في الوقت الذي يحتفل في العديد من الأشخاص بقدوم العام الجديد، إلا أن البعض يمر بوقت عصيب خلال هذه الفترة، إذ يعانون من “اكتئاب بداية العام”.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن الاكتئاب بشكل عام، هو أحد الأمراض الشائعة في العالم، حيث يعاني حوالي 280 مليون شخص من هذا المرض، والذي قد يمثل “حالة صحية خطيرة”، وفي أسوأ حالاته قد يتسبب بالانتحار.
وتشير إلى أن الاكتئاب يميزه “الشعور الدائم بالحزن وفقدان الاهتمام في الأنشطة التي يتمتع فيها الشخص عادة”.
ما هو اكتئاب بداية العام؟
لاهاي عبدالحسين، متخصصة بعلم الاجتماع قالت إن اكتئاب بداية العام قد يعبر عن حالة “قد يعانيها البعض في ضوء الخيبات التي عانوها في السنة الماضية، وهو ما قد يولد ترقبا وحذرا لما يحمله العام الجديد من أحداث”.
وأضافت في حديث لموقع “الحرة” أنه قد يعبر عن “العجز عن التنبؤ بما هو جميل وممتع وسليم، وقد تضمحل مشاعر من هذا النوع ما أن تأخذ السنة الجديدة مسارها”، ولهذا يعتاد من يشعرون بذلك على تسميتها بـ”اكتئاب العام الجديد”.
وبحسب موقع “ويب ميد”، تمتاز فترة نهاية العام وبداية العام الجديد بتقييم البعض لإنجازاتهم خلال العام الذي مضى، والتي قد تكون مخيبة للآمال للبعض، خاصة إذا لم يرقوا إلى مستوى الطموح الذي خططوا له مسبقا.
سوزان نولين-هوكسيما ، أستاذة علم النفس في جامعة ييل قالت لـ”ويب مد” إن “النظر إلى الوراء، وما حققته هو أمر طبيعي إلى حد ما، حيث تتجاوز مشاكلك ومشاعرك من دون اتخاذ أي إجراء للتغلب عليها أو حلها”.
وتوضح “إذا كنت مصابا بالفعل بالاكتئاب، من الأرجح أن تقيم نفسك وإنجازاتك لتشعر وأنك أقل من الآخرين، مشيرة إلى أن هذا الأمر قد يزيد من حدة الاكتئاب”.
وتقول نولين-هوكسيما إن النساء “أكثر عرضة من الرجال” للإصابة بهذا الأمر.
وتابعت أن من “يجترون مشاكلهم مرارا وتكرارا” أكثر عرضة لانتقاد أنفسهم من دون أي سبب، ويكونون متشائمين.
أستاذ علم النفس في جامعة كاليفورنيا، إدوارد أبرامسون، قال للموقع إن “المراجعة” التي يجريها الشخص لنفسه عن قرارات السنة الماضية، أو ما يريده للسنة المقبلة، قد تحفز التفكير بأوجه التقصير لديه.
وأضاف أن “ما يزيد الأمر سوءا” جردة الحسابات التي يجريها الشخص خلال وقت يتخلله العديد من المناسبات والأعياد، إذ قد يزيد الأشخاص من لوم أنفسهم لعدم تحقيق توقعاتهم.
مدير الخدمات النفسية في مركز تالاهاسي التذكاري للصحة السلوكية، الطبيب لاري كوبيك، قال لموقع “فايس” إن ما ما يميز ليلة رأس السنة ويجعلها “مزعجة” هو “تركيزها على التفكير، والتي قد تجعل الشخص أكثر اكتئابا” خاصة إذا “كان الشخص يشعر أنه لا يرقى إلى مستوى أقرانه الآخرين”.
وزاد أن هذا اليوم تحديدا “قد يكون عصيبا لكل من أولئك الذين تم تشخيصهم سريريا بالاكتئاب، إذ أنه قد يفاقم شعورهم بالاضطراب، ويجعلهم في حالات مزاجية عاطفية موسمية مزعجة، وحتى غير المصابين بالاكتئاب فقد يشعرون بالحزن بهذا الوقت من العام”.
كيف يمكنك أن تتعامل مع “اكتئاب بداية العام”؟
ولتجاوز اكتئاب بداية العام، تنصح المتخصصة بعلم الاجتماع، عبدالحسين “بتعزيز قوة الجماعة، ومساعدة هؤلاء الأشخاص على تعميق روح التعاون البناء والهادف، وإشراكهم بالعمل الذي يقود إلى تخليصهم من المشاعر السلبية والمعطلة”.
وأشارت إلى أن “النساء أكثر عرضة للاكتئاب على مستوى الحياة العامة مما يتطلب مزيدا من الاهتمام، ليس على سبيل التكريمات الجوفاء، وإنما على سبيل الاعتراف بإمكاناتهن ليكن فعالات ومقبولات وشريكات حقيقيات في صنع الحياة”.
ويدعو الطبيب كوبيك إلى عدم المخاطرة خلال هذا اليوم بالانقياد وراء التقاليد الاجتماعية، وعليك أن تفعل ما تراه الأفضل بالنسبة لك، خاصة في ظل الضغوط لقضاء الوقت في الخارج والاحتفال طوال الليل.
وتابع أنه من الجيد أن تشعر “بمشاعرك حتى عندما تكون سلبية، ولكن الطريقة الوحيدة لعدم الشعور بالاكتئاب والقلق هي أن تكون صخرة (أي مجردا من المشاعر)”، مشيرا إلى أن الاكتئاب والقلق مشاعر إنسانية، ولكنها يمكن أن تصبح خطرة إذا أصبحت شديدة أو طويلة الأمد.
وينصح الطبيب كوبيك بمراجعة مختصين والحديث معهم أكان للتعبير عن مشاعرك أو لطلب المساعدة.
ويستعرض موقع “ويب ميد” ستة أمور تساعد على تجاوز اكتئاب بداية العام، يقترحها علماء النفس:
أولا، إذا كنت تتوقع أنك ستجتر الأفكار السلبية قبل نهاية العام، ضع خطة لتقليل التفكير فيما واجهته.
ثانيا، لا تفكر في عيوبك، وفكر في الأسباب التي حالت دون تحقيق ما أردته.
ثالثا، بدلا من من التفكير بسلبية، اسأل نفسك: “ما الذي يمكنني فعله لتغيير موقفك؟”
رابعا، حاول أن تشغل نفسك وتبقى نشيطا، مارس الرياضة لتشتت انتباهك عن اجترار خيبات الأمل.
خامسا، ضع أهدافا للعام المقبل قابلة للتحقيق، وليست مجرد أحلام.
سادسا، تأكد من طموحاتك وأهدافك أنها واقعية، وقد تقوم بتقسيمها إلى مراحل.
الحرة / خاص – واشنطن