(الانكماش) الاقتصادي….هل توجد خطة إسعافية للإنقاذ ؟؟؟

عدة مقترحات وبرامج قدمت إبان فترة رئيس مجلس الوزراء السابق عبدالله حمدوك وضعت له العديد من السياسات البديلة، وتوصيات المؤتمر الاقتصادي كل هذه المقترحات تم تجاهلها ، ونجد ان الاحتقان السياسي ألقى بظلال سالبة على الأوضاع الاقتصادية لتجاهل القائمين بأمر الدولة خطورة تأزم الاقتصاد وانشغالهم بالمهاترات السياسية.
ويواجه الاقتصاد السوداني تحديات خطيرة خلال الفترة المقبلة قد تؤدي الى انهيار سياسي اذا لم يتم معالجة الصراع السياسي الذي اصاب الحاضنة للحكومة المدنية واثر ذلك سلبا على كافة مناحي الحياة في الدولة ولوضع خطة اسعافية عاجلة للاقتصاد “الإنتباهة” طرحت هذا السؤال على عدد من ذوي الشأن لتوضيح مآلات الوضع الراهن وخطط المستقبل
إعفاءات مزعومة
واستهجن الخبير الاقتصادي د.وائل فهمي السؤال عن الخطة الاسعافية قائلا ” في رأيي هو مهم جدا ، ولكن الحكومة ملتزمة ببرنامج “بريتون وودز” للوصول الى مرحلة الاعفاءات الكاملة المزعومة للديون الخارجية بمعنى انه ما في حلول يمكن ان تقترح يمكنها ان تحل محل سياسة القائمين على حكم الاقتصاد حاليا ، بيد انه رجع قائلا مع ان الحلول موجودة وان الخطة الاسعافية التي يمكنها انقاذ ما يمكن به انقاذ ما تبقى من الاقتصاد السوداني المستمر في انكماشه منذ العهد البائد وحتى العام الحالي ونطالب ان تدخل حكومي بعد ان اثبت القطاع الخاص ضعفه الشديد في تغيير الاتجاه السالب للنمو.
وصفة منبوذة
وجزم قائلا ” رغم علمنا بالاهداف السياسية المدمرة للاقتصاد واضعافه عن عمد، كما يشير لذلك الاستمرار في ذات السياسة دون تغيير يذكر خلال العهد البائد والفترة “الحمدوكية – البدوية” وخلال الفترة الانقلابية، فان المؤشرات العامة ما زالت تعمل في بيئة معقدة للغاية، على رأسها الولاء المتطرف لوصفات “بريتون وودز” التي شوهت بسياساتها اداء الاقتصاد السوداني في الاتجاه السلبي الذي انعكس في تزايد الفقر وانكماش القاعدة الانتاجية للاقتصاد كما يعكسها هروب رؤوس الاموال والعمالة السودانية بكثافة والعطالة الكبيرة المتوافرة داخليا وتوقف المشاريع الانتاجية القائمة عن العمل وعدم الاستقرار السياسي. وتشير هذه النتائج السالبة الى ذلك الإصرار الغريب في تطبيق تلك الوصفة التي افرزتها سياسات تلك الوصفة (التي تسببت في التشوهات التي ادت للتدهور المتسارع في الاقتصاد ومعاش الناس وعدم الاستقرار السياسي) بشكل جلي.وللعلم، تلك الوصفة المنبوذة عالميا الآن هي وصفة قديمة يرجع اساسها الى ما بعد الحرب العالمية الاولى في القرن الفائت.
وقال بشرط ان يقوم الحاضن لأطراف الحكومة المدنية الديمقراطية التنفيذية القادمة بدور المجلس التشريعي (الذي كان غائبا ابان الفترة الحمدوكية) لاجازة الموازنة العامة وإصدار التشريعات المحققة للاستقرار الاقتصادي وايقاف التدهور الاقتصادي الذي اعترف به دستور ٢٠١٩ .
خطة المحاورفان من أهم المجالات، التي تتسبب في التدهور المستمر للاقتصاد ومعاش الناس، والتي بالتالي يجب تستهدفها مباشرة اي خطة اسعافية مقترحة هي ثلاثة مجالات محورية:
مكافحة تهريب السلع الاستهلاكية والتمويلية والرأسمالية (كما فعل مهاتير في التسعينات) والمنع الصارم لاي قوات نظامية في انتاجها او تصديرها مع القضاء الفعلي للسوق الموازي للعملات.
ومكافحة التضخم الجامح حاليا وبالاساس، وفي اطار العلاقة التغذوية المتبادلة مع سعر صرف الجنيه السوداني والعرض الكلي المتناقص بالاقتصاد، والحد الاقصى لتمويل العجز من الجهاز المصرفي، العمل على ايقاف تمويل المصارف وشبه المصارف لكافة انواع واشكال السلع الاستهلاكية المعمرة والكمالية (اي مثلا كل ما يرتبط بالزينة خاصة المركبات لتقليص مدفوعات الواردات عليها) والرأسمالية الكمالية خاصة المعمرة ايضا.
وتنشيط بورصة الذهب والبترول السوداني المتاح والمحاصيل والثروة الحيوانية في أسرع وقت.
وعن الجانب المالي طالب بتوسيع قاعدة كافة المكلفين بدفع الضرائب والرسوم والغاء التقسيط وكافة الاعفاءات الضريبية والجمركية وتحصيل كافة الايرادات العامة التي تتعارض قوانينها مع هذا الهدف وذلك بتشريع سيادي يجمد كافة القوانين التي لا تسمح لها بتوريد ذلك الفائض او اموال التجنيب للخزينة العامة مع تفعيل شركات المساهمة العامة المتاحة خاصة في مجال الصادرات
و تخفيض الانفاق غير المرتبط باي عملية انتاجية والتقليص الحاد في عدد اللجان اللانهائي والغاء اي نوع من الإعفاءات وتقليص الوظائف بالخارج الى الحدود التي تناسب مبررها وتقليص فرص التدريب غير المثمر فنيا والذي يتم قبل التأسيس اللازم له واجبار وحدات القطاع على تخفيض تكاليف انتاج خدماتها المختلفة وتحويل فائض هذه الاجراءات نحو مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية الحقيقية، خاصة سريعة العائد الاقتصادي من الداخل والخارج.
وضرورة تنتظيم حملات مكثفة في الاسواق وتقنينها للحد من انشطة القطاع غير الرسمي بكافة الولايات وتهريب الواردات (المدفوع ثمنها بالعملات الاجنبية) الى الداخل للسيطرة على اسعار الصرف.

