بيد من يتوجب عليه حمايتك وتشعر بعدم الأمان على نفسك واطفالك والبيت الذي تسكنه فـ(على الدنيا السلام).

وتتابع السيدة عائشة حابسة دموع غزيرة في عينيها لايُوجد ماهو أبشع من أن تعيش غير آمن في وطنك ،نحن أُسرة بسيطة للغاية “على قدر حَالنا”،كرستُ حياتي لتربية وتنشئة اطفالي حتى يصبحوا رجال ينفعوا أنفسهم والمجتمع ولكنهم قطفوا حُلمي سريعًا قبل أن يكتمل نموه ويصير واقعًا.

وتردد باستنكار : لا استطيع تصديق أن كُل هذه الفظائع والانتهاكات تحدث في السُّودان البلد الذي يُشيد العالم أجمع على ما ينعم بِه من سلام وتسامح تحول إلى أن يُقتل صغاره رميًا بالرصاص في الشوارع وفي وضح النهار ثم يلوذ القاتل بالفرار وكأنه اطلق رصاصه ذاك على “كلب” ومضى.تتسائل السيدة عائشة وهذه المرة غلبتها دموعها فإنهمرت هل كل مايحدث لنا ولأبنائنا لايعلمه (البرهان)؟!.

*إنتو الرباكم منو؟ تسأل السيدة عائشة والغضب يتسيد حديثها الموجه لقادة السُلطة الحاكم في السودان اليوم، تقول بذلت عمري لتربية محمد واشقائه واحسنت تربيته وفخورة بذلك ولكنكم ايها المسوؤلين (الرباكم منو)؟!، لتنشؤوا على عدم التفريق بين الحق والباطل، الصاح والغلط، ويختلط الدم بالماء ويُصبح كلهما سيان لديكم. هل تعلمون بأن هُناك طفل لم يُكمل الـ(15) بعد قُتل في شوارعكم فقط لأنه خرج يُردد هتافات مناوئة لكم ؟!. إلاّ يُوجد بينكم رجل واحد رشيد يحفظ دماء اطفالنا ويمنع سلسلة القتل وآلته التي تعمل ليل نهار وتُطالب السيدة عائشة (الجريدة) بنقل رسالتها كما هي دون حذف أو اضافة للفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان،القائد العام للقوات المسلحة وتقول : ” دم ابني ، وكافة الشهداء الذين قُتلوا ختيته في رقبتك ”.

*القصاص فقط
قُتل الطفل محمد مجدي ـ تقول أُسرته انه لم يُكمل الـ15 عامًا بعد،ويدرس في الصف الأول متوسط بمدرسة أم درمان الحارة 11 بنين،برصاصة اخترقت صدره خلال مشاركته في مواكب الـ 10 من مارس الماضي على مقربة من شارع الشهيد عبدالعظيم ـ الأربعين سابقًا ـ. وقابلت السلطات الأمنية الجموع الرافضة للانقلاب العسكري بقمع مفرط خلف شهيدين والمئات من الجرحى .

تُؤكد والدته في تكملة حديثها لـ(الجريدة) إن اصرار الأُسرة برمتها على مقاضاة قتلة ابنها نابع من ايمانهم بضرورة احقاق الحق وإن طال الزمن وللجُرح الكبير الذي تسببوا بِه لهم فالشهيد محمد لم يكن يُشبه غيره ، تميز بالإختلاف،وحُبه للتطور والتقدم وطموحه الذي لايحده حدود.

تقول وابتسامة غشت وجهها وهي تجتر ذكراه المحببة إليها في ايامه الآخيرة كان يُطالب كثيرًا بتجاوز الصف الثاني وامتحان الشهادة السودانية مباشرةً ومنها إلى الجامعة ومن ثمة لسوق العمل، كنتُ أشعر وأنا انظر إليه إنه لو امكنه طي الأيام لتحقيق أحلامه لفعل،لم يكن يعلم أنّ ساعات قليلة هي المتبقية من عمره الصغير.

*صداقة متينة
تربط الشهيد محمد وشقيقه الأكبر مكي علاقة وطيدة ساهم في ذلك فارق السن الضئيل بينهما فهما وفقما يقول الشاب مكي مجدي مكي في حديثه لـ(الجريدة) عامين فقط هذا اضافة إلى انهما شابين وسط فتاتين. فتشكلت بينهما صداقة متينة تخللتها العديد من القصص التي تختزن به ذاكرته.

ويضيف : أحب محمد “العسكرية” احتفظ له في هاتفي بصور عديدة وهو يحاول تقليد كيف يسير طُلاب الكليات العسكرية في الشارع وكيف يحملون الأسلحة وحقائب اليد، وقد محور في فترة من الفترات جُل وقته في هذا الحُلم حتى بات معلومًا للجميع.

يمتاز شقيقي محمد يقول مكي بالذكاء وطيبة القلب والكاريزما وهو رغم صغر سنه تمكن من تكوين عدد كبير من الاصدقاء والمعارف وانخرط في العمل مع لجنة المقاومة بالحي وقد كان شغوفًا بالثورة وأكثر حماسًا مني نظرًا لإنشغالي بالدراسة وقد خضنا سجالات تتطور في بعض الأحيان لشجار يرغم والدي على التدخل فيما يتعلق بضرورة اهتمامه اكثر بدراسته ومستقبله سيما عقب انقلاب الـ25 من اكتوبر حيث اشتد نشاطه واهتمامه بالثُورة.

*طعم الموت
يُطالب “مكي” رِفاق شقيقه في خط الدفاع الأول الذين يتقدمون الصفوف الأولى للمواكب بضرورة الحفاظ على حياتهم وعدم تعريضها للخطر فللموت طعم لن يعي حجم مرارته إلا من تذوقه وفقد عزيز لديه.يقول في حديثه لـ(الجريدة) : دعونا نجد ونبحث عن طرق بديلة نواجه بها السلطة الانقلابية الحاكمة اقل ضرارًا ولا تعرض حياتنا وحياة الآخرين للموت أو الاصابات الخطيرة ، أن نتجه لتتريس الشوارع وتفعيل الندوات الثورية وحث المواطنين على المُشاركة في الحِراك الثوري الذي نعيشه الآن . بدلاً من تقديم ارواحنا قرابين لأُناس اعتادوا راحة الدماء وسفكها ويتابع : هذه الثورة منتصرة لأنها مُهرت بأثمان باهظة يعلم الله وحده إنها لاتُقدر بثمن .

ويُشدد المخرج بتلفزيون السودان، مجدي مكي،في خاتمة حديث مطول أجرته معه (الجريدة) في منزله بمدينة أم درمان الحارة (11) إن كُل من يتهم الجيل الذي يقود الثورة السودانية بـالجهل أو تعاطي المخدارت وقِلة التربية وغيرها من الالفاظ التي ينعتوهم بها لتسبيط عزيمتهم هذه التُهم ترتد إليهم فكل إناءِ بما فيه ينضح.

ويضيف هؤلاء الشباب الذين نُشاهدهم في الشوارع اليوم أصحاب قضية يؤمنون بها ولن يتراجعوا حتى تحقيق مطالبهم .يقول “مكي” إن هذا الجيل يُربي روح الوطنية الخالصة بما يقدمونه من تضحيات جسام في الشوارع الآن وعلى جميع الطامعين في خيارات السودان الحذر من جيل آخر قادم يفوق الجيل الراكب رأس جسارة.

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.