سودافاكس _ بأحد مراكز امتحانات الشهادة السودانية بالخرطوم، وذلك لانتحاله صفة أحد طلابه الممتحنين بالمركز وحل مادة امتحان الجغرافيا له .
وكشفت التحريات للمحكمة برئاسة القاضى محمد سرالختم عثمان، عن توقيف مدير الكنترول والطالب الممتحن كمتهمين على ذمة القضية لاتهامهما بالتزوير وانتحال صفة الغير من القانون الجنائي السوداني لسنة 91م .
وافصحت التحريات بالمحكمة ايضاً عن تدوين المتهمين الأول والثاني اعترافات قضائية باقوالهما امام قاضي الجنايات المختص حول ملابسات الحادثة . وفق الانتباهة
كراستاإجابة للجغرافيا
فى وقت مثل فيه امام المحكمة المتحري مساعد بالشرطة الامنية سليمان موسى، وافاد المحكمة بأنه بتاريخ 14/6/2022م ابلغ الشاكي المفوض من وزارة التربية والتعليم بأنه عثر على كراستي إجابة لـ(ورقة امتحان) مادة الجغرافيا للعام الدراسي الماضي 2022م من مركز امتحانات مدرسة عبدالله بن رباح الثانوية بنين بالخرطوم جنوب مقابر فاروق باسم طالب واحد ورقم جلوسه، وذلك بغرفة الكنترول اثناء فرز أوراق الامتحانات ومراجعتها عقب استلامها بواسطة موظفى الوزارة، ونبه المتحري للمحكمة الى أنه وفور ذلك وبتوجيهات من وكيل النيابة المختص قام بتدوين اجراءات بلاغ تحت طائلة نص المادتين (123) التزوير و(113) انتحال صفة الغير، وذلك من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م، واوضح المتحري للمحكمة أنه فور ذلك كثف تحرياته وشرع في استجواب المبلغ وشهود الاتهام، وعقب تأكيد المعلومات تم القبض على المتهم الأول مدير الكنترول بمركز مدرسة عبدالله بن رباح.
إقرار مدير الكنترول
وفى ذات المنحى تلا المتحري امام محكمة مكافحة الارهاب (2) بمجمع محاكم الخرطوم شمال اقوال المتهم الأول الواردة في يومية التحرى عليه ولم يبد عليها اي اعتراض، وانما اقر بكل ما ورد فيها على لسانه جملةً وتفصيلاً، وافاد خلالها بأنه امتحن مادتي التربية الإسلامية والجغرافيا للمتهم الثاني، وهو طالب جلس بمركزه لامتحانات الشهادة السودانية العام الماضي، وذلك بالتزامن مع جلوس الطالب للامتحان بقاعة الامتحانات، على أن يقوم بسحب ورقة اجابات المتهم عند نهاية كل امتحان، ويقوم بوضع الورقة التي قام بحلها مكانها، موضحاً في اقواله أنه قام بسحب ورقة امتحان التربية الإسلامية الخاصة بالطالب ووضعها بخزانته الخاصة بمكتبه، ووضع الورقة التي قام بحلها بعد تدوين اسم ورقم جلوس المتهم الثاني الطالب عليها، مؤكداً في اقواله أنه عند امتحانه لذات الطالب لمادة الجغرافيا ووضع كراسة الإجابة التي قام بحلها وتدوين اسم ورقم جلوس الطالب المتهم الثاني عليها بظرف الامتحانات لم يقم بسحب ورقة الطالب، وذلك لنسيانه على حد قوله في التحريات، وكشف المتهم في اقواله أنه بعدها وردت اليه مكالمة هاتفية من مركز الامتحانات ابلغوهفيها بوجود كراستين لامتحان الجغرافيا باسم المتهم الثاني، واكد المتهم الأول أنه ظل يعمل معلماً بالمرحلة الثانوية (26) عاماً تدرج خلالها حتى وصل للدرجة الثانية، مشدداً على أنه قام بحل ورقتي الامتحان للطالب لظروف بالغة التعقيد كان يمر بها في ذلك الوقت تتمثل في مرض احد ابنائه، نافياً ارتكابه أي فعل مخالف من قبل باستثناء هذه الحادثة التي يحاكم بموجبها طوال علمه بالتعليم.
حاجة وعملية جراحية
وفي ذات الوقت كشف المتحري للمحكمة أنه عقب ذلك وجه وكيل النيابة المشرف على التحريات بإعادة استجواب المتهم وذلك لمعرفة مزيد من الأسباب لارتكاب الحادثة، منوهاً بأنه قام بإعادة استجواب المتهم بتاريخ 17/6/2022م، وافاد بأنه يعمل معلماً بذات المدرسة التي امتحن منها المتهم الثاني، مبيناً أن المتهم لم يكن مداوماً على الحضور للمدرسة، وقال المتهم الأول في التحريات إن احد زملائه الذين يعملون باحدى المدارس الخاصة احضر له المتهم الثاني الطالب وسجله معه بالمدرسة، منبهاً الى أن زميله وقتها طالبه بضرورة نجاح المتهم الثاني في امتحانات الشهادة السودانية، واوضح المتهم الأول كبير المراقبين أن المعلم زميله ربطه بوالد الطالب المغترب خارج البلاد، وكشف المتهم الأول بالتحريات عن تلقيه مبلغ (150) الف جنيه سوداني قام بتحويله له والد المتهم الثاني من مقر إقامته بالمملكة العربية السعودية،لافتاً الى أنه وقتها كان في حاجة ماسة للمبلغ وذلك لخضوع احد ابنائه لعملية جراحية.