الشركات الرمادية

واكد الخبير المصرفي بجامعة الخرطوم بروفيسور ابراهيم اونور ان المطلوب لمواجهة التحديات الاقتصادية الماثلة فى العام القادم. تأمين الدعم الخارجي لموازنة الدولة لان جزءا معتبرا من موارد الميزانية يعتمد على الدعم الخارجي في شكل هبات ومساعدات خارجية وهذا لن يتحقق الا بعد تكوين حكومة مدنية انتقالية ولو بشراكة مع العساكر. و مطلوب ايضا وضع وزارة المالية يدها على موارد الدولة خاصة الشركات الرمادية وتحصيل ايرادات ضريبية على نطاق اوسع ومطلوب ايضا الاستفادة من ايرادات الذهب لدعم تثبيت سعر الصرف ومطلوب دعم الدول العربية والدول الغربية الصديقة لدعم استحقاقات سلام جوبا خاصة اتفاقياتي دارفور والمنطقتين والغاء بقية مسارات اتفاق جوبا.
وشدد علي ضرورة بذل كل الجهد الممكن لاستقرار الوضع السياسي الداخلي وتوحيد الصف الوطني في الداخل.
وتنبأ اونور في حديثه لـ( الإنتباهة ) ان يواجه الإقتصاد السوداني خلال العام المقبل 2023 تحديات خطيرة قد تؤدي إلى انهيار سياسي وامني في السودان ما لم تتم معالجة هذه التحديات من الآن ، وارجع ذلك هذه المشاكل نتيجة للصراع السياسي الذي اصاب الحاضن السياسي للحكومة المدنية في الفترة الماضية الأمر الذي تسبب في وضع سياسي غير مستقر والذي ألقى بظلال سالبة على كل مناحي الحياة في الدولة ،وقال يجب أن نتعرف على شقي موازنة الدولة، شق الايرادات وشق المصروفات. زيادة المصروفات على الايرادات يخلق عجزا في الموازنة يستدعي طباعة نقود جديدة لتغطية العجز وكلما زادت تغطية العجز بطباعة عملة ورقية جديدة زاد معدل التضخم في فترة لا تتجاوز 45 يوما من ادخال العملة الجديدة حيز التداول. مفترض تكون آدوات نقدية يصدرها البنك المركزي لتحييد العملة الإضافية للحيلولة دون تأثيرها على زيادة التضخم.

