صدرت عن عبد الفتاح البرهان مساء الجمعة الماضية تصريحات على درجة عالية من الأهمية والإيجابية، اعترف فيها بالفشل في جميع المجالات وبتأزم الأمور على نحو ينذر بالخطر، ودعا القوى السياسية والمدنية ولجان المقاومة الى حوار يؤدي الى حلحلة الأوضاع، وأعلن انه يدرس إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وفي تلميح أقرب الى التصريح قال ما معناه ان العسكريين على استعداد للتنحي من مشهد الحكم اذا قاد الحوار الى ذلك.
ولكن ما يجرد هذا الكلام من أي قيمة هو أنه كان “كلام ونسة”، أدلى به خلال إفطار رمضاني في بيت شريكه في جريمة الانقلاب ياسر العطا، وشخص يشغل أعلى منصب دستوري في البلاد يدلي بمثل هذه التصريحات على مائدة طعام ويطلب من أحد صغار معاونيه ان يتولى تسجيلها وبثها بالهاتف، لا شك يستخف بتلك الأمور وبمقتضيات تصريف المهام التي تصدى لها بحكم منصبه، والأمر الثاني هو أن البرهان يكذب دون ان يرمش له جفن ومنذ دخوله القصر على بالبوت والدبابة وكلام الليل منه يمحوه النهار، ولو كان يعني ما قاله في بيت العطا لأدلى به ببيان مكتوب عبر وسائل الاعلام العامة.
ولكن العنصر الإيجابي في تلك التصريحات وي أنها مؤشر الى انه بات يدرك أن موقفه ضعيف، وأنه عجز طوال أكثر من خمسة أشهر عن تحقيق 1% من الأمور التي تعهد بها في بيان الانقلاب في 25 أكتوبر 2021، والكرة الآن في ملعب قوى الثورة الحية التي ما هادنت وما ساومت وما استكانت وما خارت رغم كل البطش الدموي الذي تعرضت له، والمطلوب وعلى وجه السرعة الآن، وقد اكتمل الجانب النظري من رؤى لجان المقاومة.
وتم التراضي على ميثاق سلطة الشعب، هو أن يتم الإعلان عن قيادة جديدة للمرحلة المقبلة تتألف من عناصر صلبة غير ملوثة مرجعيتها الوطن والمواطن، تتولى إدارة الحوار الخاص بتسليم السلطة كاملة للمدنيين، دون ان يعني الحوار الاعتراف بحق البرهان ورهطه في أن يكونوا أطرافا في الحكم، ولكن طالما انهم الخصم فلابد من صيغة للحوار معهم – عن طريق طرف ثالث مثلا- حول خروجهم من القصر ودهاليز الحكم كافة، وأن يكون.
وبموازاة كل ذلك أمر تشكيل المجلس التشريعي ومن ثم الحكومة التنفيذية محسوما لا يخضع للمساومات وتوزيع كراسي السلطة كغنائم، كما حصل مع الحكومات التي تشكلت تحت رئاسة د. عبد الله حمدوك.