- قادة الحركة: مناوي آحادي القيادة، مُتسلط، مُتخبط وفاشل إدارياً..
- عدد أقرباء مناوي ووزير المعادن الذين تم تعيينهم بقطاع المعادن أكثر من (100) موظف
- مراقبون: الحركة بلا مجلس تحرير ثوري وبلا مكتب سياسي وبلا مكتب تنفيذي
- بدأ أول معاركه الخاسرة في مؤتمر حسكنيتة، وشق الحركة لمجموعتين
- على خلفية اتفاق أبوجا، مناوي: لست مساعداً للرئيس ووضعي أشبه بمساعد الحلّة في اللواري السفرية
الجريدة – عبدالرحمن العاجب
في قرية (فوراوية) النائية التي تتوسط الرمال في أقصى الشمال الغربي لإقليم دارفور، وفي بيئة صحراوية قاحلة نهاية ستينيات القرن المنصرم جاء مولده.. لم يتوقع أفراد أسرته البسيطة أن يكون لهذا الفتى شأن في مقبل الأيام.. لاحقاً صار مني أركو مناوي من الشخصيات السودانية المثيرة للجدل.. مناوي المولود في العام ١٩٦٨م وبعد بلوغه سن الدراسة التحق بمدرسة فوراوية الابتدائية، ثم مدرسة كرنوي المتوسطة، ثم مدرسة الفاشر الثانوية، ولظروف عديدة فشل مناوي في الدخول للجامعة، ولكنه فيما بعد درس اللغة الإنجليزية والفرنسية في تشاد خلال عامي 1994 -1996 وبعدها عمل معلم بمدارس الأساس في منطقة بويا.
بين فوراوية وزالنجي:
ما بين قرية (فوراوية) الوادعة التي تتوسط صحارى وتلال شمال دارفور ومدينة (زالنجي) الوريفة التي ترقد على ضفاف أعرق وديان دارفور قام (عبدالواحد محمد نور) مع رفيقه (مني أركو مناوي) وآخرون بتأسيس حركة تحرير دارفور والتي تم تغيير اسمها بعد فترة قصيرة إلى حركة تحرير السودان.. وبعد إعلان مولد الحركة رسميا تقلد عبدالواحد منصب رئيس الحركة، بينما تقلد مناوي منصب الأمين العام للحركة.
الصعود للقمة والهبوط:
بسرعة فائقة ووتيرة متسارعة لمع نجم قادتها إثر اعتداء الحركة على مطار مدينة (الفاشر) حاضرة ولاية شمال دارفور.. الاعتداء عده البعض أول عملية نوعية تنفذها الحركة بعد تأسيسها، وظهر وقتها الرجلان في القنوات الفضائية والإذاعات في 2003 ولكن قبل أن تمضي ثلاث سنوات على تأسيس الحركة الوليدة ضربتها صراعات عنيفة أدت الى انشقاقها في مؤتمر (حسكنيتة) الشهير الذي عقد عام 2005 والذي بموجبه انقسمت الحركة إلى جناحين الأول يقوده عبدالواحد والثاني يقوده مناوي.
من حسكنيتة إلى أبوجا:
تجاوزت الحركة محطة (حسكنيتة) وأصبحت في واقع الأمر حركتين كل منهما تحمل اسم تحرير السودان، واختارت مجموعة مناوي الاتجاه غربا صوب العاصمة النيجيرية (أبوجا) وبعد مفاوضات عسيرة توصلت هناك لاتفاق مع الحكومة السودانية في العام 2006 وبعد توقيع اتفاقية (أبوجا) وبموجب الاتفاقية شغل مناوي منصب كبير مساعدي رئيس الجمهورية ورئيس السلطة الإنتقالية لولايات دارفور.
مساعد الرئيس والحلة:
مناوي الذي لا يعرف الخرطوم كثيراً، جاء إليها قادماً من أقصى الشمال الغربي لإقليم دارفور، وبفضل إتفاقية أبوجا أصبح الرجل الرابع في الدولة، وعندما تم تعيينه كبير مساعدي رئيس الجمهورية ورئيس السلطة الانتقالية لولايات دارفور ظل مناوي قابعا في القصر الرئاسي بلا مهام سوى كان ذلك في القصر أو سلطة دارفور الانتقالية التي كانت سلطاتها الفعلية بيد ولاة الولايات، وعندما وجد مناوي نفسه بلا عمل يؤديه بالقصر الجمهوري سخر من نفسه في ندوة شهيرة بدار حزب الأمة في ديسمبر من العام ٢٠٠٩م فقال ما معناه أنا لست مساعداً للرئيس ووضعي أشبه بمساعد الحلّة في اللواري السفرية، وبعدها خرج مناوي من الخرطوم مغاضبا وأعلن تمرده على النظام.