الحل السياسي
ويقول الناطق الرسمي لحزب البعث عادل خلف الله عضو اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير ان المعالجات الاقتصادية هي ليست معزولة من المطالب التي تم تقديمها مرارا وتكرار وآخرها المؤتمر الاقتصادي الأول ولكن ليتم تحقيق تلك المطالب نحتاج لاطار سياسي لتوفيق الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والامنية ، وجزم في حديثه لـ (الإنتباهة) أنه بعد انقلاب ٢٥ اكتوبر أصبح ليس بالإمكان اعداد اي معالجات اقتصادية على المدى القصير او المتوسط لإخراج الاقتصاد السوداني من ازمته الراهنة الا بإسقاط انقلاب ٢٥ اكتوبر وتصفية مايترتب عليه وذلك بسيطرة الدولة على كافة الموارد وتنميتها وإعادة توظيفها وتوزيعها بما يحقق التوازن للقطاع الاقتصادي و الأمني والعسكري عبر ولاية وزارة المالية على المال العام بما فيه من الانشطة التجارية للقطاع الأمني والعسكري فضلا عن السيطرة على الصادرات من خلال تولي شركات المساهمة العامة المختصة بكل سلعة باعتبار أن شركات المساهمة العامة تُحفز المنتجين وتزيد الإنتاج والانتاجية بجانب انها تضمن عودة حصائل الصادر من النقد الأجنبي من الخزانة العامة، علاوة على إنفاذ ماطرحه حزب البعث واكد عليه من خلال المؤتمر الاقتصادي وذلك بإنشاء بورصة الذهب والمعادن والمحاصيل والثروة الحيوانية بجانب تقوية العملة الوطنية او الجنيه لبناء احتياطات من النقد الأجنبي والذهب وتفعيل مكافحة الفساد والمراجع القومي .
إلغاء الزيادات الضريبية
وشدد خلف الله على ضرورة خفض الإنفاق الحكومي الاستهلاكي وتصويبه من رعاية ودعم التعليم والصحة والبنى التحتية ، بجانب إصلاح الجهاز المصرفي وإعادة النظر في السياسات النقدية التي أطلقها البنك المركزي منذ ٢٥ أكتوبر فضلاً عن تولي الدولة مسؤولية توفير المشتقات البترولية والقمح والدواء وذلك بضمان عرض مستقر منها وتجنُب السودان تقلبات الأسعار العالمية والفوائد المالية الناجمة عن ذلك لتنعكس على الإيرادات العامة وأشار إلى إن أبرز السياسات المطلوب الغاؤها الزيادات الضريبية و التي أدت إلى الركود الاقتصادي الحالي والارتفاع غير المسبوق على مستوى السلع والخدمات وارتفاع تكلفة المنتجات الوطنية مما أدى إلى خفض قدرتها التنافسية ، وتوقف اكثر من ٨٠٪ من المنشآت الاقتصادية حسب تقرير صادر من الغرفة الصناعية .

