سودافاكس ـ المثل شطر من بيت للشاعر ابن سهل الأندلسي(هيهات لا تخفى علامات الهوى، كاد المريب بأن يقول خذوني)،ويضرب هذا المثل لمرتكب الخطأ الذي أوشك من شكه بنفسه ومن كثرة خوفه أن يفتضح أمره، فيشير إلى مايخفيه بفلتات لسانه أو بتصرف أحمق..
(جبريل الخرخار) سلسلة درامية سودانية تناولت عبر حلقات مشكلة (الخرخرة والخرخارون)، بمعنى التراجع عن أمر ما أو اتفاق ما ونقضه بعد الموافقة عليه، وغالبا ما تسود الخرخرة بين الصبية الصغار عند ممارستهم لأية لعبة، ودائما ما يشتهر بينهم خرخارون غير ديمقراطيون يعملون على فركشة اللعبة وعرقلتها عند احساسهم بأن مسار اللعب حسب قواعده المعروفة لن يمضي في الاتجاه الذي يريدونه، ولا أدري لماذا اختارت السلسلة الدرامية اسم جبريل دون كل الأسماء لتنصبه ممثلا للخرخارين، وعلى أي حال وقع الاسم عندي موقعا حسنا لمناسبته لما أنوي التطرق اليه، غير أني هنا أطلق الجزء وهو اسم جبريل وأريد الكل وهو الكتلة الديمقراطية التي يعتبر جبريل ابراهيم وزير المالية أحد أكبر عرابيها، للخرخرة التي مارستها هذه الكتلة بنكوصها عن ما وافقت عليه والتزمت به وبلعت ذمتها ولسانها قبل أن يجف مداد الاتفاق الذي وافقت عليه..
والاتفاق الذي خرخرت عنه وانقلبت عليه الكتلة (متعودة دايما)، كان هو ما تمخض عن اللقاء الذي استمر لأكثر من ست ساعات وجمع وفد ممثل للكتلة بنائب رئيس مجلس السيادة وقائد الدعم السريع حميدتي وقائد ثاني الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، استكمالا لمبادرة تقريب وجهات النظر بين الحرية والتغيير الكتلة الديموقراطية، والأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري، التي ابتدرها البرهان قبل أن ينسحب منها لاحقا، وفي نهاية الاجتماع خرج ممثلو الكتلة على الملأ وأعلن ممثلهم د.سليمان صندل على رؤوس الأشهاد، أنهم اتفقوا بنسبة 95%، وأن نسبة ال5% التي لم يتم الاتفاق عليها، ستستمر المشاورات حولها بين الطرفين، ضمن مبادرة نائب رئيس مجلس السيادة، لتكملة ما تبقى من قضايا، وصولا للتوقيع على الاتفاق الإطاري. وقرظ صندل هذا الاتفاق تقريظا كبيرا وقال فيه شعرا مثمنا له، وكال سيلا من الاشادات بحميدتي وحدبه على الوطن، ولكن قبل ان يجف مداد هذا الاتفاق وبينما لا يزال صداه يتردد في الأثير، اذا بالكتلة تتنصل عن هذا الاتفاق وتنكص عنه على عقبيها و(تلكنها)، وتحاول في عملية (خرخرة ولولوة) مكشوفة ومفضوحة تبرير هذا الموقف المتناقض والمعيب، فمن العيب قول (لا) بعد (نعم) على قول الشاعر(حسن قول نعم بعد لا ..وقبيح قول لا بعد نعم)،
ويبدو جليا من هذين الموقفين المتناقضين والمتقاطعين بالكلية، أن الكتلة واجهت ضغوطا من مصر صاحبة المبادرة اياها، للتراجع عن ما تم في الاتفاق، وما يعزز هذه الفرضية أن بيان الكتلة اللاحق الذي أعلنت من خلاله نكوصها عن الاتفاق، أنها أشارت فيه لغير ما مناسبة، الى إنها ماضية في استجابتها لدعوة جمهورية مصر العربية لتسهيل حوار سوداني سوداني خالص، و تتطلع إلى أن يعين لقاء القاهرة على تقريب وجهات النظر بين كافة الأطراف السودانية التي قبلت الدعوة،وبقولها هذا فضحت الكتلة نفسها من حيث لاتدري، وانطبق عليها مثل (كاد المريب بأن يقول خذوني)، والمثل شطر من بيت للشاعر ابن سهل الأندلسي(هيهات لا تخفى علامات الهوى، كاد المريب بأن يقول خذوني)،ويضرب هذا المثل لمرتكب الخطأ الذي أوشك من شكه بنفسه ومن كثرة خوفه أن يفتضح أمره، فيشير إلى مايخفيه بفلتات لسانه أو بتصرف أحمق..
الجريدة