سودافاكس ـ أتوقف لليوم الثالث على التوالي عند محطة الامتحانات المدرسية، وقلت بالأمس إنه لا توجد وصفة متفق عليها ومضمونة تحدد طرق استذكار الدروس، وأتمنى لو أنني أستطيع أن أقدم للطلاب معادلة مضمونة النتائج للنجاح في الامتحانات، فرغم خبرتي الطويلة كطالب ثم مدرس ثم أب، لا أعرف طريقة مثلى للمذاكرة والنجاح الأكاديمي. رغم أنني أزعم انني كنت اتبع طريقة ثبتت نجاعتها للاستعداد للامتحانات المدرسية تتمثل في بدء المذاكرة قبل شهرين على الأقل من موعد بدء الامتحانات، وضمان المرور على كل مادة مرتين على الأقل خلال تلك المدة.
وقرأت على مدى سنين عديدة كتبا أو ملخصات لأكثر من كتاب عن التعليم والتعلم، وجدت فيها نصائح أعتقد أنها أكثر جدوى وفائدة من منظومة التوجيهات التقليدية المكررة والممجوجة التي تطالعنا بها وسائل الإعلام في مثل هذه الأيام من كل سنة، عندما تكون امتحانات نهاية العام والشهادة الثانوية على الأبواب. هيا إلى النصائح: اهرب من الطاولة التي تذاكر عليها دروسك (حلوة دي؟ تهرب وتحمل المسؤولية لأبي الجعافر).. لا بأس.. بل أهرب من تلك الطاولة ركضا وابتعد عنها حتى يتصبب منك العرق.. والهرب المقصود هو الجري أو ممارسة أي رياضة تجعل الأوكسجين يتدفق إلى المادة الرمادية التي في تجويف رأسك (المخ).. فالمخ يعمل بالكفاءة القصوى عندما يتلقى الأوكسجين بكميات تجارية، كما أن الرياضة تعزز خلايا الهيبوكامبوس وهو ذلك الجزء من الدماغ المسؤول عن التعلم والذاكرة.. وكي لا تحسبني عالما ضليعا و«بتاع كله»، فإنني أسارع وأقول إن تلك المعلومات منقولة من كتاب لسارة جين بليكمور وأوتا فريث واسمه The Learning Brain /«دماغ التعلُّم» (الناشر بلاكويل).. وينصح المؤلفان الطلاب بالإكثار من تناول الأكلات البحرية الغنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية (وإذا كنت تعيش بعيدا عن البحر ففي السردين والتونا المعلبة تجد كفايتك). وهناك أقراص توفر تلك الأحماض في حال تعذر تناول الأكلات.. وتشير نتائج دراسة أجراها مستشفى سنت جورج في جنوب لندن في مارس من العام الماضي وشملت آلاف التلاميذ الصغار إلى أن تناولهم أطعمة غنية بأحماض أوميغا 3 جعلهم أفضل إدراكا واستيعابا للدروس.
ومن جهة أخرى، فإن دارسة أجرتها جامعة واريك البريطانية أكدت صحة ما ورد في مجلة الوعي والإدراك Consciousness and Cognition بأن الاستماع إلى الموسيقى الجميلة/ المفضلة يحفز الدماغ وينشطه.. اسمعني زين: الموسيقى الجميلة.. وليس الأغاني السخيفة التي تصاحبها ورشة من الشواكيش/ المطارق وأعمال السمكرة بحجة التطريب والترقيص.. يعني لو استمعت إلى روبي وشيرين والعجرميات وثامر حسني وكفوري أثناء الامتحانات، فإن دماغك سـ«يتربس» أي يصبح مغلقا بترباس فلا يستقبل أي معلومة.. أما إذا استمعت الى شعبان عبدالرحيم وأنت في الصف الثالث في المرحلة الثانوية، فإنك سـ«تعيد» السنة في سادس ابتدائي!! وقد سبق لي الكتابة عن خلاصة دراسة تفيد بأن الاستماع الى موسيقى النمسوي موزار يزيد معدل الذكاء (واستمعت إلى معظم مقطوعاته عديد المرات ولم يحدث أن نجحت في امتحان رياضيات). وكلنا نعرف أن العطور منعشة ولهذا نضعها على أنف من يصاب بغيبوبة عارضة، ولكن ليس معنى هذا أن تستنشق عطورا باريسية أثناء المذاكرة. فمن بين الكثير من أنواع الروائح والعطور اكتشف باحثون في جامعة ياماناشي اليابانية أن استنشاق عبير الخزامي أثناء «الاستراحة» من العمل أو الدراسة يزيد القدرة على التركيز، لأن في الخزامي مادة مهدئة لطيفة تساعد على الاسترخاء، والاسترخاء ضروري لمن يدرس أو يعمل ساعات طويلة.. بل توصل علماء في جامعة كادريف في ويلز بأنه ليس من المستحب المذاكرة لأكثر من 40 دقيقة متصلة.. يعني عليك بوضع الكتاب جانبا كل 40 دقيقة بضع دقائق تسترخي خلالها لتستأنف الضخ من جديد (والاسترخاء يعني أيضا الابتعاد عن واتساب ووسائل التواصل الالكترونية لأنها تسبب التشويش الدماغي)، وقبل الامتحان بدقائق تناول إصبع شوكولاتة سوداء، فبما فيها من مواد منبهة ومنشطة تجعلك في حالة يقظة ذهنية، وبالمناسبة ففي الشوكولاتة السوداء وقاية من تجلط الشريان العميق أو ما يسمى deep vein thrombosis DVT خلال الرحلات الجوية الطويلة، لأن الشوكولاتة تساعد على سيولة الدم، مثل الأسبرين، وطبعا النفس السوية تفضل الشوكولاتة على الأسبرين.