قد تسبب العقم.. بروتينات فائقة تُكدِّس الحمض النووي داخل الحيوانات المنوية

ترث الكائنات الحية مادتها الوراثية مناصفة من الأب والأم بعد أن يخصب الحيوان المنوي البويضة. ويُحزَم الحمض النووي داخل أنوية الخلايا بإحكام شديد على هيئة كروموسومات تتكون من أجزاء طويلة جدا من الـ”دي إن إيه” (DNA) الملفوف حول بروتينات تسمى “الهيستونات” (Histones).

وبهذا الشكل، يُطوى الحمض النووي الطويل في مساحة صغيرة جدا.

غير أن الحيوانات المنوية تُطوّع مهارات خاصة بها حتى تطوي الحمض النووي داخلها. ولأن الحمض النووي يشغل في الظروف العادية مساحة تعادل حجم بطيخة؛ تستخدم خلايا الحيوانات المنوية بروتينات خاصة تطوي بها ذلك الحمض النووي في مساحة تعادل حجم كرة تنس.

تكدس فائق

وحديثا، كشفت دراسة بحثية نشرت في دورية “بلوس جينيتكس” (Plos Genetics) في 28 يونيو/حزيران الماضي عن الآلية التي تساعد الحيوانات المنوية على طيّ الحمض النووي بهذا الشكل الفائق.

ووفقا للتقرير الذي نشره موقع “ساينس ألرت” (Science Alert) عن الدراسة، فإن هناك نوعين من البروتينات -الموجودة في البشر والفئران- التي تحل محل الهيستونات لتقوم بحزم وتكديس الحمض النووي بشكل أكثر كثافة -في عملية تعرف بـ”التكدّس الفائق” (Hypercondensation)- حتى تستفيد من أي حيز متاح من الفراغ. وتعرف هذه البروتينات باسم “البروتامينات” (Protamines)، والنوعان موجودان في غالبية الثدييات، ويعرف الأول باسم “بي آر إم1” (PRM1) والثاني “بي آر إم2” (PRM2).

غير أن ما يحدث في عملية التكدس الفائق كان محيرا للعلماء. ولذا، حاول العلماء في الدراسة الحديثة فهم هذه العملية عن طريق التلاعب بأحد هذه “البروتامينات”، وهو بروتين “بي آر إم2”. ولكل من هذه البروتينات طرفان؛ طرف أمينيّ، وطرف كربوكسيلي (النهاية الكربوكسيلية).

دور في العقم

ففي أثناء عملية تخليق الحيوانات المنوية، تُشطَر النهاية الطرفية الأمينية لبروتين “بي آر إم2”. وقد كشفت الدراسة أن عملية الشطر تلك تعد مهمة جدا لتخليق الحيوانات المنوية.

وأشار الباحثون في دراستهم إلى أن “الانشطار الصحيح للنهاية الأمينية لبروتين “بي آر إم2″ يعد أمرا بالغ الأهمية للتكاثر الناجح”. وعلى الرغم من ذلك، فإن وظيفة بروتين “بي آر إم2” المنشطر والكيفية التي يُعمل بها ما زالت غير معروفة.

ولمعرفة الدور الدقيق الذي يضطلع به هذا البروتين المنشطر، أحضر الباحثون فئرانا مهندسة وراثيا ينقصها تلك النهاية الأمينية الطرفية لبروتين “بي آر إم2” والتي يتم شطرها فيما بعد حتى يصبح البروتين ذا فاعلية.

وقد لاحظت لينا أريفالو المسؤولة عن الدراسة في مستشفى “بون” الجامعي أن عملية “تكدس الحمض النووي قد تأثرت بفعل هذا التغير”. وقالت “وجدنا أن عملية التكدس تسري بسرعة أكبر، مما يتسبب في تَقطّع الحمض النووي”.

وعندما يحدث ذلك الخلل في النسختين الجينيتين الخاصتين بـ”بي آر إم2″، فإن ذلك يؤدي إلى إصابة ذكور الفئران بالعقم. بينما ظلت الفئران قادرة على الإنجاب عندما أُخل بنسخة واحدة فقط من جينات بروتين “بي آر إم2”.

وحتى الآن، فإننا لا نعرف شيئا عن تماثل هذه الآلية في البشر من عدمه. إذ إنه من المحتمل أن تكون مشكلات الخصوبة في البشر ناجمة في بعض الأحيان عن مشاكل في انشطار النهاية الأمينية الطرفية لبروتين “بي آر إم2”. وهو الأمر الذي يعكف عليه فريق الباحثين الآن بالدراسة.

الجزيرة

Exit mobile version