وضع متأزم
ويرى الخبير الاقتصادي د. عادل عبد العزيز ان السياسات المالية والاقتصادية في الحكومة السودانية منذ موازنة العام 2020 توجهت نحو رفع الدعم الاستهلاكي بصورة واضحة. تم رفع الدعم عن المحروقات، وعن “رغيف الخبز” بصورة كاملة، وعن الكهرباء والأدوية والمستلزمات الطبية بصورة جزئية. وبالنسبة للمستوردات من الخارج يتم احتساب القيمة الجمركية بسعر الدولار الحر السائد في السوق. ترتب على هذا ارتفاع هائل في تكاليف المعيشة للمستهلكين كما ترتب عليه ارتفاع هائل كذلك في تكاليف مدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي. أدى هذا للركود الذي تشهده الأسواق حالياً، كما أدى لخروج العديد من الصناعات السودانية من السوق.
واوضح عبدالعزيز لـ(الإنتباهة ) أن معالجة هذا الوضع المتأزم يحتاج لسياسات مالية واقتصادية تحفز الإنتاج وتدعمه، لقد أشارت مذكرة المشاركة مع البنك الدولي الموقعة مع الحكومة في 2020 إلى مصادر القوة في الاقتصاد السوداني بالقول: (قوة الأصول الاقتصادية، بما في ذلك الموارد الطبيعية، فضلاً عن ديناميكية السكان المتعلمين تعليماً عالياً.
وجود مجتمع قوي لديه موهبة للعمل الجماعي على المستوى الوطني والمحلي أيضا، وعلى مستوى القاعدة الشعبية من المهنيين والشباب والنساء.
تماسك مجتمعي ملحوظ ومرونة في مناطق النزاع على الرغم من الوضع المعاكس الموسوم بالعنف والنزوح وانعدام التنمية.
إن الدروس المستفادة من استراتيجية الهشاشة والصراع والعنف مع الخبرة المكتسبة من المشاركة السابقة لمجموعة البنك الدولي في السودان، يؤكدان أن الدرس الرئيسي المستفاد من الأنشطة السابقة لمجموعة البنك الدولي في السودان هو الأهمية القصوى لـشراكة تسمح بتوزيع موارد البنك الدولي، ومؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار لتحقيق أقصى تأثير إيجابي للبلد.
ودرس آخر مستفاد هو التأكيد على أهمية الاستثمار في أنظمة الدولة كأمر بالغ الأهمية لتقديم الخدمات العامة ولوضع الأساس للاستثمارات المستقبلية في سياق التنمية الإنسانية. والدرس الثالث المهم من عمل مجموعة البنك الدولي في السودان هو الحاجة إلى أن تكون العمليات والمشروعات حساسة تجاه اختلال التوازن الاجتماعي والاقتصادي بين المركز والأطراف. إن بناء المؤسسات في المركز لا يقل أهمية عن العمل مع المؤسسات دون الوطنية والحكومات المحلية. يساعد استخدام مثل هذا النهج في معالجة الدافع الرئيسي للهشاشة والاستجابة لتطلعات وأولويات المناطق البعيدة عن المركز).
وتركز مذكرة البنك الدولي على العون الخارجي، لكن يعتقد أنه من الضروري التوجه نحو حشد الموارد الداخلية والوطنية. ولتحقيق هذا الهدف يجب التخطيط لبرنامج واقعي وفعال يستهدف تحريك جمود الاقتصاد وزيادة الإنتاج. إن ودائع قطاع الأعمال والقطاع العائلي في النظام المصرفي السوداني لا تتجاوز 5 مليارات دولار، بالطبع لا يتصور توظيفها كلها للتنمية، لكن يمكن حفز جزء مقدر منها للدخول في دائرة الإنتاج عن طريق سياسات اقتصادية فعالة تستهدف في المقام الأول القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني.
كما ينبغي حفز مدخرات المهاجرين للمساهمة في بناء الاقتصاد على أساس ربحي لا خيري. ويجب النظر لجدية لتحقيق شراكة أو شراكات فاعلة مع كل من مصر، الصين، السعودية. والله الموفق.

حالات إفلاس

ويشير رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بمركز الراصد د. الفاتح عثمان إلى أن السودان يعاني من ركود عنيف عصف بالقطاعين الصناعي والخدمي بشكل كاد يدمرهما اذ تعرضا لخسائر كبيرة نتجت عنها حالات افلاس كثيرة وبمبالغ هائلة .
وقال لـ(الإنتباهة) انه على صعيد الاقتصاد الكلي حدث تحسُن كبير في استقرار سعر الصرف للجنيه السوداني وانخفض التضخم من 425، ٪ الى نحو 106٪ وفقاً للجهاز المركزي للإحصاء بينما قدره صندوق النقد الدولي بحوالي 79,6٪ ويعتبر ذلك انجازا كبيرا بيد ان الحكومة تخلصت من الدعم السلعي وتوفرت السلع وتراجع دور السوق الموازي في ادارة تجارة السودان الخارجية لصالح المصارف والمصرف المركزي وبات السودان مؤهلاً للتعامل مع المستثمرين بعد توحيد سعر الصرف للجنيه السوداني وعودة البنوك العالمية والإقليمية للتعامل مع البنوك السودانية سواء بشكل مباشر او عبر وسيط اقليمي.
ونبه الفاتح إلى أن اهم المطلوبات في الموازنة الجديدة تحريك الاقتصاد عبر ايقاف السياسات النقدية الانكماشية التي هدفت لتخفيض التضخم واستبدالها بسياسات تزيد من حجم السيولة النقدية بزيادة المرتبات ودعم المزارعين بجانب الانفاق على البنية التحتية وزيادة الدعم الاجتماعي والانفاق بشكل مباشر على قطاع الصادر وذلك ببناء شركات مساهمة عامة تعمل عن طريق الزراعة التعاقدية مع المزارعين وفق افضل المواصفات وافضل الاسعار الممكنة وذلك بالشراكة مع شركات اقليمية ودولية للولوج للسوق العالمية والإقليمية بمنتجات ذات جودة عالية وبكميات كبيرة ومثل ذلك في صناعة اللحوم وتسمين الماشية وصناعة الجلود والمنسوجات بغرض ضخ للاموال في قطاع الصادر والتعليم التقني لتدريب الشباب على المهن المطلوبة في السودان و السوق العالمية والإقليمية ليكون العائد منه ثلاثة أضعاف ما تم إنفاقه على الأقل.
صحيفة الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.