اتهام معالج سوداني باغتصاب 150 امرأة بينهن 3 حوامل

ظلت وقائع التحرش والاغتصاب في السودان من القضايا المسكوت عنها من قبل الضحايا، خوفاً من المجتمع الذي لا يقبل الخوض في مثل هذه الأفعال، إذ غالباً ما يكون رد فعله سلبياً تجاه الضحية، لكن مع انتشار الوعي وتزايد أعداد هذه الجرائم، فضلاً عن اتجاه أصوات نسائية شجاعة في الآونة الأخيرة للإفصاح بجرأة تامة عما حدث لها من حالات تحرش واغتصاب، تغير مفهوم المجتمع وتشجعت ضحايا كثيرات لولوج ساحة القضاء من خلال تقديم بلاغات ضد مرتكبي هذه الجرائم.

كشف استشاري الطب النفسي في السودان، علي بلدو، خلال مقابلة مع إحدى وسائل الإعلام المحلية، عن أن معالجاً نفسياً اغتصب 150 امرأة بينهن ثلاث حوامل عن طريق التنويم المغناطيسي، مؤكداً أن إحدى المريضات التي عالجها نتيجة تعرضها لصدمة نفسية شديدة أبلغته بأنها قدمت بلاغاً ضد هذا المعالج، وأن البلاغ قيد التحري الآن بواسطة الجهات المتخصصة.

هشاشة نفسية

يقول بلدو لـ”اندبندنت عربية” تعليقاً على الحادثة “هناك هشاشة نفسية تسود المجتمع السوداني، فضلاً عن قلة الوعي وضعف الثقافة النفسية والعصبية، ما يساعد في خلق مفاهيم مغلوطة عن العاملين في مجال الطب النفسي، إذ يحدث كثير من الخلط ما بين الطبيب، والمعالج النفسي، ومتخصص المخاطبة، ومتخصص اللعب، والمعالج الاجتماعي، وما شابه ذلك، وقد أسهم ذلك في وجود نوع من اللبس حيال تحديد طبيعة العلاج النفسي، واعتبار أن كل ما يقوم بممارسات نفسية هو طبيب، الأمر الذي يجافي الواقع”.

ويضيف بلدو أن “تحرش البعض من الذين لا ينتمون إلى مجال الطب النفسي بالمريضات، سواء أكان لفظياً أو معنوياً أو جسدياً أو حتى عن طريق الابتزاز أو بأشكال غير لائقة تجافي الأفعال الحميدة والسلوك الطبي وتتنافى مع أعراف المجتمع وتقاليده الراسخة، يشكل صدمة كبيرة للمريضات أولاً، ويعمق أيضاً الفجوة بين الطب النفسي والمجتمع، ويجعل كثيراً من الشكوك تحوم حول جميع الأطباء النفسيين باعتبار أن الشر يعم الكل من دون تمييز، ويتم اتهام الجميع بذلك الجرم، ما يسهم في زيادة وتيرة التوجس والخوف والقلق من مواجهة الطبيب أو المعالج النفسي، فضلاً عن تشويه سمعة العاملين في هذا المجال من دون ذنب أو جريرة اقترفوها”.

تكتم وخوف

يتابع استشاري الطب النفسي قائلاً إن “كثيراً من المريضات اللائي تعرضن لهذا النوع من التحرش يتكتمن على مثل هذه الجرائم والأفعال خوفاً من الفضيحة، لكن في هذه الحال من الواضح أن هناك نوعاً من عدم القبول بهذا الفعل الشائن، والتحرك تجاه الإجراءات القانونية بحق من يقوم بمثل هذه الجرائم في المجالس المتخصصة، حفاظاً على كرامة المريضة، والمهنة، والمواطن السوداني”.