مكاسب ومغانم شخصية
وبالنسبة للكثيرين فإن كل الشعارات والقيم السامية التي رفعتها حركة تحرير السودان بقيادة مناوي تحولت إلى مكاسب ومغانم شخصية وأسرية، وفي إتفاقية أبوجا التي تم توقيعها في عام 2006 م بين الحكومة السودانية والحركة استولى مناوي وأبناء أسرته على معظم الوظائف في السلطة الانتقالية لدارفور وعلى الوظائف على المستوى القومي والولائي وقدم اسوأ نموذج للهيمنة والإقصاء، وانتهت تجربة أبوجا بمكاسب شخصية للأفراد، ولم تحقق أي نجاح يذكر للإقليم وشعبه المكلوم.
القائد في متاهته
وبعد خروج مناوي وإعلان تمرده على حكومة الخرطوم دخلت حركته في أزمة جديدة من الأزمات التي ظلت تعاني منها الحركات الدارفورية، التي عانت منذ تأسيسها وبدايات الأزمة الدارفورية من آفة الانقسامات، وبسبب تمرّد مناوي أعلنت الحركة تجميد نشاط قائدها من رئاسة الحركة والمجلس القيادي وتكوين مجلس سياسي عسكري مؤقت لإدارة شؤون الحركة لحين انعقاد المؤتمر الاستثنائي.. واتخذ (62) قائداً سياسياً وعسكرياً قراراً بتجميد نشاط الرجل الأول في الحركة، ومن أبرز القادة الذين اتخذوا القرار: رئيس مجلس التحرير الثوري عيسى بحر الدين، مساعد الرئيس لشؤون التنظيم والإدارة مبارك حامد علي (دربين)، مساعد الرئيس للشؤون السياسية علي حسين دوسة، مساعد الرئيس لشؤون الشباب والطلاب الفاضل التجاني بشير، الناطق الرسمي ذو النون سليمان، قائد عام استخبارات الحركة حسن صالح نهار، الناطق الرسمي لجيش الحركة محمد حامد دربين وغيرهم من القيادات السياسية والعسكرية.
مبررات فوق الموضوعية:
وذكر قادة الحركة الذين قاموا بعزل مناوي في أكتوبر ٢٠١٠م أن الرجل ظل على الدوام يقف سداً منيعاً ضد عملية الإصلاح التي ينشدها منتسبي الحركة والنهوض من مآلات التدهور التنظيمي والسياسي الناتج من سوء إدارة مؤسسات الحركة، ووصفوا طريقة مناوي في إدارة الحركة بالتسلطية والآحادية، فضلاً عن إفراغ المؤسسات التنفيذية والتشريعية من مضامينها؛ الأمر الذي عطل أجهزة الحركة، ووصفوا ما يقوم به بأنه تخبط إلى جانب فشل سياساته في إدارة عملية السلام ومؤسسات الحركة، واتهمت المجموعة الرجل بأنه ظل يعمل على تغييب مؤسسات الحركة التنفيذية والرقابية فضلاً عن انفراده بصناعة واتخاذ وتنفيذ القرارات، وإدارة الحركة خارج الأطر التنظيمية الواردة في النظام الأساسي، إضافةً الى سوء إدارته لأموال الحركة وعدم توظيفها وصرفها خارج مصالح الحركة وكذا رفضه تقديم التقارير المالية طيلة فترة إدارته وتهرّبه من سداد المديونيات مخالفاً بذلك النظم واللوائح المالية.
