بعد سلسلة من المفاوضات الثلاثية (مصر، والسودان، وإثيوبيا) الفاشلة، يبدو أنّ ملف أزمة سد النهضة انتقل إلى القيادات العليا، إذ تكشف مصادر سياسية مصرية أن جهاز المخابرات المصري دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي لعقد اجتماع عاجل، هذا الأسبوع، لبحث آخر التطورات في ملف سد النهضة الإثيوبي بعد الموقف الحرج للقاهرة في المفاوضات.
وتقول المصادر السياسية لـ”العربي الجديد” إن الجانب الإثيوبي رفض كافة المطالب التي قدمتها القاهرة سواء بإيقاف الإنشاءات المتعلقة بالمراحل النهائية للسد إلى حين الانتهاء من دراسات المكاتب الفنية الخاصة بعوامل أمان السد، أو تبطيء الإنشاءات في هذه المراحل.
وتوضح المصادر أنّ أديس أبابا انتهت خلال الفترة الماضية من تركيب 6 توربينات خاصة بتوليد الكهرباء من السد، بعدما كان الاتفاق تركيب اثنين فقط بشكل مبدئي في هذه المرحلة.
كما تكشف المصادر ذاتها عن أنّ القاهرة لجأت، أخيراً، للمملكة العربية السعودية لتطلب وساطتها لدى السودان، لتخفيف الضغط السياسي على النظام المصري في الوقت الراهن، وخصوصاً بعد مطلب الخرطوم للقاهرة بضرورة فتح مفاوضات مباشرة بشأن مثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليه بين الجانبين، في ضوء الاتفاق الأخير بين مصر والسعودية في ضم جزيرتَي تيران وصنافير للمملكة.
وتشير المصادر إلى أن القاهرة طالبت الرياض بما تملكه من مركز ثقل لدى النظام السوداني، بضرورة ممارسة دور في توحيد الموقف السوداني مع الرؤية المصرية في معركة سد النهضة في ظل انحياز واضح من جانب الخرطوم لأديس أبابا.
وتلفت هذه المصادر إلى أن القاهرة أكدت للرياض في ضوء التقارب الملحوظ في العلاقة بين البلدين، أخيراً، أنّه “لن يكون بمقدورها القيام بأي دور سياسي في المنطقة العربية، قبل أن تحسم ملف سد النهضة الذي يعدّ قضية رأي عام في مصر”.
من جهته، قال الرئيس السوداني عمر البشير، في حوار تلفزيوني، أمس الأول السبت، إن “موضوع سد النهضة حظي بتشاور موسّع بين الطرفين السوداني والإثيوبي، منذ أن كان فكرة، وقبل بدء العمل عليه”، مشيراً إلى أن الحكومة السودانية “درست الأمر بشكل مستفيض، ورأت أن السد سيحقق العديد من الفوائد”. وفي الوقت الذي لم ينف فيه البشير وجود “بعض السلبيات في قيام السد”، أكد أن إيجابياته “تفوق سلبياته، لذلك كانت لدينا قناعة بأن السد سيفيد السودان وإثيوبيا”.
وفي ما يخص تحفّظ مصر على المشروع، قال البشير إنه “تم إجراء الكثير من اللقاءات مع الحكومة المصرية، وهناك تفاهمات بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، بحيث يكون الكل رابحاً، ونؤسس لشراكة حقيقية بيننا”. وأضاف أنّ “العلاقات الإثيوبية السودانية شهدت نقلة كبيرة من التعاون إلى التكامل”، مشيراً إلى أن البلدين اتفقا على جعل الحدود بينهما جسراً لتبادل المصالح. وهذا النموذج أو هذه القناعة انتقلت إلى معظم دول الإقليم، وهناك تفاهم كبير جداً، خصوصاً في دول القرن الإفريقي؛ السودان، والصومال، وجيبوتي، وإثيوبيا”.
المصدر: العربي