سودافاكس/ وكالات – تواصل منصة “تيك توك” رحلة صعودها متجاوزة عمالقة التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك”، ويتوقع أن يتفوق نمو إيرادات الإعلانات فيها على منافسيها هذا العام. لا تكشف المنصة المملوكة لشركة بايتدانس الصينية عن إيراداتها أو أعداد مستخدميها خلال كل ربع من العام. لكن التقديرات الخارجية التي تعتمد على تنزيلات التطبيقات وبيانات المعلنين تظهر أن “تيك توك” تنمو أسرع من أي شبكة اجتماعية أميركية وتستأثر بالمستخدمين الأصغر سناً.
مستخدمو “تيك توك” وعائداتها
وفقاً لشركة تحليل التطبيقات data.ai، بلغ عدد مستخدمي النشطين شهرياً 1.6 مليار حول العالم في الربع الأول من العام الحالي، بزيادة نسبتها 45 في المائة عن العام الماضي. صحيح أن قاعدة مستخدمي “فيسبوك” النشطين شهرياً أكبر، إذ يصل عددهم إلى 3.59 مليارات عبر تطبيقاتها المتنوعة، إلا أنها تعاني ركوداً في النمو.
وتوقعت شركة إنسَيدر إنتلجنس أن تبلغ عائدات “تيك توك” من الإعلانات 11.6 مليار دولار أميركي هذا العام، بزيادة 3 أضعاف عن عائداتها التي بلغت 3.9 مليارات دولار أميركي العام الماضي.
وستتجاوز وتيرة النمو هذه الشركة الأم لـ”فيسبوك” و”إنستغرام” و”واتساب”، “ميتا”، حيث يتوقع تحقيق نمو فيها بنسبة 12 في المائة هذا العام. في عالم الإعلان الرقمي، تظل حصة “تيك توك” صغيرة. قيمة إيراداتها عام 2021 لم تشكل سوى 3 في المائة مما حققته “ميتا”. لكن هذه السوق في حالة تغير مستمرة، ما يمنح المنصة الصينية فرصة.
حرب “فيسبوك” على “تيك توك”
على الرغم من النفوذ الذي تملكه الشركة الأمّ لـ”فيسبوك”، فإنها لم تتجاهل هذا الصعود المتواصل لمنافستها الأشرس “تيك توك”. وفي هذا السياق، كشفت صحيفة واشنطن بوست، الشهر الماضي، عن أن شركة فيسبوك استعانت بخدمات شركة استشارات لتشويه سمعة “تيك توك”، وتضمنت “الحملة الوطنية المنظمة” نشر تقارير في منصات إعلامية أميركية والترويج لقصص سلبية عن المنصة المنافسة.
وأكدت شركة تارغيتيد فيكتوري الاستشارية أنها عملت لصالح “فيسبوك”، ولم تنكر تقديم معلومات سلبية عن “تيك توك”. كما أكدت “فيسبوك” استعانتها بالشركة المذكورة، وقال المتحدث باسمها أندي ستون، في بيان، إن “المنصات كلها، بما فيها تيك توك، يجب أن تواجه مستوى من التدقيق يتوافق مع نجاحها المتزايد”.
وفقاً لـ”واشنطن بوست”، تعاقدت “تارغيتيد فيكتوري” مع عشرات شركات العلاقات العامة في أنحاء الولايات المتحدة كافة، لمساعدتها في “قلب الرأي العام ضد تيك توك”، عبر نشر قصص إخبارية محلية والمساعدة في نشر مقالات افتتاحية تستهدف المنصة. وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن الشركة كانت أيضاً تعمل للحصول على “تغطيات استباقية” حول “فيسبوك” في وسائل الإعلام المحلية، بما في ذلك “إرسال رسائل ومقالات رأي تلمع جهود فيسبوك، مثل دعمها الشركات المملوكة للسود”.
وفي بيان لوكالة “أسوشييتد برس” حينها، عبرت “تيك توك” عن قلقها البالغ من أن “تأجيج وسائل الإعلام المحلية حول مزاعم لا دليل لها، يمكن أن يسبب ضرراً حقيقياً على أرض الواقع”.
يذكر أن “فيسبوك” وظفت، قبل 11 عاماً، شركة علاقات عامة بارزة لنشر قصص تنتقد بشدة ممارسات الخصوصية التي تعتمدها شركة غوغل. وعام 2018، وظفت شركة ديفاينرز Definers للعلاقات العامة لإجراء أبحاث حول منتقديها، وبينهم الملياردير جورج سوروس.
معركة من أجل المستخدمين الأصغر سناً
“فيسبوك” التي فقدت مئات المليارات من قيمتها في وقت سابق من هذا العام، بسبب شكوك حول مستقبلها، تخوض معركة ضارية ضد منصة مشاركة الفيديو التي تحظى بشعبية واسعة، وتحديداً بين المستخدمين الأصغر سناً الذين باتوا يفضلون “تيك توك” رغم شعبية تطبيقها الآخر “إنستغرام”.
