(شينخوا) شعر محمد، وهو ضابط بارز في الجيش السوداني، بتعافيه من الألم الذي كان يشعر به في مفصل الركبة بعد أن زار مرتين ما أسماه “غرفة الإبر السحرية”، وهي عيادة صينية أقيمت داخل القصر الرئاسي في العاصمة السودانية الخرطوم.
وفي تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا))، قال محمد، الذي طلب ذكر اسمه الأول فقط، إن “علاج الوخز بالإبر مذهل وسحري”، مستذكرا علاج “الوخز بالإبر الدافئة” الذي تلقاه في العيادة.
وتقدم العيادة، التي أقيمت قبل عقدين من الزمان، نشاطها العلاجي بمساعدة فرق متعاقبة من الأطباء الصينيين الذين أُرسلوا إلى السودان لتقديم المساعدة الطبية.
وقبل تلقيه العلاج، كانت ركبة محمد تتأثر بالبرودة، وهو عرض يسمى في الطب الصيني التقليدي بالتهاب المفاصل المرتبط بالبرودة، وقد تمكن طبيب صيني متخصص في الوخز بالإبر يعمل في العيادة، من علاج ركبة ضابط الجيش السوداني باستخدام “الوخز بالإبر الدافئة”، حيث يتم إدخال تلك الإبر في أماكن استراتيجية من الجسم.
وقد أثبت علاج “الوخز بالإبر الدافئة”، الذي يعود تاريخه إلى عهد أسرة هان الشرقية (25-220 بعد الميلاد)، فعاليته في القضاء على بعض الآلام في الجسم. وبعد تجربته المذهلة في العيادة، أوصى محمد رفاقه بتلقي “علاج الإبر السحري”.
ويزور العيادة الصينية يوميا ما يقرب من 40 إلى 50 مريضا لتلقي العلاج الصيني التقليدي، والذي يتألف من الوخز بالإبر والكي، والمعروف بإجراءاته البسيطة ونتائجه السريعة.
وتعاون عبد العزيز أحمد سعد، مدير الوحدة الطبية في القصر الرئاسي السوداني، مع عشرات الأطباء الصينيين في العيادة خلال العقدين الماضيين.
وفي معرض إشادته بالطب الصيني التقليدي الذي يحظي بقبول واسع بين السودانيين، قال سعد في تصريح لـ((شينخوا)): إن “الوخز بالإبر الصينية علاج فعال ذو نتائج ممتازة، حيث أظهر معظم المرضى الذين تلقوا هذا العلاج تحسنا كبيرا فيما يتعلق بالأعراض وقللوا من استخدام العقاقير الطبية”.
وأوضح سعد أن الوخز بالإبر يوفر العديد من الفوائد الجسدية والنفسية، مثل تخفيف الآلام وتخفيف الاكتئاب والحساسية وكذلك علاج شلل الوجه والسكتة الدماغية.
وأضاف أن “الصين دولة رائدة في علاج الوخز بالإبر، والذي تحظى التجربة الصينية فيه باعتراف عالمي. لقد أفاد العلاج البشرية وساهم في المجال الطبي”، معربا عن أمله في زيادة التعاون بين الصين والسودان في المجالات الطبية في المستقبل.
ويقول آن بنغ، الطبيب الصيني والخبير في مجال الوخز بالإبر والكي، والذي يعمل في العيادة منذ أربعة أشهر، إن معظم المرضى السودانيين يقدمون الشكر عقب تلقيهم العلاج بعبارة “عمل جيد، أيها الصديق الصيني”.
وبجانب العمل في العيادة، يقدم الطبيب آن وأطباء صينيون آخرون خدمات الطب الصيني التقليدي في مستشفى الصداقة الصينية-السودانية بأم درمان بالقرب من العاصمة الخرطوم، وكذلك في مستشفى أبو عشر في ولاية الجزيرة بوسط السودان.
وفي بعض الأحيان يجد الأطباء الصينيون الوقت لتقديم خدمات مجانية لسودانيين آخرين، إذ قاموا خلال فعالية تطوعية أقيمت في يوليو 2022 في دار “المايقوما” لرعاية الأيتام في الخرطوم، وهي أكبر دار لرعاية الأيتام في السودان تضم حوالي 300 طفل يتيم، بتعليم المعلمين هناك كيفية استخدام المساج الصيني لعلاج عسر الهضم والأمراض الشائعة الأخرى عند الأطفال.
ويعد مساج الأطفال جزءا مهما من الطب الصيني التقليدي وله تاريخ يمتد لأكثر من 2000 عام. واستنادا إلى نظرية “ميريديان” للطب الصيني التقليدي، فإن استخدام طرق خاصة لتحفيز نقاط الوخز بالإبر الخاصة بالأطفال يمكن أن يعالج بعض الأمراض أو يمنعها.
وعلى أحد جدران دار رعاية الأيتام، ترى لافتة مكتوب عليها حكمة للشاعر العربي المشهور أبو الفتح البُستي، والتي يقول فيها “ازرع جميلا ولو في غير موضعه فلا يضيع جميل أينما زرعا”.
ويضيف الطبيب آن بنغ أن هذه الحكمة تتناسب مع عمل الأطباء الصينيين الذين يقدمون خدمات طبية مجانية في السودان منذ عام 1971، وهو ما يسهم في نقل الصداقة والحب من الصين إلى الشعب السوداني.
ومنذ وصول الدفعة الأولى من الأطباء الصينيين إلى السودان عام 1971، أرسلت الصين حتى الآن إلى الدولة الأفريقية 37 فريقا طبيا يضم أكثر من 1100 عامل في المجال الطبي، والذين تمكنوا من علاج نحو 8 ملايين مريض سوداني، وأجروا أكثر من 200 ألف عملية جراحية، وذلك بحسب إحصاءات رسمية.