لا فرق بين أبوجا وجوبا
وبحسب الواقع فإن إتفاقية جوبا لم تختلف عن اتفاقية أبوجا كثيراً، وتحولت مكاسب إتفاقية جوبا للسلام مسار دارفور إلى مكاسب شخصية وقبلية، وفي عملية وصفها البعض بأنها (تمكين قبلي) أسوأ من تمكين الإنقاذ ونظامها البائد قام مناوي بتعيين نفسه حاكماً لإقليم دارفور وتعيين إبن عمه محمد بشير عبدالله أبو نمو وزيراً للمعادن وإبن عمه عبدالعزيز مرسال وزيراً للمالية في حكومة إقليم دارفور، بجانب تعيين عدد من أبناء أسرته من الفاقد التربوي في وظائف قيادية في حكومة الإقليم وقطاع المعادن في رئاسة الوزارة وشركات الوزارة مثل الشركة السودانية للموارد المعدنية وشركة سودامين وشركة ارياب، وبلغ عدد أقرباء مناوي ووزير المعادن الذين تم تعيينهم بقطاع المعادن أكثر من (100) موظف.
جنرال الرهانات الخاسرة
ظل الجنرال مناوي طوال مسيرته السياسية يقدم رهانات خاسرة، كما أنه ظل على الدوام يدخل في معارك وحروب سياسية خاسرة، بدأ أولى معاركه الخاسرة في مؤتمر حسكنيتة الذي بسببه انشقت الحركة لمجموعتين وبسبب هذا الانشقاق ضاعت قضية دارفور المركزية العادلة، وبعد أن اختار الجنرال الانحياز لعملية السلام وتوقيع إتفاقية أبوجا فشل فشلا ذريعا في تحقيق مكاسب تنموية لإقليم دارفور، وعندما اختار التمرد مرة أخرى فشل في الالتزام بالعهود والمواثيق مع رفاقه في تحالف الفجر الجديد والجبهة الثورية ونداء السودان.
التنكر للمبادئ
ويؤكد الواقع الماثل أن حركة مناوي تنكرت لمبادئها الاساسية التي قامت من أجلها، وأهم هذه المبادئ نصرة المهمشين والمظلومين، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وفيما يبدو أن هذه هي الشعار الرئيسية التي دفعت ملايين السودانيين بشكل عام والدارفوريين بشكل خاص للإنضمام لها أو الإلتفاف حولها أو تأييدها أو التعاطف معها والإنحياز لصفها بصور شتى بحكم أن الغالبية الساحقة من السودانيين مهمشين، وكان شعب دارفور يتوقع أن تفتح تلك الحركة نافذة جديدة للمهمشين في سودان جديد تسوده المساواة والعدالة الاجتماعية، ولكن ذهبت تلك الأحلام والأمنيات أدراج الرياح.
مرحلة جديدة وواقع قديم:
وبعد توقيع اتفاقية جوبا للسلام في الثالث من أكتوبر 2020م دخلت حركة مناوي في مرحلة جديدة من عمر الدولة السودانية، ولكنها سرعان ما تنكّرت لمبادئها الأساسية بمجرد تنفيذ بند المشاركة السياسية في الجهاز التنفيذي وتنصيب مني أركو مناوي حاكماً لإقليم دارفور في 10 أغسطس 2021م ومنذ تعيين مناوي حاكما للإقليم ظل الواقع على الأرض في حالة تراجع للأسوأ، وإذا عقدنا مقارنة بين الأوضاع في إقليم دارفور قبل تعيين مناوي وبعد تعيينه، فإننا نجد أن الأوضاع قبل تعيين مناوي كانت أفضل بكثير، وبعد تعيينه ازدادت وتيرة الانفلات الأمني، وشهدت ولايات دارفور صراعات عنيفة وتفلتات أمنية، كما لم تشهد جميع الولايات تنفيذ مشاريع تنموية وظل الوضع كما هو عليه في الماضي بل إزداد سوء.
حكومة الرجل الواحد:
بحسب الواقع أن حكومة إقليم دارفور والتي لاوجود لها في الواقع أصبحت حكومة الرجل الواحد (حكومة مناوي) هو الذي يعين الموظفين بحسب مزاجه الشخصي، ويذكر أنه قام بإعلان التنافس على وظيفة منصب الأمين العام لحكومة إقليم دارفور، وبعد ان تقدم المتنافسون بطلباتهم وقبل انتهاء فترة التقديم وفرز الطلبات قام في مخالفة صريحة لما أعلنه بنفسه بتعيين الدكتورة توحيدة عبدالرحمن يوسف وهي متخصصة في الغابات في منصب الأمين العام لحكومة الإقليم، وتفيد المتابعات أن هناك عدد من أبناء دارفور الكفاءات تقدموا لهذه الوظيفة، ولكن مناوي بسلوكه الكيزاني أراد أن يأتي بكادر ضعيف للسيطرة عليه وقد كان.