والد الطالب والأموال
فيما تسلسل المتحرى في افاداته للمحكمة وقال انه بتاريخ 17/6/2022م تم القبض على المتهم الثاني الطالب، وتلا المتحري اقوال المتهم عليه واقر بكل ما ورد فيها، وافاد خلالها بأنه يبلغ من العمر عشرين عاماً، وأنه سبق أن جلس لامتحانات الشهادة السودانية في العامين 2020 و2021م، الا أنه لم يتمكن من النجاح فيها، منوهاً بأنه في العام الماضي قرر الجلوس للامتحان مرة اخرى على أن يمتحن هذه المرة من منزله، لافتاً الى أن احد الأساتذة عرفه بالمتهم الأول، منبهاً الى أن المتهم الأول اتفق مع والده على مساعدته بالنجاح في الامتحانات واحراز نسبة تتراوح ما بين (75 ــ 80%)، لافتاً الى أنه التقى بالمتهم الأول الذي اكد له أن والده المقيم بالمملكة العربية السعودية ارسل له مبالغ مالية عبر احد الأشخاص بالسوق العربي، وأنه بصدد استلامها مقابل مساعدته للنجاح في الامتحانات، موضحاً في اقواله في التحريات أنه جلس لامتحانات الشهادة السودانية برقم الجلوس (3578) وامتحن مادتي التربية الإسلامية والجغرافيا، مشيراً الى أن المتهم الأول اتفق مع والده على سحب كراسة امتحان الجغرافيا الخاصة به، الا أنه لم يقم بسحبها، موضحاً أن والده اتفق مع المتهم الأول على تسليمه مبلغاً مالياً آخر عقب نهاية الامتحانات واعلان النتيجة، الا أنه لم يتمكن من اكمال الامتحانات.
تطابق خطوط وأدلة
وفى ذات الاطار وضع المتحري على منضدة المحكمة مستندات اتهام عبارة عن (4) كراسات اي أوراق لامتحان الشهادة السودانية لمادتي التربية الإسلامية والجغرافيا تطابق فيها اسم المتهم الثاني الطالب الممتحن ورقم جلوسه، حيث قبلتها المحكمة واشرت عليها مستندات اتهام عقب عرضها على المتهمين ولم يبديا عليها اي اعتراض.
فيما قدم المتحري ايضاً مستند اتهام ثانٍ للمحكمة عبارة عن افادة من المعامل الجنائية التي قامت بمضاهاة الحلول الموضوعة على ورقة امتحان الجغرافيا مع استمارة الغياب التي يعدها المتهم الأول بصفته مدير الكنترول بمركز الامتحانات، وجاءت الإفادة بتطابق الخطوط التي على الاستمارة مع خط الحل المدون على ورقة الامتحان،وقبلتها المحكمة ايضا كمستند اتهام.
واكد المتحرى للمحكمة أن مستند اتهام (1/ج) استمارة الغياب والحضور لجلسة الامتحان وخاص بالمتهم الأول بصفته مدير الكنترول بمركز الامتحانات ويقوم بتدوين الحضور والغياب عليها بذات نفسه، مؤكداً للمحكمة أن الاستمارة تم ارسالها للأدلة الجنائية بإرفاق امتحان الجغرافيا معها، وجاءت افادة المعامل بأن الإجابات التي على ورقة الامتحان تتطابق مع الخط المدون على استمارة الغياب التى حررها المتهم الأول.
قصة اختيار المعلم
وفى ذات السياق نفى المتحرى في اقواله للمحكمة من خلال التحريات ظهور اي اتفاق مالي بين المتهم الأول والمتهم الثاني ووالده، منبهاً الى أن الاتفاق تم بين المتهم الاول ووالد الطالب المتهم الثاني، بأن يمتحن المتهم الأول باسم الطالب بصفته مدير كنترول مركز الامتحانات ويحقق له نجاحاً تتراوح نسبته ما بين (75 و 80%)، وشدد المتحري للمحكمة على أن المتهم الثاني ووالده قاما باختيار المتهم الأول، وذلك لأنه الوحيد الذي يستطيع أن يسحب ورقة امتحان من اوراق الطلاب الغائبين التي بحوزته ويقوم بوضع الحلول عليها، وتسجيل اسم المتهم الثاني ورقم جلوسه عليها ووضعها في ظرف الامتحانات، وذلك لطبيعة وظيفته مدير الكنترول التي تمكنه من ذلك، وكشف المتحري أن المتهم الثاني الطالب كان يدخل في قاعة الامتحان ويتسلم ورقته ويقوم بتدوين اسمه ورقم جلوسه عليها ويسلمها للمراقبين عقب نهاية زمن الامتحان.
تطبيق بنكك وأموال
وكشف المتحرى عند استجوابه بواسطة المحكمة أنه قام باستجواب شاهد الاتهام وهو الشخص الذي قام بتسليم المتهم الأول مدير الكنترول بمركز الامتحانات مبلغ (1000) ريال سعودي، وافاده بأنه قام بتسليم المبلغ للمتهم عقب تحويله له عبر تطبيق (بنكك) من والد المتهم الثاني المقيم بالخارج، واكد المتحري أن شاهد الاتهام اكد له أن والد المتهم الثاني يتعامل معه باستمرار في تحويل مبالغ مالية ويطلب منه تسليمها لأشخاص آخرين، مشيراً الى أنه لم يخبره بسبب تحويله مبلغ (1000) ريال للمتهم الأول في القضية. فيما حددت المحكمة جلسة اخرى لموالاة السير في اجراءات الدعوى الجنائية.