ويمضي بالقول “نحن كأطباء عاملين في هذا المجال نشجع هذا التوجه للحفاظ على حقوق المرضى، إلى جانب زيادة التوعية بمثل هذه القضايا وحقوق المريض، فضلاً عن تفعيل القوانين التي توضح من المختص، ومن الاستشاري، ومن المعالج، ومن الطبيب المساعد، وغير ذلك حتى يأخذ كل ذي حق حقه، جنباً إلى جنب مع تقديم المساعدة والمناصرة لضحايا التحرش على أيدي المعالجين أياً كانوا حتى تعود صورة المهنة ناصعة كما كانت، وعدم استغلال هذه الخطوات الفردية والهفوات الشخصية في الإساءة لمهنة الطب النفسي التي يمتهنها كثير جداً من شرفاء المجتمع”.

ويؤكد بلدو أنه لا بد من وقفة تقود إلى تفعيل القوانين القائمة من أجل الحفاظ على كرامة المريض أياً كان حتى يعود الصفاء والود، ويتم نشر ثقافة ورسالة الطب النفسي والعصبي في المجتمع السوداني، كونه أحوج ما يكون إلى ذلك.

تشديد العقوبة

من جانبه يقول المحامي السوداني الصادق علي حسن إن “مثل هذه الجرائم يتم فيها تشديد العقوبة لأنها ترتبط بمخالفة قواعد المهنة والقانون الجنائي، إذ من المفترض أن يحافظ من يعمل في المجال الطبي بكل تسمياته على الأمن وشرف المهنة وقواعدها التي تمنع أية ممارسات مخلة تتنافى مع الأخلاق والسلوكيات العامة”.

ويلفت حسن إلى أن المعالج النفسي مؤتمن على أسرار مرضاه العلاجية والطبية، بالتالي تتسبب مثل هذه الممارسات الخاطئة في إحداث فجوة وعدم ثقة من قبل المجتمع تجاه مجال الطب النفسي الذي يعد من المجالات المطلوبة بكثرة، نظراً إلى ما يواجه كثيرين من أفراد المجتمع من مشكلات نفسية وعصبية.

ويبين المحامي السوداني أن الشخص الذي يدان بمثل هذه التهم إذا ثبت أنه يزاول المهنة بموجب سجل صادر من المجلس الطبي السوداني سيعاقب عقوبة إدارية ومهنية بإزالته من سجل المجلس الطبي لمخالفته أخلاقيات المهنة، فضلاً عن عقوبة الجرم الجنائي المنصوص عليها في القانون.

صعوبة الإثبات

سبق أن قالت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل في السودان، سليمى إسحق شريف، إن “السيدات والرجال في 18 ولاية سودانية يرون أن التحرش والاغتصاب بين أكثر أنواع الجرائم انتشاراً، يليهما العنف المنزلي، لعدم وجود قوانين تمنعهما بصورة واضحة، كما أن إثباتهما صعب، فضلاً عن دخول السيدة أو الفتاة في تعقيدات كبيرة لإثبات الجريمة الواقعة عليها”.

وأشارت شريف إلى أن إثبات الاغتصاب يمكن أن يكون سهلاً، لكن إثبات التحرش في منتهى الصعوبة، مبينة أن المجتمع السوداني يرى أن التحرش شيء طبيعي، إذ يحدث غالباً في محيط العمل والبيئة المغلقة التي يكون فيها الجاني والمجني عليها في مكان واحد، مما يصعب إثباته نظراً إلى عدم وجود شهود، الأمر الذي يجبر المجني عليها على السكوت.

أوضحت إحدى المنظمات النسوية السودانية أن السودان يوفر حصانة غير محدودة من العقاب لمرتكبي الجرائم ضد النساء، مع افتقار النظام العدلي في البلاد إلى آليات المساءلة والمحاسبة مما يحول دون وصول النساء والفتيات إلى العدالة وسبل الإنصاف القانونية.

وطالبت هذه المنظمة وتدعى “شبكة الصيحة النسوية” بإصلاح منظومة القوانين السودانية جذرياً في ما يختص بحقوق النساء والفتيات وإيجاد آليات وسياسات حماية فاعلة للنساء، فضلاً عن إلغاء القوانين التي تمنع الناجيات والناجين من الوصول إلى العدالة، وسن قوانين لحماية النساء والفتيات من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، بخاصة أثناء الاحتجاز والاستجواب والسجن.

إندبندنت

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.