لجنة خبراء الكيزان:
ومضى مناوي إلى أكثر من ذلك عندما قام بتعيين لجنة خبراء إقليم دارفور والتي تتكون من ( 12) عضواً والمدهش أن لجنة الخبراء بها ثلاثة قيادات بارزة من قيادات النظام المدحور وحزبه المقبور (المؤتمر الوطني) ومعظم أعضاء لجنة الخبراء كانوا يعملون مع النظام البائد في مواقع مختلفة.. فكيف للجنة خبراء بهذا الشكل أن تقدم استشارات مفيدة تقود إلى معالجة مشكلات إقليم دارفور وشعبه المكلوم والمغلوب على أمره، وزاد مناوي الطين بلة عندما قام بتعيين (2) من أعضاء لجنة الخبراء في حكومة إقليم دارفور وهم أيضا من الكيزان.
حركة مناوي وإخوانه
وبالنسبة للبعض فأنه يجب أن يتم حذف اسم تحرير السودان من الحركة ليصبح اسمها حركة مناوي وهو الاسم الحقيقي بحسب الواقع بعد أن أصبحت الحركة بلا مجلس تحرير ثوري وبلا مكتب سياسي وبلا مكتب تنفيذي وأصبحت حركة الرجل الواحد (حركة مناوي) وأصبحت لا تختلف كثيراً عن حزب المؤتمر الوطني المقبور الذي كان يترأسه المخلوع عمر البشير الذي كان يسيطر بشكل كامل على الحكومة والحزب.
الحركة وهيمنة الكيزان
هيمنة الكيزان على مفاصل حركة مناوي أصبح واقع يمشي بين الناس ولا يستطيع أن ينكره أحد، وازداد الأمر سوء داخل حركة مناوي بعد أن سيطر عليها إبن أسرة مناوي الكوز المعروف نور الدائم طه مساعد مناوي للشؤون الإعلامية والذي أصبح الرجل الثاني داخل الحركة بعد الرئيس، ولعب طه دور كبير في سيطرة الكيزان على الحركة والمؤسسات التنفيذية التي تديرها الحركة عندما ساهم مع وزير المعادن محمد بشير أبو نمو والذي لم نتأكد من حقيقة انتمائه للحركة الإسلامية حتى الان، ساهم طه في تعيين الكوز المعروف بجنوب دارفور وكادر الأمن الشعبي سليمان أحمد حامد الشهير ب(كنج) مديراً لشركة سودامين التابعة لوزارة المعادن، وتعيين الكوز وكادر الأمن الشعبي أحمد هارون التوم مديراً تنفيذيا لمكتب وزير المعادن، ويذكر أن الرجلين ليس لهما علاقة بمؤسسات الحركة وعملية تعيينهم تمت بصلة القرابة.
المساومة على المبادئ :
وبعد ثورة ديسمبر المجيدة وضعت حركة مناوي يدها على أيدي من سفكوا دماء الشعب السوداني واغتصبوا حرائره وحرقوا القرى بدارفور وجبال النوبة وكردفان وبإعتصام القيادة العامة للجيش السوداني، وابتعدت الحركة عن خطها الثوري في التغيير الجذري للدولة، وأصبحت تساوم على مبادئها، ولم يعد هنالك فرق بينها وبين الكيزان الذين أفنى الشعب السوداني العمر للنضال ضدهم، وبلغ تنكر حركة مناوي لمبادئها مداه في التحالف مع جنرالات البشير ومليشياتهم في خطوة أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها خيانة لدماء شهداء التحرير والهامش، وظلت الحركة تتنكر بشكل مستمر لمبادئها، فبينما يتحدث رئيسها عن التحول الديمقراطي والدولة المدنية والسودان الجديد نجده في الضفة الأخرى يتمسك بدولة السودان القديم واللجنة الأمنية (جنرالات البشير).