وفقاً لاستطلاع رأي نصف سنوي أجرته مؤسسة “بايبر ساندلر”، فإن “تيك توك” و”سناب شات” هما الأكثر شعبية بين المراهقين اليوم، بينما جاءت “إنستغرام” في المرتبة الثالثة.
وأكثر ما يثير قلق شركة “ميتا” هو حقيقة أن مكانة “تيك توك” بالنسبة للمراهقين قد تحسنت بمرور الوقت، في حين انخفضت جاذبية “إنستغرام”. وفقاً لمسح شمل 7100 مراهق أميركي في 44 ولاية، من 16 فبراير/شباط إلى 22 مارس/آذار، فإن 33 في المائة يفضلون “تيك توك”، في ارتفاع من 29 في المائة في خريف عام 2020.
صعود “تيك توك” وركود “فيسبوك”
خسرت “فيسبوك” ــ للمرة الأولى ــ نحو مليون مستخدم يومي نشط في الربع الأخير من 2021 مع بلوغ عدد مشتركيها 1.929 ملياراً في نهاية العام الماضي. وجاء في تقرير لوكالة “وي آر سوشال” أن عدد مستخدمي “تيك توك” زاد 650 ألفاً في اليوم خلال الربع الأخير من 2021، أي ثمانية مستخدمين في الثانية، فيما عدد المستخدمين النشطين زاد بنسبة 45 في المائة.
وزادت إيرادات شركة “تيك توك” الأم “بايتدانس” بنسبة 70 في المائة في سنة، لتصل إلى 58 مليار دولار أميركي.
وحتى لا تتراجع كثيراً، تعوّل الشركة الأم لـ”فيسبوك” على تطبيق “إنستغرام” الذي يلقى رواجاً كبيراً مع إنه لا يتمتع بالدينامية الابتكارية للتطبيق الصيني. ويسمح أداء هذا الفرع من “ميتا”، الذي استقطب 250 مليون مستخدم نشط عام 2021 ليصل عددهم الإجمالي إلى 1.4 ملياراً، بالتخفيف من أداء المجموعة السيئ، مع أنّ عمر المستخدمين متنوع أكثر، تماماً مثل “واتساب”.
وأثارت إضافة وظيفة “ريلز” لإعداد أشرطة فيديو قصيرة مستوحاة من “تيك توك” استحسان المستخدمين. و”ريلز” ليست الميزة الوحيدة التي استنسختها “فيسبوك” من المنصة الصينية، إذ تدرس “ميتا” إطلاق عملات افتراضية، يطلق عليها الموظفون اسم Zuck bucks، لمستخدمي “فيسبوك” و”إنستغرام”، للشراء والاستخدام، في استراتيجية مشابهة جداً لتلك التي وظفت بنجاح كبير سابقاً في “تيك توك”.
والأسبوع الماضي، أظهرت الأرقام أن “تيك توك” هو الآن التطبيق الأكثر ربحاً في العالم من عمليات الشراء داخل التطبيق نفسه. أنفق مستخدمو “تيك توك” 840 مليون دولار أميركي على عملتها الافتراضية التي يمكن استخدامها كـ”إكرامية” لمنشئي المحتوى والترويج لمقاطع الفيديو، وذلك خلال الربع الأول من العام الحالي، بزيادة نسبتها 40 في المائة على أساس سنوي.
اتهامات وتحقيقات
لكن رحلة “تيك توك” ليست وردية بالكامل. إذ واجهت المنصة فترة عصيبة في أواخر العام 2019، عندما حاول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حظرها في الولايات المتحدة، بحجّة أنها أداة تُستخدم للتجسّس على الأميركيين لصالح الصين. وحاولت “فيسبوك” استغلال هذه المزاعم في تشويه سمعة منافستها. لكن ذلكّ لم يؤثّر على رواجها، إذ ازدادت انتشاراً في ظلّ القيود الصحية وتدابير العزل التي فرضت جراء جائحة “كوفيد-19”.
وفي يونيو/حزيران الماضي، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن إلغاء المراسيم الصادرة عن سلفه، وطلب من إدارته التحقيق في المخاطر الفعلية لتطبيقات الإنترنت المملوكة لبعض القوى الأجنبية.
وفي مارس/آذار الماضي، أطلقت 8 ولايات أميركية تحقيقاً حول “تيك توك” التي اتهمتها بتشجيع الأطفال على تمضية مزيد من الوقت في استخدام التطبيق، ما ينعكس سلباً على صحتهم العقلية وسلامتهم.
وردّت “تيك توك” على إطلاق التحقيق، ووعدت على لسان ناطق باسمها بـ”تقديم معلومات حول الآليات الكثيرة الموجودة لدينا من أجل ضمان السلامة وحماية خصوصية المراهقين”. وأضافت “نحن حريصون بشدة على بناء تجربة تدعم سلامة مجتمعنا، ونقدّر تركيز المدعين العامين على سلامة المستخدمين الصغار”. وجاء هذا التحقيق في أعقاب آخر أطلقه عدد كبير من المدعين العّامين في الولايات المتحدة حول “ميتا”.