تناقض في المواقف:
وظلت حركة مناوي في حالة تناقض مستمر وفي الوقت الذي تتحدث فيه عن إزالة التهميش، نجدها تتحالف مع من تسببوا في التهميش، ولا يستقيم عقلاً التمسك بالدولة القديمة وفي ذات الوقت الحديث عن إزالة التهميش، ومعلوم أنه لا يمكن انهاء التهميش ما لم يتم تفكيك الدولة القائمة واقتلاعها من جذورها وبناء دولة جديدة على أسس جديدة يتفق حولها جميع السودانيين.. فيما لايخفى على أحد دعم حركة مناوي لانقلاب 25 أكتوبر ومواقفها المعلنة ضد حكومة الفترة الانتقالية ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك، ووقوفها المعلن ضد لجنه إزالة التمكين، والمطالبة بشكل معلن بالإنقلاب.
دعم المكون العسكري:
ويبدو واضحاً أن موقف حركة مناوي وقادتها الداعم للمكون العسكري في الحكومة الانتقالية، يمثل الوقوف ضد مشروع الهامش والتحرير العريض، والقوى الداعية للتغيير، ويمثل وقوف ضد التحول المدني الديمقراطي، ويمثل خيانة لدماء شهداء الثورة السودانية الذين قدموا ارواحهم من اجل العزة و الكرامة والحرية للشعب السوداني الذي كان يتوقع من الحركة التمسك بطرحها الأساسي في بناء دولة جديدة وتنفيذ مشروع السودان الجديد الذي يسع جميع السودانيين، َوسعيها بشكل جاد للتغيير الجذري، والعمل مع السودانيين وأحزابهم السياسية على بناء دولة جديدة يسود فيها حكم القانون ويتساوى فيها الجميع، ولكنها اختارت أن تورث النظام المقبور وتمضي في خطه وتتبنى سلوكه الكيزاني المعلوم للجميع.
الإصلاح أو الطوفان:
وكان للشعب السوداني آمال عراض وأشواق في أن تكون حركة مناوي هي رأس الرمح في التغيير الجذري وبناء سودان الحرية والسلام والعدالة الذى حلمت به الاجيال بعد ثورة ديسمبر المجيدة، سودان تسوده المحبة وتظلله العدالة الإجتماعية ويعيش سكانه في سلام مع بعضهم ومع الآخرين، وكنتيجة للممارسات الكيزانية التي أصبحت سمة أساسية لحركة مناوي من الطبيعي ان تنقطع العلاقة بين أهل الهامش والحركة، ولم يعد المهمشين أنفسهم ينظرون للحركة بأنها تجسد آمالهم في السودان الجديد الذي كانوا يحلموا به، وبعد المتاهة التي دخلت فيها حركة مناوي وادمان الفشل الذي لازمها لفترات طويلة يمكن القول إن الإصلاح السياسي لتلك الحركة خرج من كونه فرض كفاية ليصبح فرض عين عليها.. وسيبقى أمام تلك الحركة خياران أما ان تبدأ وبشكل عاجل في تحقيق مشروع إصلاح سياسي جاد يمكنها من مواكبة المتغيرات السياسية والاجتماعية أو تذهب إلى مذبلة التاريخ غير مأسوفا عليها.
وفيما يبدو أن سخرية الأقدار هي التي صنعت الجنرال مناوي الذي لم يعرف كثيراً في السياسة، رحلة الجنرال الممتدة من ٢٠٠٦م وحتى الان مليئة بالمناطق المظلمة ومزروعة بالافخاخ، ولازال الرجل يمعن النظر ببلاهة إلى الجماهير الذين يخاطبهم ويفترض فيهم الغباء ظنا منه أنها نفس الجماهير القديمة بغبائها المعهود، ولكنها في الواقع وعت الدرس تماماً وحتما ستنتفض في يوما ما لتذهب بالجنرال مناوي إلى مذبلة التاريخ غير مأسوفا عليه، ووقتها سيعرف جنرال الحروب الخاسرة أن الجماهير هي صاحبة القرار في أي عملية سياسية في البلاد وليس الجنرالات والقادة السياسيين الفاشلين.
الجريدة
حرية، سلام، وعدالة
وغمضُ العين عن شرّ ضلالٌ *** وغضّ الطرف عن جورٍ غباءُ